بعد قرن من الزمن على حفظ "الأمانة" التي تركها جندي عثماني عند عائلة "العالول" من مدينة نابلس شمال الضفة الغربية، إبان الحرب العالمية الأولى، اليوم رُدت إلى أهلها، عبر القنصل التركي العام في القدس أحمد رضا ديمير.
وجرت مراسم التسليم في مقر محافظة نابلس، بحضور محافظ نابلس ابراهيم رمضان ووكيلة وزارة الخارجية والمغتربين أمل جادو، وممثلين عن الأجهزة الأمنية والدوائر والمؤسسات الرسمية.
وقال إسماعيل العالول لـ "وكالة سند للأنباء: "إن جنديا تركيا، أودع أمانة لدى جده وهي عبارة عن مبلغ مالي، أثناء الحرب العالمية الأولى، وأخبره أنه إذا تمكن من العودة سيأخذها منه".
وأضاف أن عائلته لا تمتلك أي وثيقة تشير إلى هوية الجندي صاحب هذه الأمانة، مردفًا: "يبدو أنه كان آملًا بالعودة إلى نابلس ليتسردها بنفسه".
ويرجح "ضيف سند" أن علاقة قوية كانت تربط الجندي بجده وعمّه، الذي كان يخدم بالجيش العثماني آنذاك، لذا لم يكن هناك دافع لكتابة اسمه على الأمانة قبل المغادرة.
غادر الجندي المجهول ومعه مطيع العالول من نابلس إلى تركيا، واستشهد الاثنان بمعركة "جناق قلعة" عام 1915 للدفاع عن عاصمة الخلافة آنذاك اسطنبول، وفق رواية إسماعيل العالول.
الأمانة عادت لأهلها
أجيال بعد أجيال، تعاقبت على مطحنة "العالول"، وكانت الوصية دائمًا "حفظ الأمانة" وردها إلى صاحبها عند عودته يومًا ما، لكن الوقت طال ولم يعد هناك أمل بذلك، لذا تم تسليمها وفق إجراءات رسمية من خلال القنصلية التركية في القدس.
وخلال مراسم التسليم خاطب "العالول" القنصل التركي العام قائلًا: "هذه أمانتكم تعود إليكم كما تسلمناها".
وأكمل: "احتفظنا بهذه الأمانة إلى أن جاء الوقت لنسلمها إلى الجهات الرسمية في الجمهورية التركية"، مشيرًا إلى أنه لولا إثارة القضية إعلاميا، لبقيت الأمانة في عهدتهم مائة سنة أخرى.
وأكد أن الأمانة طوال هذه السنوات ظلّت مغلفة بـ "منديل قماشي" خاص بالجندي التركي، وبقيت محفوظة داخل خزنة حديدية في مطحنة "العالول" بالبلدة القديمة بنابلس.
وقبل سنوات، زار وفد تركي مطحنة "العالول"، وعلى هامش الزيارة فتح مدير المصنع راغب العالول الخزنة وأخرج منها صُرّة قماشية بداخلها أوراق نقدية عثمانية، وأخبرهم بقصتها.
والقطع النقدية تبلغ 152 ليرة عثمانية، وبحسب مؤرخين أتراك، فإن قيمة هذه النقود تعادل في ذلك الوقت، نحو 30 ألف دولار أمريكي.
هذه الزيارة أثارت دهشة واهتمام الأوساط التركية الرسمية والإعلامية، وفق ما أورده "العالول".
وخلال المراسم، تسلّم القنصل التركي الأمانة من عائلة "العالول"، معبرًا عن شكره لهم على حفظ هذه الأمانة طوال هذه المدة.
وتعهد "ديمير" بالحفاظ على الأمانة كما حافظت عليها عائلة "العالول"، قائلًا: "هذه الأمانة ترمز إلى التاريخ المشترك وعلاقة الأخوة بين الشعبين الفلسطيني والتركي".