الساعة 00:00 م
السبت 20 ابريل 2024
22° القدس
21° رام الله
21° الخليل
25° غزة
4.65 جنيه إسترليني
5.31 دينار أردني
0.08 جنيه مصري
4.01 يورو
3.76 دولار أمريكي
4

الأكثر رواجا Trending

تسريب الأراضي.. وسائل "شيطانية" يتبعها الاحتلال لصالح الاستيطان

حجم الخط
السواحرة.webp
نواف العامر - وكالة سند للأنباء

منذ احتلالها لأرض فلسطين عام 1948، لا تتذخر إسرائيل جهدًا من أجل السيطرة على الأراضي والعقارات في الضفة الغربية بأساليب مختلفة، منها عبر التسريب الناعم بطرق يصفها مختصون بـ "الشيطانية"، في حين يواصل الفلسطينيون معركة الثبات من أجل البقاء.

لكنّ إفشال صفقة تسريب ما يقارب ١١ ألف دونماً من أراضي السواحرة الواقعة خلف الجدار العازل جنوب شرقي القدس، كان إنجازاً لافتاً تحقق بجهود عائلة الأعرج الفلسطينية وبالتعاون مع هيئة مكافحة الاستيطان والجدار قبل نحو عام مضى.

وتأخذ عمليات تسريب الأراضي في الضفة الغربية للمستوطنات، ومعسكرات جيش الاحتلال شكلاً متفاوتاً، ليُصادر بعضها لأغراض مدنية وأخرى عسكرية وثالثة للاستيطان، إذ يحتال الإسرائيلي في إخراجها باستخدام وسائل ملتوية يغلفها القانون، الذي وضع نفسه حاميا له بينما يمعن في مسارات النهب والابتلاع بهدوء.

في المقابل تنتصب العوائق الثقافية الوطنية والقانونية في مواجهة المسارات الخطيرة للاحتلال، وصولاً لرقبة الأرض وتغيير معالمها.

 ويحاول الاحتلال في ذات الوقت كسر هيبة العقبات بتذليلها وتسهيل الاحتيال والتزوير بأشكالٍ عدة من الإغراءات والتزوير الممنهج.

"قصص من الخيال"

قصص أشبهُ بالخيال، تذكرنا بـ"علي بابا والأربعون حرامي"، لكن الفرق أن اللصوص هُنا فاقت الأربعين، يتناول المواطنون قصصاً عن الاحتيال والتزوير أقرب ما تكون للخيال، تقف خلفها جهات مغرضة لتسهيل قبول عمليات البيع المكتوبة والمكذوبة.

وتقول القصص المتداولة أن عملاء الاحتلال وسماسرته يقطعون إبهام مالكي الأرض، أو يجبرونهم على البصمة بعد شُربهم عصائر منومّة في محاولات محمومة لإخفاء بعض وسائل التزوير، وإن كان استخدام بصمة الإبهام شكلا شائعا من أشكال التزوير.

معارك "البشير" و"موشيه"

عبد الله البشير من "جينصافوط" شرق قلقيلية والشهير بـِ" رجُل الوادي"، لم يدخل اليأس يوماً لإرادته ولا لنفوس أبنائه من بعده في مواجهة تزوير وثائق بيع أرضهم حتى بعد رحيل "البشير" منذ سنوات.

وهنا تلتقي "وكالة سند للأنباء" بـ أبو الأدهم البشير، ليقول إن معارك الصراع مع "موشيه زوهر" الأب الروحي للاستيطان في المنطقة وأعوانه من سماسرة الأرض، استمرت منذ العام ١٩٨٣ حتى العام الماضي ٢٠٢٠.

لكن صاحب الحق يملك من الإرادة ما تبني له سداً منيعاً كإرادة عائلة "البشير" طوال ٣٧عاماً في المواجهة أمام القضاء الإسرائيلي، فلم تتغيب جلسة واحدة عن مداولات قضية التزوير وتحليل الخطوط، ومضاهاتها والاستجواب والتهديد والوعيد والإغراء.

حتى وصل الأمر لاحتضان ملكية ١٢١دونماً من أراضي جبل الذئب الذي تنهش أطرافه مستوطنة "عمانوئيل" ومصانعها، لتذهب جهود التزوير من "موشيه" أدراج الرياح، بحسب ما ذكر "أبو الأدهم".

"بين عرضين"

استمرت الإغراءات لتخلي الفلسطيني عن أرضه، لكن حب الأرض والحفاظ عليها قد غُرس في قلوب كل من يملك شبراً واحداً في فلسطين.

تبيِّن عائلة "البشير" أنهم تعرضوا لإغراءات بالذهب، حيث عرض ضابط الشاباك الإسرائيلي على الأسير عبد الله البشير الذهب مقابل أرضه، فأجابه بإرادة فولاذية، "أعرض عليك أن تبيعني دونماً في تل أبيب وعندي من الذهب ما أدفعه لك".

"ألفي شركة ابتلاع"

تضج أروقة المحاكم الإسرائيلية بقضايا التزوير التي تقف خلفها ٤١٦ شركة مسجلة في "بيت إييل" التي تُعد عاصمة "الإدارة المدنية" لإسرائيل.

ويكشف مدير الدائرة القانونية لهيئة مواجهة الاستيطان والجدار عايد مرار لـ"وكالة سند للأنباء"، أن العدد الحقيقي تجاوز ألفي شركة إسرائيلية تهدف لسرقة الأرض وتمارس أعمال التزوير والنهب لصالح الاستيطان والاحتلال، بإمكانات مادية وقانونية هائلة.

ويؤكد "عرار" أن سلطات الاحتلال استغلت القانون الأردني المعمول به في الضفة الغربية، والذي يحظر بيع الأرض لـ "العدو"، لكنه يتيح للأجنبي التملك والشراء من خلال شركة، وفق شروط ضابطة نصَّب الاحتلال فيها نفسه الموكل بتوقيع الحكومة، عن طريق "الإدارة المدنية"، وإنشاء الشركات وحملات واسعة من التزوير والسماسرة.

"وسائل شيطانية"

ويوضح المسؤول في دائرة الأراضي بمكتب محافظ محافظة قلقيلية محمد أبو الشيخ، بعض الوسائل "الشيطانية" للتزوير، كاستخدام تزوير الهويات الشخصية إبان إمساك الاحتلال بمكاتب الهويات، ومن ثم استخدامها بالإضافة للأشخاص الذين باعوا أنفسهم للاحتلال بعمليات بيع خطيرة وغير قانونية، تودي بالأرض لصالح الاستيطان.

وصادقت السلطة الفلسطينية عام ٢٠١٤ على قانون يدين من يثبت تورطه بتسريب الأرض بعقوبة السجن المؤبد والأشغال الشاق.

 فيما حرم مجلس الإفتاء الأعلى بيع أو تأجير العقارات للعدو واعتباره خائناً الوطن والدين، وإبطال البيوعات كافة التي تمت منذ الانتداب البريطاني.

وبحسب "أبو الشيخ" فإن أحدث طرق التزوير هي استخدام التقنيات وانعكاس الضوء على أوراق قديمة؛ لرسم الخطوط والتواقيع، مع استخدام طوابع أردنية قديمة من سوق المستعمل في يافا؛ لتبدو حقيقية.

وتستمر حِيل وألاعيب الاحتلال لتسريب الأراضي الفلسطينية، ومحاولة بسط نفوذه عليها بكل السبل المتاحة، إلا أن الفلسطيني متمسك ومتجذر بأرضه لا يثنيه عنها شيء، ولا يغريه بفقدها وبيعها مالٌ أو ذهب.