في شهر رمضان المبارك، تتجلى طقوس لطالما انتظرها الصائمون في الضفة الغربية طوال العام، فتتربع على موائد الإفطار أطباق لمأكولاتٍ شعبية عديدة، منها أكلة "العكّوب باللبن" المعروفة بـ "أكلة الملوك".
و"العكوب"، نبات شوكي أخضر، يطلق عليها الفلاحون "العجوب"، ينبت في جبال وأغوار فلسطين ومنطقة الجولان، ويعتبر من أفخر وأهم المأكولات الفلسطينية شهرة وتميزاً خاصة في موائد شهر رمضان.
"تفضل ربات البيوت أكلة العكوب باللبن خلال شهر رمضان"، كما تقول المواطنة رحمة أبو جمعة من مدينة نابلس.
ومنذ سنوات طويلة، تتمسك "أبو رحمة" بإحدى العادات المقدسة، وهي إعداد "العكوب باللبن" في اليوم الأول لرمضان ودعوة الأبناء لتناوله في بيتها.
وتشير لـ "وكالة سند للأنباء" إلى توافرها بشكل مجاني في جبال الضفة الغربية خلال وقت نضوجها، وبالرغم من الجهد الكبير في تنظيف النبتة من الأشواك، إلا أنها تقوم كل عام بجمع كمية لا بأس بها.
وبنبرة فخورة، تؤكد أنها "تتفنن وتستمتع بإعداد العكوب، ومعظم أفراد عائلتها يعدونه وجبتهم المفضلة".
أما عن طريقة إعداد هذه الأكلة التي يتميز بها أهل نابلس، تحكي سلمى السويطي من بلدة بورين لـ "وكالة سند للأنباء": "هناك عدة طرق لطبخ العكوب، لكنّ أشهر وأشهى الطرق، هي مع اللبن ولحم الخروف، أو الدجاج إلى جانب الأرز".
وتُبيّن "السويطي" أن اختلاف وتنوع أساليب طبخ أكلة العكوب، لا يُغيّر من شهيّة ولذة مذاقه، لافتةً إلى أنها من الأكلات السائدة في نابلس، سيما في شهر رمضان.
ومن الأسماء التي تُطلق على العكوب "أكلة ملوكية"، وما يعنيه أهل نابلس بهذه التسمية، أنها لا تُعد إلا للضيف العزيز تكريمًا له، وعادةً ما تكون الولائم الرمضانية مُزينة بطبق العكوب باللبن واللحم، أو مقلوبة العكوب.
وتعد أكلة "العكوب" الخيار الأمثل عندما يختلف أهل البيت، على الإفطار المقترح في رمضان، تقول عزيزة الأحمد: "نحن نُفضل الأكلات الشعبية، لذا عند أي نقاش مع زوجي عن أكلة الإفطار، ننسحب إلى العكوب الذي لا نختلف عليه في موائد رمضان".
مصدر رزق
وتقطف سهى الصفدي من نابلس كل عام العكوب لبيعه وتخزينه لرمضان وتستخدمه للطبيخ، ورغم المخاطر التي تواجه المزارعين الفلسطينيين، بسبب الملاحقة الإسرائيلية المستمرة لهم، إلا أنهم يحرصون على جمع أكبر قدر من "العكوب" ثم تنظيفه من الأشواك وبيعه.
وتقول "الصفدي، إنها باعت بحوالي 7 آلاف شيكل للمواطنين في شهر رمضان الماضي، مشيرةً إلى أن هذا الموسم يُعد مصدر رزق لكثير من العوائل الفلسطينية في الضفة الغربية.
وتتابع: "بعض العائلات النابلسية تعد أكلة العكوب وجبة يومية، حتى على مائدة الفطور، وهذا ما يزيد الطلب عليه سيما في شهر رمضان".
ويعتبر شهر آذار وشهر ابريل من كل عام، موسما لقطف وتسويق وتخزين و"تعكيب" نبتة العكوب.