على أنقاض المنازل المدمرة، يحاول أهالي قطاع غزة إعادة الحياة، والتغلب على جزء من حلقات الحصار المحكمة عليه، بصنع الكسارات، والاستفادة من كميات الركام التي خلفها العدوان الإسرائيلي الأخير على القطاع.
وتعتمد هذه المهنة على استخراج الحديد المسلح من المنازل التي تعرضت للقصف الإسرائيلي، باستخدام وسائل بدائية كالمطرقة الحديدية والفأس، لتكسير الكتل الإسمنتية والوصول إلى الحديد المسلح واستخراجه، وصناعة الطوب محلياً.
توفير فرص عمل
وأصبحت مهنة إعادة تدوير الركام مصدر رزق للكثير من العائلات، وأصبح استخراج الحديد منها عملاً يومياً بالنسبة لكثيرين ممن يتوجهون كُل يوم إلى أعمالهم.
ويقول أمير أبو عودة وهو صاحب كسارة حجارة، إن العمل يتم من خلال مناقصات لشراء العمارات المهدمة، ونشتري البنايات المهدمة ونبيع الكتل الخرسانية المعاد تدويرها للمواطنين الذين يشترونها، بالإضافة إلى الطوب بأسعار زهيدة لإعادة بناء بيوتهم المدمرة.
وأضاف أبو عودة في حديثه لـ"وكالة سند للأنباء"، "لجأنا لهذا المشروع، نتيجة الحصار الإسرائيلي، والتشديد على منع إدخال مواد البناء خاصة بعد العدوان الإسرائيلي الأخير على قطاع غزة".
وبين أن مهنة إعادة تدوير الركام تواجه تحديات كثيرة أهمها ضعف الإمكانات، وعدم السماح باستيراد آلات متطورة، وفي حال تعرضت إحدى الآلات للعطب لا يوجد لها قطع بديلة، وهذا ما قد يعرقل العمل لفترة طويلة، ولا يوجد أدوات حماية للعاملين.
وأشار أبو عودة، إلى أن العمل ينقسم إلى مرحلتين الأولى تعتمد على جمع الركام وتكسيره وإعادة تصنيعه، والثانية تُعدّل أعمدة الحديد بواسطة آلات متواضعة الإمكانيات لإعادة استخدامها من جديد في البناء.
وتابع أن تدوير الركام يشكل بيئة خصبة للاستثمار، وتوفير مواد خام لمصانع "البلوك" التي تعتمد على الخرسانة المستخرجة منها بنسبة 90 %، كما يستفيد منها العاملون على شاحنات النقل، والعاملون في البناء، وتقلل من تكاليف البناء التي تقع على كاهل المواطن الغزيّ.
ويكلف طنّ الحصى من إسرائيل 110 شيكل، بينما تبلغ تكلفة الحصى المعاد تدويره 50 شيكلًا.
ويبلغ ثمن الكمية نفسها من الحديد المعاد تعديله محليا 350 دولاراً، بينما المستورَد 700 دولار، وهذا ما يشجع المواطنين للإقبال على شرائه بغرض البناء نظراً لرخص ثمنه.
300 ألف طن ركام
وقال وكيل وزارة الأشغال العامة والاسكان، ناجي سرحان، إن كمية الركام الموجود حالياً بعد العدوان على غزة تتراوح بين 200-300 ألف طن.
وأوضح سرحان في تصريح لـ"وكالة سند للأنباء"، إنه يتم التخلص من كميات الركام بطريقتين، حيث يقوم بعض المواطنين ببيع ركام بيوتهم لبعض المقاولين والذين بدورهم يستفيدوا من هذا الركام بإعادة تدويره وتعديل أسياخ الحديد.
ولفت إلى أن الطريقة الثانية، يتم خلالها إزالة الركام عبر متخصصين من برنامج الأمم المتحدة الإنمائي "UNDP"، حيث عرضت بعض المناقصات إزالة الركام ونقله إلى أماكن متخصصة وإعادة تدويره، وإعطاء الحديد لصاحب المنزل للاستفادة منه، بالإضافة إلى 2200 دولار كبدل إيجار.
وتابع "للأسف بعض المواطنين لا يفضلون الطريقة الثانية".
ضوابط لإعادة الاستخدام
وبين سرحان، أن هذه المواد المعاد تدويرها لها ضوابط وموانع في الاستخدام، ولا تصلح لإعادة استخدامها في المباني نظراً لما تشكله من خطورة كبيرة.
ولفت إلى أنه من الممكن إعادة تصنيع الركام في عملية "البلوك"، مبينا أنه جرى استخدامه سابقاً بعد حرب 2014 في طبقة "تحت الأساس" في شبكات الطرق.
وفي السياق، قال سرحان إن وفدا مصريا فنيا هندسيا ومتخصصا وصل قطاع غزة قبل أيام للاطلاع على آثار العدوان، والتجهيز للإعادة إعمار الأبراج المدمرة وتأهيل البنية التحتية وبناء آلاف الوحدات السكنية.
وبين أن الوفد زار العديد من المنازل المدمرة، وكذلك مفترقات الطرق التي تعرضت للقصف.
وتابع "نحن نفضل أن يتم إعادة هيكلة هذه المفترقات بنظام "الكباري" و"الجسور"، مثل مفترق الشجاعية والسرايا وسط مدينة غزة".
وأكد سرحان أن جهود إعادة الاعمار تدور بوتيرة جيدة مع الجانب المصري.
وأفاد بأن العدوان على غزة أدى إلى تدمير 1200 وحدة سكنية بشكل كامل، و1000 وحدة ضرر بليغ غير صالح للسكن، إلى جانب 20 ألف وحدة بين متوسط وطفيف.
وصرح سرحان بأن "عدد الأبراج السكنية التي تم استهدافها 6 أبراج؛ الجلاء وهنادي والشروق والجوهرة الداعور، وحوالي 5 أبراج تضررت بشكل جزئي، كبرج الأندلس، وغيره من الأبراج الأخرى".
وقدّر سرحان عدد المواطنين النازحين من منازلهم المدمرة بـ 10 آلاف نسمة، منهم قرابة 2000 أسرة هجروا من منازلهم المدمرة بشكل كلي.
ونبه إلى أن الوزارة بدأت بإجراءات إغاثة عادلة على المتضررين 1000 بشكل كلي، و1000 بشكل جزئي.
ولفت النظر إلى أن 500 منهم استلموا بدل إيجار، بالتعاون مع اللجنة القطرية، "وبانتظار وصول الأموال لتعويض الآخرين".
وتوقع سرحان أن يتم تعويض المنازل المتضررة بشكل جزئي بملغ يقدر بـ500 دولار فما أقل بشكل سريع.
ونبّه لإطلاق منصة لحصر الأضرار، سجل عليها 22 ألف مواطن، مؤكدًا أن الوزارة ستسعى للوصول لكل المسجلين وحصر الأضرار عبر مديريات الوزارة.