يعيش قطاع غزة مأساة متفاقمة لا تقتصر على الأحياء فحسب، بل تطال حتى الأموات، في ظل أزمة خانقة تعيق دفن الشهداء، بسبب النقص الحاد في القبور، جراء تدمير الاحتلال الإسرائيلي عشرات المقابر في القطاع، ما أجبر ذوي الشهداء على الانتظار لساعات طويلة بحثا عن مكان ليواروا أحباءهم الثرى.
وفي مشهد يعكس الواقع المؤلم، يصطفّ العشرات من الأهالي في المقابر على أمل العثور على قبر شاغر أو إمكانية تجهيز واحد بديل، في ظل تكدس الجثامين على الأرض .
وقال ذوو شهداء لمراسل "وكالة سند للأنباء"، إنهم صدموا عندما قديموا إلى المقبر لدفن شقيقهم ليجدوا عشرات الجثامين تنتظر دفنها، ولا قبور جاهزة، مشيراً إلى أن الانتظار لفترات طويلة يُعد إهانة للشهداء، ويعكس حجم المأساة التي يعيشها أهل غزة أحياؤهم وأمواتهم.
وأضافوا أن الأزمة لا تتوقف عند شح القبور، بل تمتد لتشمل أيضا نقص الأكفان، إذ لم يعد هناك قماش أبيض كافٍ، ما دفع إلى استخدام أكياس بلاستيكية مخصصة لنقل الجثامين بديلاً عن الأكفان.
ولفتوا إلى أن معظم المقابر تقع في مناطق مصنفة خطرة تُجبر قوات الاحتلال المواطنين على إخلائها، ما يجعل عملية الدفن بحد ذاتها مجازفة خطيرة.
وذكرت بلدية خانيونس في تصريحات سابقة أنه تم مؤخرًا تخصيص أرض بجوار المخيم الجزائري في منطقة المواصي، لإنشاء نحو ألف قبر، في محاولة لتخفيف الأزمة، بعدما استهدف الاحتلال أكثر من 40 مقبرة من أصل 60 في القطاع، دمر منها 22 كليًا، وألحق أضرارًا جسيمة في 18 أخرى، ونبش جثامين أكثر من 2300 شهيد وسرقها.
ودفعت هذه الأوضاع المأساوية بالمواطنين إلى دفن الشهداء في مقابر جماعية داخل ساحات المستشفيات والمدارس والحدائق، وحتى في الشوارع والطرقات.
وبدعم أمريكي مطلق يشن الاحتلال الإسرائيلي حرب إبادة جماعية واسعة على قطاع غزة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، راح ضحيتها أكثر من 185 ألف شهيد، وعلى مدى أكثر من 20 شهرا، استخدمت "إسرائيل" الأحزمة النارية والقصف العشوائي، وارتكبت مجازر يومية بحق المدنيين، ودمرت العديد من المستشفيات والمدارس ومراكز إيواء النازحين.
