الساعة 00:00 م
السبت 11 مايو 2024
22° القدس
21° رام الله
21° الخليل
25° غزة
4.67 جنيه إسترليني
5.26 دينار أردني
0.08 جنيه مصري
4.02 يورو
3.73 دولار أمريكي

كيف وصلت شعرات رسول الله إلى مساجد نابلس؟

حجم الخط
f58e132c0a77f3cd7909a0175fa3f480.jpg
نابلس _ أحمد البيتاوي

في ظهيرة يوم السابع والعشرين من رمضان يحتشد آلاف المواطنين كل عام في مسجد الحنبلي القديم في نابلس.

 يجلس المحتشدون على ركبهم بخشوع، وينتظرون خروج شعرات منسوبة للنبي محمد عليه السلام، وما إن يُطّل حاملها حتى تتعالى أصوات التكبير والتهليل.

وعلى وقع المدائح النبوية والتوشيحات الغنائية يبدأ حامل القارورة الصغيرة المفُرّغة من الهواء والتي تضم الشعرات الثلاث، بالطواف بين صفوف المواطنين.

يتزاحم الجميع ويتسابق على تقبيلها ومسح وجوههم بها، بينما يدعو كل مريض وصاحب حاجة ربه، متباركاً بها.

ويتفاخر أهل نابلس بوجود هذه الشعرات المنسوبة للنبي محمد عليه السلام عندهم، فما قصة هذه الشعرات وكيف وصلت إلى أحد مساجد مدينتهم؟

هدية من السلطان العثماني

إمام مسجد الحنبلي، الشيخ سعد شرف، يحدثنا فيقول:" حسب كتب التاريخ والمخطوطات الموجودة لدينا والأحاديث المتناقلة جيلاً عن جيل، فإن هذه الشعرات وصلت في عام 1905 للميلاد".

ويبين أن السلطان العثماني محمد رشاد الخامس  أرسلها من المتحف العثماني في اسطنبول إلى نابلس تكريماً لعلمائها في ذلك الوقت.

يضيف "من بين هؤلاء العلماء كان الشيخ محمد رفعت تفاحة، الذي كان يُسمى نقيب الأشراف المنسوبين لآل البيت والشيخ منيب هاشم مفتي السلطة العثمانية التي كانت تضم 50 دولة، والشيخ أحمد البسطامي، بالإضافة لعلماء آخرين".

ويشير الشيخ سعد لمراسل "سند للأنباء" إلى أن الموكب الذي حمل الشعرات انطلق من اسطنبول عن طريق خط سكة الحجاز وتوقف قليلاً في طولكرم.

ويشير إلى أن الموكب أكمل سيره حتى وصل إلى منطقة وادي التفاح شمالي نابلس، وهناك كان باستقباله حشد كبير من الناس، قُدّر بالآلاف.

وتابع:" على رأس الحضور كان الشيخ تفاحة الذي أخذ الشعرات ووضعها على عمامته ومن ثم واصل الموكب مسيره حتى وصل إلى مسجد الحنبلي في المدينة.

واستلم الشعرات الشيخ محمد رشيد البيطار (قاضي نابلس الشرعي) الذي عُهد إليه ولسلالته حفظ هذه الشعرات.

ومنذ ذلك التاريخ لا تزال هذه الشعرات في عهدة آل البيطار يتوارثونها جيلاً عن جيل.

محاولة سرقة الشعرات

من جانبه، يقول المحاضر في كلية الهندسة في جامعة النجاح يقول شاكر البيطار وأحد كبار العائلة "درجت العائلة على تعيين قيم على هذه الشعرات بالتنسيق مع وزارة الأوقاف والمحكمة الشرعية".

ويوضح أنه يتسلم هذه الأمانة من أبيه عادة، فبعد وفاة الشيخ محمد البيطار استلم الشعرات ابنه نبيه ومن ثم ابنه زين الدين ومن بعده ابنه رشيد واليوم هي في عهدة حفيده رشيد.

وحسب البيطار فإن شعرات الرسول تعرضت لمحاولتي سرقة، كانت الأولى خلال انتفاضة الأقصى عام 2003.

 وينوه إلى أن الفاعلون اقتحموا مسجد الحنبلي وكسروا الخزانة الموجودة فيها الشعرات، لكنهم فشلوا في كسر الخزانة الحديدية الثانية.

ويضيف "بعد هذه المحاولة بنينا فوق الخزانة إطاراً من حجر الرخام، وبعد أقل من سنة تعرضت الخزانة الجديدة لمحاولة سرقة أخرى، لكنها فشلت، وهو ما اضطرنا لنقل الشعرات لأحد البنوك ووضعها أمانة هناك".

ويتابع" بعد أن استقرت الحالة الأمنية أعدنا الشعرات إلى مسجد الحنبلي من جديد، وهي لا تزال هناك ويتم عرضها على الناس كل عام".

وحول وجود دليل علمي يثبت أن هذه الشعرات تعود للرسول عليه السلام، نفى البيطار ذلك.

وقال "لا يوجد لدينا دليل علمي حقيقي على ذلك، لكن لدينا مخطوطات وشاهدات قوية متناقلة بالتواتر منذ أكثر من مئة عام".

ويكمل لـ" سند للأنباء " "بقاء شعرات الرسول في عهدة عائلة البيطار مصدر فخر وتشريف لنا، ونسأل الله أن يعيننا على حفظ هذه الأمانة".

خلاف فقهي

هذه الأجواء التي تترافق عادة مع إخراج وعرض الشعرات كل عام، لا ترق لبعض المشايخ والدعاة الذين يرون في التبرك بآثار وبقايا النبي والصحابة والتابعين والأولياء بدعة لا أصل ليها في الدين.

بدوره، يشير الداعية والمسئول في وزارة الأوقاف في نابلس موسى الخراز إلى أن قضية التبرك بآثار النبي محمد عليه السلام كانت ولا تزال مسألة خلافية بين الفقهاء.

ويوضح أنه هناك من لا يرى أي حرج في ذلك وهم أصحاب المدرسة الصوفية في العموم، وهناك من يعتبرون ذلك مخالفة شرعية وشكلاً من أشكل الشرك وهم أصحاب التيار السلفي.

ويستدل الخراز خلال حديثه مع مراسل " سند للأنباء" بجواز التبرك بآثار النبي بحديث ورد عن رسول الله، طلب فيه من حلاّقه مُعمر أن يوزع شعراته على الناس.

 ويشير إلى أن إحدى زوجاته تحتفظ بجُبته وتنقعها في الماء ويشرب منها المرضى فيشفون بإذن الله.

كما يؤكد أن خالد بن الوليد كان يحرص على وضع بعض شعرات الرسول في خوذته خلال المعارك.

ويختتم قولة "اعتقد أن تخوفات فقهاء التيار السلفي من التصوف ليست في محلها، فالناس اليوم صاروا أكثراً وعياً وفهماً للدين".

وأشار استحالة  أن تتحول مسألة التبرك سواء بآثار النبي أو المقامات لعبادة ووثنية، خاصة في الدول العربية.