الساعة 00:00 م
الأربعاء 24 ابريل 2024
22° القدس
21° رام الله
21° الخليل
25° غزة
4.67 جنيه إسترليني
5.33 دينار أردني
0.08 جنيه مصري
4.03 يورو
3.78 دولار أمريكي
4

الأكثر رواجا Trending

جيش الاحتلال يُعلن مقتل "رائد" شمال قطاع غزة

فلسطيني يحول موقعاً عسكرياً مدمراً إلى مسكن لعائلته النازحة

"الوضع القائم" في الأقصى.. تغييرات إسرائيلية بطيئة ومستقبل خطير

"إسلام" و"رنان".. "نُطفة مُهرّبة" تحقق حلمهما بعد أعوام من الانتظار

حجم الخط
توأمين.jpg
رام الله - إيمان شبير- وكالة سند للأنباء

رائحةُ الأمل لا تكاد تختفي من بين زقاق السجن، رغم ثقل الحياة حينما تُعدم أسباب تحقيق الحُلم فيها، لكنًّ يقين الفلسطيني داخل الأسر لم يتوقف عن السعي، إذ يُصارع الموت من أجل البقاء، صانعًا من مرارةِ الواقعِ أملًا يتجدد فيه حُلم الإنجاب عبر "نُطفٍ مهرّبة"؛ ليكونَ المستحيل ممكنا.

الأسير إسلام حامد، لم يستطع أن يُخفي حنينه الجارف لمولوده الذي ينتظره بظرفٍ غير عادي، لكنَّ اليقين غلب على أمره؛ فأصبحت أسوار السجن كونًا رغم ضيقه.

ولم يكن قدوم التوأمين "محمد، وخديجة" عبر نطفٍ مهربة من السجن عاديًّا، بل كان فرحًا شاهقًا ذاعهُ راديو الأسرى في السجون، فبات الحُلم واقعًا في عينيِّ الأسير "حامد"؛ ليُحلِّق عاليًا في سماءِ الفرح.

 فكتب "حامد"، في رسالةٍ مهرّبة من أسوار سجن عوفر، مُعبِّرًا عن فرحته: "فجرٌ جديد، في يوم الميلاد، حمدًا لك يا ربي يُزين حمدك فرحتنا وبشرى النصر تتحقق الحمد لك يا صاحب النعم التي لا تنقطع، والقلب يهيم فيك جمالًا والفضل منك أظلني مولاي يا ذا المنة والكرم واليوم تأتيني منك مسرةً والقيد ما زال في المعصم ولدان لا حول لي بهم ولا قوة سوى أنني لهم والد والأول قد سبق العدا باسمه خطاب".

والأسير إسلام حامد من بلدة سلواد في رام الله، معتقل منذ أكتوبر/تشرين الأول 2015، في سجون الاحتلال وما يزال موقوفًا؛ وهو أسير سابق أمضى في سجون الاحتلال حتى الآن 18 عامًا، وله طفل ثالث يبلغ من العمر 8 سنوات اسمه "خطاب".

فإنجاب الأطفال عبر "النطف المهربة" هي قضية إنسانية تراود العديد من الأسرى، لا سيما ممن يقضون أحكامًا بالسجن المؤبد، وقد نُوقشت تلك الفكرة فيما بينهم بشكلٍ صامت وفي إطار ضيق منذ أوائل تسعينات القرن الماضي لتعكس المعاناة الصامتة للأسرى وزوجاتهم، ولاقت قبولًا لدى بعض الزوجات.

ولم يكن قدوم التوأمين للأسير إسلام حامد هي الحالة الأولى في صفوف الأسرى، فهناك عشرات الأسرى تمكنّوا من الإنجاب عبر النطف المهربة، كان أولها حالة الأسير عمار الزبن عام 2012.

وكانت فكرة تهريب النطف من داخل السجون، مطروحة منذ زمن طويل، لكنّ الأسرى لم يتخذوا القرار الفعلي، خوفًا من أبعادها النفسية والاجتماعية.

لكن مع مرور الوقت، بدأت الفكرة تلقى قبولًا واسعًا في صفوف الأسرى، سيما بعد طرح كل الاحتمالات ومناقشتها، بما فيها الحصول على الفتوى الشرعية من الجهات ذوي الاختصاص.

وفي هذا التقرير استضافت "وكالة سند للأنباء" زوجة الأسير، رنان صالحي التي وصفت قدوم التوأمين بـ "الأمل الجديد".

"صرخةُ الميلاد"

لم تكن صرخةُ الميلادِ للتوأمين "محمد، وخديجة" عادية في مسامعِ زوجة الأسير رنان صالحي وعائلتها، فالأمل المخبوء بين أسوار السجن، بات حقيقة أمام أعينهم في مشهدٍ مُبهجٍ أضاء الحياة في أرواحهم.

بصوتٍ مليء بمعاني الفرح، تقول الزوجة "صالحي"، أكثر ما يُميّزنا في فلسطين عن غيرنا، هو الصمود والإرادة الحقيقية والصبر، مُردفةً أن فكرة الإنجاب كان حُلمًا عند إسلام وأصبح حقيقة نلمسها بين الأيدي". 

وتصف "صالحي" لـ "وكالة سند للأنباء"، قدوم التوأمين، بـ "الأمل الجديد"، ورسالة صمود وتحدِّ للاحتلال، مُؤكدةً أن الفلسطيني "عنيد" وليس سهلًا أن يُقدِمْ على هذه الخطوة، موضحةً أن الأسير لا يعرف لليأس طريق؛ مُحققًا لحياته بعد التحرر من الأسر أملًا جديدًا وانتصارًا حقيقيًّا يهزم الاحتلال".

