الساعة 00:00 م
الجمعة 03 مايو 2024
22° القدس
21° رام الله
21° الخليل
25° غزة
4.67 جنيه إسترليني
5.26 دينار أردني
0.08 جنيه مصري
4 يورو
3.73 دولار أمريكي
4

الأكثر رواجا Trending

عدنان البرش .. اغتيال طبيب يفضح التعذيب في سجون الاحتلال

أطفال غزة يدفعون ثمن الأسلحة المحرمة

"الموساد الإسرائيلي" ثلاثة إخفاقات تكسر صورته الأسطورية

حجم الخط
الموساد الإسرائيلي ثلاثة إخفاقات تكسر صورته الأسطورية
أحمد البيتاوي - وكالة سند للأنباء

تلقى جهاز "الموساد" الإسرائيلي خلال الأشهر القليلة الماضية، ثلاث ضربات متتالية، بدأت بتركيا التي أعلنت اعتقال شبكة تجسس تعمل على أراضيها لصالح الجهاز، وانتهت بإعلان مشابه صدر عن وزارة الداخلية اللبنانية.

وبين الحدثين الهامين، أعلنت الأجهزة الأمنية الفلسطينية في 9 يناير/ كانون ثاني الماضي إلقاء القبض على شخص في قطاع غزة، شارك بعملية اغتيال العالم الفلسطيني فادي البطش في ماليزيا عام 2018.

وفي خلفية المشهد، لا تزال عملية اغتيال القيادي العسكري في حركة حماس محمود المبحوح عام 2010 في دبي، وما تبعها من فشل أمني تمثل بانكشاف جميع العناصر التي شاركت في العملية، لتُعيد هذه الحوادث تسليط الضوء على جهاز "الموساد"، ذراع إسرائيل الأمنية التي تنشط خارج فلسطين.

أزمات في وجه رئيس الموساد الجديد

يقول الباحث والمحلل السياسي حازم عيّاد، إن "هذه الضربات التي أُعلن عنها في تركيا ولبنان وقطاع غزة، مثّلت صفعة قوية لرئيس الموساد الجديد ديفيد بارنياع، الذي تولى منصبه خلفاً لـ"يوسي كوهين"، قبل أشهر قليلة.

"ومما زاد الطين بِله" في طريق "بارنياع" _تبعًا لعياد_ استقالات عصفت بالجهاز، على رأسها قائد وحدة "قيساريا" المسؤولة عن العمليات الخاصة إضافة لعدد آخر من العملاء.

ويُوضح "عيّاد" في مقابلة تابعتها "وكالة سند للأنباء" أن ذلك بعد خلافات تتعلق بعمليات تطوير الجهاز التي لم تفلح في وقف نزيفه وسلسة الفشل التي عانى منها خلال الفترة الماضية.

ويُؤكد أن حالة الفوضى داخل الموساد ليست جديدة، مشيرًا إلى أنها تعود لشهر تشرين الثاني/نوفمبر 2021، عندما أعلن ثلاثة من قادة الجهاز استقالاتهم، وهم رئيس قسم التكنولوجيا، ورئيس قسم مكافحة الإرهاب، ورئيس القسم المركزي المسؤول عن تشغيل العملاء.

ويُنبّه أن تفكيك شبكات الموساد في لبنان وتركيا ستدفع مسؤول الجهاز للتفكير ملياً قبل إرسال قواته إلى أراضي الدول المجاورة.

ويُبيّن أن شبكات التجسس المكتشفة في تركيا ولبنان، لها امتدادات واضحة في أوروبا الشرقية والغربية وأمريكا الجنوبية والشمالية.

ويعتبر "عياد" الكشف عن الشبكات المتعاونة التي تقدم التسهيلات لقواته على الأرض، بمثابة كارثة حقيقية ستدفع "بارنياع" لمراجعة حساباته في الإقليم.

ويختم "بعد الانهيارات المتتابعة لشبكات الموساد في إيران ولبنان وتركيا، فإن ثقة شركاء إسرائيل الإقليميين الجدد قد اهتزت، كما أن النشاط الاستخباري الإسرائيلي لم يمنع المقاومة من مواصلة نشاطاتها في مقارعة الاحتلال".

سر الخلاف وأسبابه..

من جانبه، يحاول الباحث المختص في الشأن الإسرائيلي محمود مرداوي وضع يده على الأسباب التي أدت لحدوث هذه الاستقالات داخل "الموساد"، قائلًا: إن الاختلاف والتباين في وجهات النظر داخل الجهاز تعود لأسباب متعلقة بتغليب الاعتماد على العامل التكنولوجي أكثر من العامل البشري في عمليات الاغتيال والملاحقة والتجسس، إضافة لتجنيد عناصر غير يهودية للعمل مع الجهاز".

ويلفت "مرداوي" لـ "وكالة سند للأنباء" إلى أن هذه الخلافات عبّر عنها صراحة رئيس الموساد الجديد "بارنياع"، الذي جاء برؤية جديدة لم ترق للبعض داخل الجهاز بعد خلافته لـ"يوسي كوهين".

ويرى أن "الموساد" لم يعد قادراً على العمل كالسابق خاصة بعد عملية اغتيال "المبحوح"، بسبب التطور التكنولوجي والسايبر، فجميع المعابر الدولية  والمسارات البرية والبحرية والجوية باتت مكشوفة لكل الدول التي لديها قدرة تكنولوجيا بالحدود الدنيا.

ويُشير إلى أن ذلك دفع "الموساد" للاعتماد على عملاء من جنسيات أخرى بدل الإسرائيليين، مما أفقد ضباط الاحتلال مبرر وجودهم وتباهيهم.

