الساعة 00:00 م
الخميس 25 ابريل 2024
22° القدس
21° رام الله
21° الخليل
25° غزة
4.71 جنيه إسترليني
5.33 دينار أردني
0.08 جنيه مصري
4.04 يورو
3.78 دولار أمريكي
4

الأكثر رواجا Trending

جيش الاحتلال يُعلن مقتل "رائد" شمال قطاع غزة

فلسطيني يحول موقعاً عسكرياً مدمراً إلى مسكن لعائلته النازحة

"الوضع القائم" في الأقصى.. تغييرات إسرائيلية بطيئة ومستقبل خطير

تعرفوا على قصّتها..

بالصور الجبنة البلدية الفلسطينية.. "أم جمعة" أيقونة تاريخية في صناعتها

حجم الخط
222495201_956555431851073_2055912393118655497_n.png
فاتن عياد الحميدي - وكالة سند للأنباء

في منطقة الزوايدة وسط قطاع غزة، ستجد سيّدات اشتهرن بأعمالهن البسيطة، وعُرفن بها كما لو أنها "ماركة" مُسجلة باسمهن، واحدة منهن هي الحاجة "أم جمعة" التي قضت سنوات حياتها في إنتاج "الجبن المحلي" ومشتقاته، وتفتخر دومًا "يُشار إليّ بالبنان ومازالت منتجاتي تلقي إقبالًا شديدًا" رغم تقدم وسائل الصناعة.

لبنٌ خالصٌ سائغُ للشاربين، كان استخراجه وتصنيعه مهنة للبعض في كل وقت وحين، وبين أصالة الماضي وحداثة الحاضر، تنحدر الكلمات من أفواه الجدات، لترسم لنا لوحة الزمن الجميل، لتجارة ومصدر رزقٍ ينتشر بين عائلات البدوي الأصيل.

الحاجة أم جمعة أبو مغصيب (80 عامًا)، تروي لنا قصة السعي والرزق، واستمرارية العمل على نهج الماضي، صنعت لنفسها مكاناً في السوق بعملها في صناعة الجبنة البلدية.

وفي جولة "وكالة سند للأنباء"، حدثتنا الجدةُ بلهجتها البدوية الأصيلة، حكاية الجبنة البلدية واستمرارها بالعمل فيها بالطريقة التقليدية القديمة إلى الآن.

222002813_367892038298496_3686180558499560167_n.png

"تجارة منذ القِدَم"

تقول "أبو مغصيب" إنها تعمل في صناعة الجبنة البلدية منذ 35 عاماً، وانتهجت بها نهج الآباء القدماء، حين تعلمت صناعة "الجبنة" خطوة بخطوة.

كانت عائلتها تُربي المواشي والأبقار، وهي التي تقوم بـ"حَلب" البقر، الأمر الذي هيأها للخوض في هذا العمل.

وتضيف "أبو مغصيب" أنها أولاً تقوم بحلبِ الأبقار، ثم تصفية الحليب، وبعدها وضع ما تُعرف بـ"الروبة" أو"المَساة" عليه، وهي العنصر الأساسي الذي تقوم عليه صناعة الجبنة وتجميدها، ثم تجهز أغراضها "الشبكة والسَّحارة"، وبعد وقت من الانتظار يصل إلى نصف ساعة، تبدأعملية التجبين.

وتتنوع الأجبان بنوع الحليب، فهناك جبنة أخرى تُصنع من حليب الماعز بنفس الآلية المتبعة.

223201465_2890958821119888_5151118663449842481_n.png

"لحظةٌ من ماضي الأجداد"

وتتابع الجدةُ أنها تقوم بهذه العملية مرتين في اليوم، صباحاً ومساءً، وتعتمد كمية الجبنة المشغولة، على كمية الحليب البقري الموجود، وتستمر بهذه العملية ليومين أو ثلاثة، لتحوز على كمية مناسبة تستطيع الذهاب بها إلى السوق.

