الساعة 00:00 م
الثلاثاء 16 ابريل 2024
22° القدس
21° رام الله
21° الخليل
25° غزة
4.7 جنيه إسترليني
5.32 دينار أردني
0.08 جنيه مصري
4.02 يورو
3.77 دولار أمريكي
4

الأكثر رواجا Trending

تقرير النسيان حجة المطحونين بغزة

حجم الخط
فقراء غزة
غزة- سند

"معلش نسيت الفلوس بالبيت، سامحني" عبارة يلجأ إليها بعض الناس في غزة، للخروج من مأزق شح المال وقلة الحيلة التي خلفته سنوات الحصار على القطاع، وزادت من وطأته العقوبات التي فرضها الرئيس محمود عباس على غزة قبل نحو عامين.

الحصار الإسرائيلي المحكم على قطاع غزة منذ ما يزيد عن اثني عشر عاماً، خلف أوضاعاً اقتصادية ومعيشية مأساوية، أثرت على جوانب الحياة المختلفة في غزة.

لم يسلم من ضيق الحال أحدٌ في غزة، سائق الأجرة عبد الرحمن المصري يقول إنه لا يكاد يمر عليه يوم دون أن يقابل عدداً من الركاب الذين يقلهم من مكان لأخر، وعند إيصالهم لمبتغاهم يعتذروا عن عدم دفع أجرة الطريق لأنهم نسوا محافظهم في المنزل أو العمل.

جار عليهم الزمن

اعتذار الركاب عن الأجرة كان حاضراً منذ سنوات في يوم المصري، خاصة من الذين يبدو عليهم الفقر واضحاً، إلا أنّه في الآونة الأخيرة بات ملاحظاً اعتذار بعض الركاب الذين هم بالأصل موظفين أو عمال جار عليهم الزمن، ويخشوا على ماء وجههم فيعللون عدم قدرتهم على دفع الأجرة بنسيان أموالهم، طالبين السماح منه.

كوافير الرجال عاطف الحسني يواجه خلال عمله بعضاً من الزبائن الذي يعتذر عن دفعة أجرة الحلاقة، لصعوبة وضعه الاقتصادي، وعدم امتلاكه للمال.

ويوضح الحسني أن أهل غزة بطبيعتهم يتقاسمون الهم، ويحمل غنيهم فقيرهم، إلا أن طبيعة مهنة " الحلاقة" قائمة على الدخل اليومي للعامل، وعليه فلا يستطيع الحلاق أن يتحمل جميع الأفراد، كونه أيضاً فرد ويجب أن يوفر لقمة عيشه لعائلته.

ويضيف :" أنا كحلاق بشيل زبايني، لكن ما بقدر أشيل مجتمع بأكمله".

ويعتمد الحسني في عمله بمهنة  " الحلاقة " على توفير مصاريف يومه كل على حدى، كون عمله يعتمد على ما يدخل عليه بشكل يومي.

ويتابع " عليّ أن أوفر مصاريف يومي كي أستطيع أن ألبي طلبات عائلتي في ظل الوضع الاقتصادي الصعب".

حفاظاً على البقاء

أظهرت نتائج المسح التي نشرها مركز الإحصاء الفلسطيني خلال العام الماضي أن نسبة الفقراء في قطاع غزة بلغت 53%، بينما الذين يعانون من الفقر المدقع بلغت ما نسبته 33.8% .

وارتفعت نسب الفقر في قطاع غزة بحوالي 37% ( من 38.8% في عام 2011 إلى 53% في عام 2017)، فيما بلغ عدد العاطلين عن العمل ما نسبته 283.000 شخصاً في قطاع غزة.

الشكوى لم تقتصر على أحد، وقد تزداد أحياناً لتشكل مصدر تهديدٍ لمستقبل عمل أحدهم، كما حدث مع صاحب محل المواد الغذائية محمود أبو مصطفى.

ويقول لــسند :" بعد تقليص وقطع رواتب موظفين السلطة في إطار العقوبات التي فرضها الرئيس عباس على غزة، وخشيةً من الإفلاس، اضطررنا إلى إيقاف الدين عن بعض الموظفين، والسماح لبعضهم بسقف معين من الاستدانة، وذلك حفاظاً على استمرار مصدر دخلنا".

بعد إيقاف أبو مصطفى للدين، لاحظ عدداً من الزبائن يشتري حاجاته وعند الدفع يعتذر ويقول أنه نسي أمواله بالبيت، وسيعود لاحقاً لدفع ما عليه، وعند مراجعتهم يتبين  أنهم لا يمتلكون نقوداً أصلا، وإنما ادّعوا النسيان حرجاً من رفض بيعهم.

ويتابع " نحن جزء من الناس، وما يقع على الجميع من ظروف صعبة، يقع علينا، ونحاول قدر الإمكان التخفيف عن كاهل الناس، لكن أحياناً يصل الأمر إلى تهديد عملي في البقاء، فأحاول التسديد والمقاربة ما استطعت ذلك".

ووفقا لتقارير اقتصادية فإن نسبة الذين يعتمدون على المساعدات تجاوزت 80% من السكان قطاع غزة ما يعدل 1.8 مليون نسمة، بعد أن فقد أكثر من ثمانين ألف عامل مصدر رزقهم، وأغلقت 80% من المصانع وتوقفت جميع المشاريع الإنشائية، وما زالت 70% من المنازل مدمرة بسبب جولات العدوان العسكري المتكررة على القطاع، والعقوبات التي فرضت على غزة.