وفي رسالةٍ قوية لإسرائيل، تُعبّر "صالحي"، يجب أن يعي الاحتلال أنه لم يستطع أن يُغلق الأبواب على الأسير ويُقيّد أفكاره، لافتةً إلى أن الأسير الفلسطيني مستمرٌ في حياته وتكوين أسرته بالإنجاب حتى لو كان قابعًا خلف أسوار الزنازين".  

ولم تكُن الزوجة "صالحي" تعلم أن الطريق ممهدًا لها رغم الصعوبات، فَدعمِ من حولها كان أول الطمأنينة في بادئةِ الأمر، تسرد قائلةً: "الجميع كان يدعم الفكرة، فقدوم أرواح جديدة على الحياة يضفي لها جمالًا رغم مكابدة الواقع، موضحةً أن التوأمين أناروا حياتها، وجددوا الفرح في قلبها".

"الحلم بات واقعًا"

كان الأسير إسلام حامد، يتلقّف بلهفةٍ وشوقٍ كبيرين، لأن يسمع خبر إنجاب زوجته، منتظرًا أن يُخبرها بقلبه أنه حاضرًا رغم البُعد.

وتتحدث "صالحي" عن فرحِ زوجها قائلةً، إن فور سماع زوجي بخبر قدوم التوأمين، لم تسعه الأرض من الفرحة، وأكملت بصوتٍ سعيد أن الأسرى بدأوا بتهنئته مع ساعاتِ الصباح الأولى فور علمه بميلادهما".

وتروي الزوجة "صالحي" حديثها عن فرحةِ زوجها بالخبر؛ لكنه قاطع الحديث بكاء الطفلين التوأمين، قائلةً: "أشعر وكأن طفلينا يعبرون عن فرحة أبيهم بقدومهم بلغتهم البريئة التي لا ندري عنها شيئًا".

وفي سؤالنا "هل الموافقة على الارتباط بأسير فلسطيني نوع من المجازفة؟"، أجابت: "لم يكن سهلًا للفتاة الفلسطينية أن ترتبط بأسير؛ لكنني أرى في شخصيةِ زوجي "حامد" الشهم الشجاع، والمدافع عن حقِّ وطنه، وهذا يكفيني لأطمئن في حياتي معه بالرغم من التحديات التي سأعيشها بقربه".

"عقوبات إسرائيلية لأطفال "النُطف"

وبميلاد توأم الأسير إسلام حامد، وصل عدد الأطفال الذين ولدوا عبر تهريب نُطف منوية من آبائهم الأسرى داخل سجون الاحتلال، 99 طفلًا، بحسب هيئة شؤون الأسرى والمحررين.

ويُردف المستشار الإعلامي لهيئة شؤون الأسرى والمحررين حسن عبد ربه، إن "النُطف المهربة" تُمثل تحديًا كبيرًا وهي تعبير عن إرادة الحياة للأسرى في داخل سجون الاحتلال موضحًا أن الاعتقال لسنوات لا يعني توقف الحياة والرغبة في أنْ يكون للإنسان الأسير امتداد اجتماعي وأسري وعائلي".

ويؤكد "عبد ربه" في حديثٍ لـ "وكالة سند للأنباء"، "أن الأسير الفلسطيني دائًما يطمح لأن يبقى متصلًا اتصالًا تامًّا مع الحياة الخارجية، من خلال اللجوء إلى "النُطف المهربة"، لافتًا إلى أنها طريقة ابتكرها الأسرى الفلسطينيون في داخل السجون، ولم تكن معروفة أو مسبوقة على الإطلاق في تاريخ البشرية والسجون".

ويُشير إلى هؤلاء الأسرى شكلوا تحدّيًا لمنظومة السجون وإجراءاتها الرقابية، من خلال النجاح في استخراج "النُطف" في طريقةٍ آمنة ومضمونة تُراعى فيها الاعتبارات الدينية والاجتماعية والأخلاقية".

وعن الإجراءات العقابية التي تُنفّذها إسرائيل بحق هؤلاء، يُوضح "عبد ربه"، "أن إدارة سجون الاحتلال لجأت إلى خطواتٍ عقابية بحق الأطفال وأمهاتهم وآبائهم خلف القضبان من خلال الضغط النفسي والعصبي في منع الزوجة والطفل من زيارة الأسير".

أما عقوبة الأسير، تفرض إدارة السجون غرامات مالية بحقه، وسجنه في عزلٍ انفرادي، وفق "عبد ربه". 

وفي سؤالنا "هل تعترف إسرائيل بأطفال النُطف؟، يُجيبنا "عبد ربه": "إن سلطات الاحتلال تتعمد الإساءة والطعن والتشويه بهؤلاء، معتبرةً ذلك جريمة وطريقة غير مشروعة، وخرق لأنظمة وقوانين السجون بما يعتبرونه "تهريبًا غير قانوني".

وتتعامل السلطة الوطنية الفلسطينية عبر وزارة الداخلية، مع هؤلاء الأطفال بشكلٍ قانوني وشرعي، مؤكدًا أنه يتم اعتمادهم وتسجيلهم ومنحهم شهادات الميلاد حسب الأصول المعمول بها في السلطة، بحسب "عبد ربه".