ويشدد "ضيف سند" على أن الخلافات وحالة الإرباك وعدم الانسجام وغياب الرؤية المشتركة والاستقالات وانكشاف الشبكات التابعة للجهاز تنعكس سلباً على قدراته وتشوش على مهامه وتهز ثقة العاملين فيه.

ويزيد: "كما يعاني الموساد من عدم القدرة على تجنيد عملاء جدد ينشطون في الدول التي يتواجد بها الفلسطينيون، مما دفعه للبحث عن أساليب جديدة غير مباشر من خلال ربطهم بجمعيات خيرية أو مراكز بحثية".

ويستدل بتراجع مكانه الموساد عند المستوى السياسي في إسرائيل، إذ أصبحت حكومة الاحتلال تعتمد مؤخراً على "الشاباك" في العمليات السياسية المرتبطة بالسلطة الفلسطينية، ومصر، والأردن، وهذه إشارة قوية على تراجع دور الموساد في المساحات التي كانت من اختصاصه.

أما كيفية الاستفادة من ذلك فلسطينياً، فيذكر "مرداوي": "أي تراجع لقدرات الاحتلال، يعني في المقابل تقدماً للحق الفلسطيني، فكل ما يجري داخل الموساد يعطي الفلسطينيين دفعة معنوية لمواصلة البحث عما يعزز مقاومتهم على الصعيد المعرفي والمالي والتكنولوجي والعسكري في جميع أماكن تواجدهم".

ويستدرك: "رغم كل ما يعاني منه الموساد، لكن من المبكر الحديث عن انعكاسات مباشرة في البعد العملياتي، هذا يضعف الجهاز ويربكه وربما يحد من قدراته، لكن من الصعب القول إنه سيتوقف عن نشاطاته خارج فلسطين".

البداية والنشأة..

وقد حقق "الموساد" طوال العقود الماضية صيتاً ذائعاً في مختلف أنحاء العالم، لدرجة أن وكالة المخابرات المركزية الأمريكية (CIA) وصفته في تقرير لها بأنه من أكثر أجهزة المخابرات تنظيماً على مستوى العالم.

وأنيط بهذا الجهاز الذي تأسس عام 1949، مهمة جمع المعلومات وتحليلها وتنفيذ العمليات السرية خارج حدود الدولة العبرية، علماً بأن جهاز الشاباك مكلف بتنفيذ العمليات في داخلها.

ويعد "الموساد" أحد المؤسسات المدنية في إسرائيل، ولا يحظى منتسبوه برتب عسكرية، غير أن جميع العاملين فيه، قد خدموا سابقاً في الجيش وحصلوا على رتب عالية.

وخلال العقود الماضية، فقد هذا الجهاز 360 عميلاً، قتلوا خلال عمليات استخبارية لحساب إسرائيل.

ويعد "يعقوب بوكاي" وهو يهودي من أصل سوري أول جاسوس إسرائيلي أعدم عام 1949 على خلفية نشاطه في الموساد، حيث تم القبض عليه في الأردن متخفيا بزي لاجيء عربي.

ولجهاز الموساد مراكز تابعة له في عديد من القارات ، أمريكاالشمالية والجنوبية، وأوروبا، وآسيا، وإفريقيا، ودول البحر المتوسط، ولكل مركز من هذه المقرات رئيساً وهيئة عاملين من الجواسيس.

مهمات

وتنحصر مهمة الجهاز في إدارة شبكات التجسس الخارجية وزرع العملاء وتجنيد المندوبين في كافة الأقطار، ورصد مختلف مصادر المعلومات التي ترد في النشرات والصحف والدراسات الأكاديمية والإستراتيجية في أنحاء العالم.

كما يعمل "الموساد" على  تقييم المواقف السياسية والاقتصادية للدول العربية، ووضع مقترحات وتوصيات حول الخطوات الواجب إتباعها في ضوء المعلومات السرية المتوافرة.

وخلال السنوات الماضية وسّع "الموساد" رقعة نشاطاته لتشمل مجالات كثيرة، حيث يتمثل الجزء الرئيسي لهذه المهمات في إحباط تطوير الأسلحة غير التقليدية من الدول، وإحباط النشاطات التي يصفها بـ "االعدائية" وتستهدف مصالح  الكيان الصهيوني في الخارج.

القتل في خدمة السياسة

وغالبا ما تلجأ الحكومات الإسرائيلية لجهاز الموساد لتنفيذ العمليات للخروج من مآزقهم السياسية أو إثر فشل أمني، فقد شهدت سبعينات القرن الماضي العديد من حوادث الاغتيال ضد قيادات في حركة "فتح"، والتي نفذها الجهاز في أعقاب عمليات نفذتها الحركة ضد المصالح اليهودية في الخارج.   

وبعد عمليات حركة "حماس" الثأرية لاغتيال المهندس يحيى عياش في منتصف تسعينات القرن الماضي، جاءت محاولة اغتيال خالد مشعل الفاشلة في العاصمة الأردنية عمان عام1997.

وبعد حرب لبنان عام 2006 وما رافقها من فشل إسرائيلي، وقعت حادثة اغتيال عماد مغنية القيادي البارز في حزب الله.

وبعد عام على حرب غزة  في 2008، وبأعقاب وصول رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق بنيامين نتنياهو إلى طريق مسدود أمام قوى المقاومة في محادثات صفقة تبادل الأسرى المعروفة بـ "وفاء الأحرار"، جاءت عملية اغتيال "المبحوح" في دبي.

باختصار، لم تعد مهام "الموساد" تنحصر في تنفيذ عمليات الاغتيال أو الاعتقال كما حصل المهندس ضرار أبو سيسي الذي اختطفه الجهاز من أوكرانيا عام 2011، بل امتدت لتشمل مهمات أخرى في غاية التعقيد والأهمية بالنسبة للدولة العبرية.