الساعة 00:00 م
الثلاثاء 21 مايو 2024
22° القدس
21° رام الله
21° الخليل
25° غزة
4.69 جنيه إسترليني
5.21 دينار أردني
0.08 جنيه مصري
4.01 يورو
3.69 دولار أمريكي
4

الأكثر رواجا Trending

الرسام الزهارنة.. إبداعات فنية من فوق ركام المنازل المدمرة

"حرب الرواية".. معركة على الوعي بدون قتال

حجم الخط
60bf862e42360464e96d7c2b.jpg
يوسف فقيه - وكالة سند للأنباء

تُشّكل حرب الرواية أحد أهم الأسلحة التي تنشط في الحروب العسكرية؛ "فحرب الكلمات والصورة أشد ضراوة من حروب الجيوش" كما يقال.

بعبارة أخرى هي "قذائف من الكلمات الموجهة التي تحاول إقناع الرأي العام والشعوب بعدالة قضية ما والتشكيك في رواية الأعداء".

مرت الرواية الفلسطينية خلال السنوات الأخيرة بتحولات عديدة نجحت أحيانًا وفشلت في أخرى في التسويق لمعاناة الشعب الفلسطيني أمام الرأي العام الدولي والعالمي.

ويرى مختصون أن الرواية الفلسطينية لم تنجح بالحفاظ على زخم التقدم الذي شهدته أمام الرواية الإسرائيلية في وسائل الإعلام الإقليمية والدولية إبان أحداث الشيخ جراح بالقدس والعدوان على غزة في مايو الماضي.

ويؤكدون أنه ورغم النجاح الذي سجل بفضل نشطاء التواصل الاجتماعي إلا أن الخبر والرواية الفلسطينية لا زالت بحاجة إلى خطة وتوظيف وقدرة على التسويق.

إضافة إلى حاجتها الماسة لتطوير الأدوات بعيدًا عن "العشوائية" و"الاتكالية" على الأحداث الكبيرة التي تدفع بوسائل الإعلام إلى المنطقة.

الاعتماد على الهبات

من جانبه، يعتبر رئيس مركز القدس للدراسات المستقبلية في جامعة القدس أحمد رفيق عوض، أن غياب الخطة الإعلامية والاعتماد على الأحداث الكبيرة في إيصال صورة العدوان على الشعب يعيق حضور الخبر والصورة الفلسطينية في وسائل الإعلام كما كانت إبان الحرب على غزة.

ويشير "عوض" في مقابلة مع "وكالة سند للأنباء" إلى أن هناك إشكالية كبيرة منذ سنوات في تغطية الحدث الفلسطيني أمام وسائل الإعلام الدولية والإقليمية.

ويقول: "نحن ننتظر الحديث الكبير لتكون التغطية من خلال هبات وشعارات دون برنامج محدد وسرعان ما تخفت بعد انتهاء الحدث تمامًا".

ويرى بأن هناك فشل في تسويق الحدث الفلسطيني؛ رغم أن الأحداث الدولية تصنع صناعة في وسائل الإعلام، لافتًا إلى أن غياب الخطط الإعلامية المنظمة وغياب الكفاءات يمنع من بروز الحدث الفلسطيني في وسائل الإعلام الدولية. 

تسويق الرواية

لا يكاد يمر يوم واحد في فلسطين إلا وهناك قضية إنسانية تستحق التغطية الإعلامية وتسويقها أمام الرأي العام الدولي بواسطة وسائل الإعلام الدولية وعلى شبكة "الميديا".

يعتقد "عوض" أن هدم منزل أو قتل شاب أعزل لا يحمل السلاح قصة كبيرة يمكن للإعلام الدولي تسليط الضوء عليها.

غير أن انشغال وسائل الإعلام الدولية في تغطية الصراعات العالمية والأزمات الداخلية أثر على التغطية الاعلامية للقضية الفلسطينية، برأي مراقبين.

وفقًا لـ "عوض" تهتم وسائل الإعلام الدولية في تغطية الأحداث الإقليمية والعالمية والتي تحتكم أحيانًا لسياسات متصلة بمدى تهديدها لإسرائيل أو بعدها عن المصالح الغربية.

ويشير إلى أن التغطية الإسرائيلية الإعلامية للأحداث تعتمد على سياسة التقزيم من الأحداث المهمة في الساحة الفلسطينية وتغطيتها بشكل روتيني عابر.

يؤكد "عوض" أن هذه السياسة تهدف إلى ترويض العقل وضرب الوعي العالمي؛ وصولًا لكي يفقد الحدث أهميته كقضية الشيخ جراح؛ لتصبح حدثًا عاديًا ليس على أجندات التغطية الدولية.

لا شك أن الرواية الفلسطينية وبسبب احتكار القوى الكبرى الحليفة لإسرائيل لوسائل الإعلام التقليدية تعرضت لحالة من التحريف والتقزيم، لكن هذا الاحتكار ربما تراجع مع استخدام الفلسطينيين لوسائل التواصل الاجتماعي.

بحسب "عوض" فإن استخدام الفلسطينيين لهذه الوسائل كسرت من احتكار إسرائيل للرواية والصورة، واعترفت بخسارة الإعلام، وهذا يعود لقدرة بعض النشطاء على نقل صورة الأحداث للعالم.

