الساعة 00:00 م
الجمعة 06 يونيو 2025
22° القدس
21° رام الله
21° الخليل
25° غزة
4.74 جنيه إسترليني
4.93 دينار أردني
0.07 جنيه مصري
4 يورو
3.49 دولار أمريكي
4

الأكثر رواجا Trending

ذاكرة العيد تحلّ ضيفة في الخيام والمائدة مجرّد حنين

النساء الحوامل في الحرب.. مواجهة يومية مع نقص الغذاء وتهديد مستمر للحياة

"إسرائيل" تعترف رسميا برعاية الفوضى وتسليح "مليشيا أبو شباب" بقطاع غزة

حجم الخط
ياسر أبو شباب
القدس - وكالة سند للأنباء

تتابع حكومة الاحتلال الإسرائيلي تنفيذ سياسات ميدانية غير تقليدية في قطاع غزة، مستندة إلى أدوات غير رسمية وميليشيات محلية مسلحة، بدلاً من المواجهة المباشرة، وفي ظل هذه التطورات، طفت إلى السطح اعترافات رسمية متتالية تكشف عن حجم الانخراط الإسرائيلي في دعم الفوضى داخل القطاع، بذريعة "تفكيك حكم حماس".

تصريحات رئيس حزب "يسرائيل بيتنا" أفيغدور ليبرمان لم تعد تُقرأ في إطار المزايدة السياسية فحسب، بل أصبحت تمثل مؤشرًا خطيرًا، بعدما أشار صراحة إلى أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو صادق سرًا على نقل أسلحة خفيفة وبنادق هجومية إلى عائلات ومجموعات إجرامية في غزة، مضيفًا أن هذه الأسلحة "وصلت إلى أيدٍ لا تقل خطورة عن داعش".

ولم يقتصر الرد على نفي مباشر، بل جاء رد مكتب نتنياهو ببيان، قال فيه إن "إسرائيل تعمل على حسم المعركة ضد حماس بطرق مختلفة، بناءً على توصيات جميع قادة الأجهزة الأمنية"، مما بدا كأنه تبنٍّ ضمني لهذه السياسة المثيرة للجدل.

لاحقًا، سمحت الرقابة العسكرية الإسرائيلية بنشر معلومات بثّتها قناة "كان" الإسرائيلية، حيث أكدت أن "إسرائيل زوّدت مجموعات إجرامية في غزة ببنادق كلاشنيكوف"، مما شكّل أول إقرار رسمي بتسليح جماعات غير نظامية داخل القطاع، رغم مخاطر هذا السلاح على المدى القريب والبعيد.

من جهة أخرى، نقلت إذاعة الجيش الإسرائيلي عن مصدر أمني أن "السلاح الذي تم نقله إلى ميليشيا ياسر أبو شباب تضمن بنادق خفيفة، بعضها صودر سابقًا من حماس"، مضيفًا أن "المجموعة تنشط شرقي رفح، في مناطق تخضع لسيطرة الجيش الإسرائيلي".

وأكد المصدر أن "عملية التسليح جرت بمبادرة من أجهزة الأمن، وبموافقة صريحة من القيادة السياسية"، مما يعزز الرواية التي طرحها ليبرمان، ويُسقط نهائيًا فرضية "التصرف الفردي" أو الخطأ الاستخباري.

وبحسب ما زعمته إذاعة جيش الاحتلال، فإن مهام الميليشيا التي يجري تشكيلها في قطاع غزة تشمل "تأمين المساعدات الإنسانية" التي تدخل إلى القطاع، إلى جانب المشاركة في محاربة حركة حماس.

وادعت الإذاعة أن الخطة جرى إعدادها بالتنسيق مع الأجهزة الأمنية الإسرائيلية، وتمت المصادقة عليها من قبل المستوى السياسي دون عرضها على مجلس الوزراء، وفق ما نقلته مصادر مطلعة.

ويُشير ذلك إلى أن ميليشيا "ياسر أبو شباب" هي الجهة الوحيدة التي تتعاون معها إسرائيل بشكل رسمي في المرحلة الراهنة، ولا توجد أي جهات أخرى في غزة تتعامل معها بصورة مماثلة.

وبهذا، يتضح أن الربط بين هذه الخطوط المتناثرة ليس صعبًا: تصريحات ليبرمان، رد مكتب نتنياهو، تقرير "كان"، ثم تسريبات إذاعة الجيش، كلها تلتقي عند رواية واحدة مفادها أن إسرائيل تدير حالة الفوضى في غزة، وتدعم ميليشيات محلية مسلّحة، بهدف إضعاف المقاومة وإعادة تشكيل الواقع الأمني في القطاع.

والاعتراف النادر يُبرز أن المشروع الإسرائيلي في غزة لم يعد يقتصر على القصف والتجويع، بل بات يتوسّع ليشمل بناء "وكلاء فوضى" تحت غطاء أمني وسياسي مباشر.