لكنّ في حال كانت كمية الحليب وفيرة، كيف تتصرفين؟ تُرد بصوتٍ مبتسم: "بالتأكيد الزائد أقوم ببيعه حليباً طازجاً لمن يُوصي عليه من الزبائن".

وتواصل ضيفتنا بحديثها الممتع: "عملت بهذه المهنة منذ سنوات طويلة، حتى أصبح لديّ زبائن كُثر من أهل المدينة، فهم ينتظرون قدومي حاملةً لهم ذهباً أبيضاً بين يديّ"، لكن كِبر العمر حال دون ذهابها بنفسها، ليتولي ابنها هذه المهمة.

وتعيدُنا الجدَّةُ إلى الماضي العريق، حين كان الآباءُ يصنعون "الخضيض، أو اللبن" والذي يوضع فيما يُعرف بـ "السِعن" قديماً، وهو عبارة عن قِربة من جلود الماعز، يتم صنعها خصيصاً لخض حليب البقر ليصبح لبناً، وينفصل اللبنُ الخضيض عن الزبدة البلدية، ويُباع كُل منهما منفصلًا، وبالتالي يكون مصدرًا لرزق أهل البلد.

"ليس كل جديد مرغوب"

ليس كل جديد مرغوب، والناسُ على ما اعتادوا عليه، فمع التطورات الحديثة لأجهز الحَلْبِ والتجبين، قررت "أم جمعة" الاستعاظة عن الطرق القديمة، بما يتماشى والعصر الحديث، من استخدام لأجهزة تقوم بهذه العملية.

إلا أنها شهِدت تراجعاً في نسبة البيع يعود لأسبابٍ أبرزها، أن جهاز "مكبس" الجبنة يجعلها ملساء، وتميل إلى الطراوة باحتفاظها بنسبة كبيرة من الحليب السائل، وهذا غير مرغوب لمعظم مشتري الجبنة البلدية.

وتُردف بنبرة المَعلِم، أنها عادت لاستخدامها الطريقة التي اعتادت عليها، والتي اعتاد الزبائن على الجبنة المصنوعة منها، فهي ألذ وأشهى حسب وصفها.

223322178_361187168907788_6163904596609663633_n.png

"عملٌ وتحديات"

وباستخدامها لـ" الشبكة" أو "الحصيرة"، تقول لـ"سند" إنها تشتري الحديد من معامل الباطون، وتذهب به إلى الحداد، وإعطائه المقاس الذي تريده، لصناعة "الشبكة"، وهي التي توضع الجبنة عليها، وتعطيها شكلها المُحَزز، غير الأملس، وتساعد في التخلص من الحليب الزائد الذي يقلل تماسك الجُبنة.

222495201_956555431851073_2055912393118655497_n.png

 

لكن المنغصات كثيرة، ولا يمكن للاحتلال الإسرائيلي أن يكون بمعزلٍ عنها، فيشهد البيع بشكل عام تراجعاً في ظل تردي الأوضاع الاقتصادية في قطاع غزة، ومع الإغلاق المستمر للمعابر الذي أحال دون دخول أعلاف المواشي، تسبب في انخفاض نسب البيع لكل رزق يعتمد على الماشية.

"والحياة تستمر"

تختلف الطُرُق والهدف واحد، وإن لكل بائعٍ طريقة وزبون، ولكل زبونٍ مذاقُ يشتهيه، وتستمر عَجَلة الحياة بالدوران، في عملية رزقٍ يسلِّمُ رزق، وأبٍ يسلِّم ابن، لتستمر أصالة الماضي، وعبق التراث إلى حاضرٍ يُجذِّر التاريخ فينا.

وسبحان الذي جعل من بين الفرث والدم لبناً حلوٌ مذاقه طيبٌ طعمه، غنيٌ بفائدته، سائغٌ للشاربين.

224944252_4410291082360713_1383517408434388768_n.png