ولا ينكر أن الرواية الفلسطينية عبر شبكة "الميديا" أدت إلى تراجع دعم إسرائيل في أوساط شعبية في العالم وتضرر صورة الإسرائيلي الديمقراطي.

أحداث ساخنة

من جانبه يرى أستاذ الإعلام في جامعة الخليل سعيد شاهين، أن القضية الفلسطينية كانت دوماً بؤرة جذب إعلامي لطبيعة الأحداث والمستجدات، لكن انشغال العالم بملفات ساخنة أخرى انعكس على الرواية الفلسطينية.

ويؤكد "شاهين" في حديث مع "وكالة سند للأنباء" على أن القضية الفلسطينية عادت لصدارة الأجندات في وسائل الإعلام الدولية نتيجة سخونة الأحداث خلال العامين الماضيين.

وساهمت أحداث مثل "صفقة القرن" والشيخ جراح والعدوان على غزة بإعادتها لواجهة التغطيات مرة أخرى، وفقًا لـ "شاهين".

نشطاء التواصل الاجتماعي

ويعتبر "شاهين" في حديث لـ "وكالة سند للأنباء" أن نشطاء استطاعوا من خلال توظيف وسائل التواصل الجديد، بنقل الخبر والصورة بشكل دقيق ومهني.

من وجهة نظره "نجح النشطاء في تشكيل وعي ورأي عام عالمي مساند للقضية الفلسطينية دفع بها إلى الواجهة والاهتمام من جديد وصولًا إلى خروج مسيرات مؤيدة للفلسطينيين مؤخرًا".

ويلفت إلى أن النشطاء نجحوا عبر أسلوب عصري وقوالب حديثة وغير تقليدية إلى دفع وسائل الإعلام العالمية التقليدية إلى مواكبة هذه الأحداث التي أبرزتها وسائل التواصل الاجتماعي.

ويشدد أن هذا النجاح تحقق؛ رغم أن الإعلام الغربي تعمد إهمال الملف الفلسطيني، وتهميش التغطية على حساب قضايا أخرى.

ورغم قدرة وسائل التواصل على التسويق لمعاناة الشعب الفلسطيني والتشكيك برواية الاحتلال، إلا أن هذه الرواية تراجعت بعد العدوان على غزة وأحداث الشيخ جراح.

يعتقد "شاهين" أن هذا التراجع جاء؛ نتيجة لعودة الأحداث الإقليمية على أجندات المشهد الإعلامي الدولي مرة أخرى.

وينبه إلى أن أكبر أداة يمكن توظيفها لخدمة القضية الفلسطينية اليوم تتمثل في الإعلام الجديد؛ فبواسطته يمكن أن تصل الرواية الفلسطينية إلى الرأي العام الدولي حتى في ظل المحاولات الإسرائيلية لمنع وصولها.

قوى الضغط

وتأثرت الرواية الفلسطينية أيضًا نتيجة نفوذ إسرائيل وقدرتها على ممارسة ضغوطات خلف الكواليس على مسؤولي منصات التواصل الاجتماعي من أجل إبراز الدعاية الإسرائيلية على حساب معاناة الشعب الفلسطيني.

يشير "شاهين" إلى أن إسرائيل لديها تحالفات تستطيع من خلال قوى الضغط أن تضع العراقيل أمام منصات التواصل الاجتماعي وبرز ذلك بشكل واضح خلال أحداث القدس وغزة الأخيرة.

ونتج عن هذه الضغوطات إغلاق صفحات ومنصات فلسطينية؛ ما حجب من وصولها للجماهير لصالح الرواية الإسرائيلية.

تراجع خطير

من جانبه يرى الباحث في مجال الإعلام السياسي والدعاية حيدر المصدر إلى حدوث تراجع خطير في الرواية الفلسطينية لصالح رواية الاحتلال التي تعمل على نمط استراتيجي غير مرتبط بحالات الطوارئ والأحداث في سياق جهد منظم ومستمر تشرف عليه مؤسسات.

ولفت الباحث المصدر في حديثه لـ "وكالة سند للأنباء" أن الرواية الفلسطينية انشغلت مؤخراً في قضايا داخلية مما ألحق أضراراً كبيرة في حجم الدعم الدولي الذي كانت تحوزه القضية الفلسطينية إبان الحرب على غزة.

ولفت إلى أن النجاح الذي سُجل جاء بفضل مبادرات فردية أكثر منها جماعية، مشددًا على أن دخول المعركة تحت عنوان "القدس" أعطى قوة للخطاب الفلسطيني وللرواية السردية، وساهم بتحريك الحالة العربية والدولية.

وأمام هذه القوة يعتقد "المصدر" أن الإسرائيلي استشعر خطوة ما جرى وضاعف من حجم دعايته في الساحات الدولية وإبراز روايته في وسائل الإعلام الدولية.

وشدد على ضرورة خلق منظمة وجسد وطني يلقى على عاتقه الترويج للرواية والصورة الفلسطينية في دول العالم بعيداً عن التجاذبات السياسية الداخلية.

وحسب رأيه هذا يستدعي من القائمين على الرواية الفلسطينية أن تراعي العناوين والفئات المستهدفة التي يجب أن تصل إليها الرواية، وتوقيت الحديث عن رواية القوة والعدالة والمظلومية.