في المقابل، لم تتأخر ردود الفعل السياسية الداخلية، حيث أعلن يائير غولان، رئيس حزب الديمقراطيين، في عدة تصريحات عاجلة أن "نتنياهو يبيع أمن إسرائيل مقابل يوم إضافي في السلطة"، واصفًا إياه بأنه "يصنع قنبلة موقوتة جديدة في غزة بدل التوصل إلى صفقة وإعادة الرهائن".

وشدد "غولان" على وجوب "إبعاد نتنياهو فورًا عن دائرة صنع القرار"، مما يضيف أبعادًا سياسية جديدة إلى هذه الأزمة الأمنية.

مَـن هو ياسر أبو شباب؟

ياسر أبو شباب من رفح جنوب قطاع غزة، وُلد عام 1993 وينتمي لقبيلة الترابين ذات الأصول القريشية، كان معتقلاً لدى الأجهزة الأمنية في غزة قبل 7 أكتوبر 2023 بتهم جنائية، وأُطلق سراحه بعد قصف الاحتلال الإسرائيلي لمقرات الأمن في القطاع.

برز اسمه عقب استهداف كتائب القسام قوة من "المستعربين" في رفح، التي تبين أنها مجموعة عملاء مجندين لصالح الاحتلال، تتبع مباشرة ما وصفته المقاومة بـ"عصابة ياسر أبو شباب".

أسس "أبو شباب" قوة مسلحة تتراوح أعدادها بين 100 و300 عنصر، تنتشر في رفح تحت رقابة الجيش الإسرائيلي، وتهدف هذه القوة إلى حماية المساعدات الإنسانية التي تدخل القطاع، بالإضافة إلى محاربة حماس، كما تورطت القوة في عمليات نهب واسعة للمساعدات الإنسانية وفق تقارير الأمم المتحدة ووسائل إعلام دولية.

وحاول ياسر أبو شباب استغلال انتمائه القبلي لخلق غطاء اجتماعي لأنشطته، لكن وجهاء قبيلته أعلنوا براءتهم منه وأكدوا رفضهم لأي تعاون مع الاحتلال، معتبرين أن القبيلة لم تحتضن من يخون شعبه ويخدم العدو.

ويتمركز "أبو شباب" وقوته شرق رفح، قرب معبر كرم أبو سالم، وهو المعبر الوحيد الذي يسمح الاحتلال بمرور المساعدات منه إلى غزة، كما تتموضع قوة ثانية تابعة لأبو شباب غرب رفح، قرب نقطة توزيع المساعدات ضمن ما عُرف بالآلية الأميركية الإسرائيلية لتوزيع الإغاثة الإنسانية.

سرقة المساعدات..

تتعرض شاحنات المساعدات الإنسانية التي تدخل قطاع غزة لعمليات سرقة منظمة من قبل جهات تعمل بتنسيق واضح مع قوات الاحتلال الإسرائيلي، حيث تستولي هذه الجهات على المساعدات ثم تقوم ببيعها بأسعار مرتفعة تفوق قدرة السكان المحاصرين على الشراء، ما يزيد من معاناة السكان ويمنع وصول الغذاء إلى من هم بأمس الحاجة إليه.

وتتم عمليات السرقة هذه تحت حماية مباشرة من الاحتلال، حيث لم تدخل أي مساعدات إلى المناطق الشمالية من القطاع منذ منتصف مارس/آذار الماضي، في حين تصل كميات قليلة جدًا إلى الجنوب لا تكفي لسد احتياجات السكان.

يرافق هذه السرقة تنسيق واضح بين قوات الاحتلال والمجموعات التي تنشط على الأرض، والتي تستولي على المساعدات الإنسانية الشحيحة، ثم تعيد بيعها بأسعار خيالية، مما يعكس سياسة ممنهجة لزيادة الضغط على السكان وتفاقم أزمتهم الإنسانية.

ويؤكد المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان أن قوات الاحتلال استهدفت مئات الفلسطينيين قرب نقاط توزيع المساعدات خلال فترة قصيرة، ما يشير إلى أن هذه النقاط تحولت إلى فخاخ قاتلة تستهدف المدنيين.

وتعتمد قوات الاحتلال سياسة "القتل بالجوع" من خلال حرمان السكان من الغذاء والشراب، ودفعهم إلى حالة من الفقر المدقع، حيث يجد الكثيرون أنفسهم عاجزين عن تأمين احتياجاتهم الأساسية، خاصة مع ارتفاع أسعار المواد الغذائية التي تُباع نتيجة سرقة المساعدات.

والوضع في شمال قطاع غزة هو الأسوأ، إذ لم تدخل أي شحنات مساعدات منذ شهور، فيما وصلت إلى جنوب القطاع كميات محدودة لا تلبي الحد الأدنى من الاحتياجات، ما يعكس سياسة إجرامية تهدف إلى إبادة السكان بشكل تدريجي من خلال التجويع والإذلال الجماعي.