الساعة 00:00 م
السبت 04 مايو 2024
22° القدس
21° رام الله
21° الخليل
25° غزة
4.67 جنيه إسترليني
5.24 دينار أردني
0.08 جنيه مصري
4 يورو
3.72 دولار أمريكي
4

الأكثر رواجا Trending

قنابل وصواريخ غير متفجرة.. خطر يداهم حياة الغزيين

عدنان البرش .. اغتيال طبيب يفضح التعذيب في سجون الاحتلال

"السفر حياة غنيّة"..

حوار "أسعد طه".. روحٌ شبابية لا تشيب.. ما سر الخلطة السحرية؟

حجم الخط
أسعد طه
ساراييفو-غزة/حاورته إيمان شبير

هو مَن قال يومًا في إحدى حلقات "البودكاست" الخاصة به: "حياتك ليست قائمة على ما سيحدث بل على قبولك للتغيير الذي حدث والذي قد يحدث، وهذا يعتمد على قدرتك على التأقلم ومرونتك في استبدال حياتك بشكلٍ جديد يتوافق مع الظروف الراهنة".

ولعلَّ الكثير تمتَّع بنبرةِ صوته الهادئة التي كان يطبطبُ بها على جمهوره عبر البرامج التلفزيونية أو من خلال منصة "اليوتيوب" وحلقات البودكاست المختلفة في التعامل مع الحياةِ وظروفها، وكان أبرزها حلقة "عابر سبيل".

لا حضور للعمر في حساباته، ففي داخله روحٌ شبابية تجعله مقبلًا على الحياة رغم الشيب الذي غزا رأسه، يُقيم صداقات مع الشباب؛ ليحفظ ذاكرته وروحه من العُزلة، وكان خير مَن يمنح جمهوره الأمل وحب الحياة رغم منغصاتها.

وعبر ما يزيد على 25 عامًا عِمل خلالها بالصحافة المكتوبة، ثم عمل بالإذاعة والتلفزيون مراسلًا في مناطق الأزمات، ثم تخصص في إنتاج الأفلام الوثائقية، إذ صنع الكاتب المصري أسعد طه بصمة فارقة في مجالِه، وعُرِف بأسلوبه البسيط، وقربه من فئة الشباب.

وأسس "طه" في دبي شركة بعنوان هوت سبوت فيلمز؛ متخصصة بإنتاج البرامج والأفلام الوثائقية، وقام بإنتاج العديد من الأفلام وبرامج وثائقية، كان أهمها يحتوي على القضايا الاجتماعية والإنسانية في مختلف دول العالم.

اقتطعت "وكالة سند للأنباء"، من وقت أسعد طه (66 عامًا) المزدحم؛ للحديث عن حياته، واللافت أن نبرةً حيوية سَمت على صوته أثناء أجوبته عن أسئلتنا.

ينبشُ "طه" ذاكرته في مستهل حديثه معنا، ليتحدث عن طفولته التي اختلفت كثيرًا عن معاني البراءةِ المعروفة، قائلًا: "في نكسة عام الـ 1967، كنتُ طفلًا آنذاك بمدينة السويس، لكنني أتذكر أدقّ التفاصيل كيف جرت، حينما كانت تستعد المدينة للحرب مع الاحتلال الإسرائيلي، وكيف كانت اللافتات مُعلَّقة على الجدران تبثُ فينا روح الانتصار".

ويسرد بصوتِه المصري الأصيل: "لم يكن أبدًا متوقعًا حدوث النكسة والصدمة على المصريين، كما عائلتي التي لم تستوعب ما حدث أن "سيناء احتُلّت"، مُستذكرًا صوت الطائرات الإسرائيلية حينما قصفت مدينة "السويس"، ومع كُلّ غارة تسقط يذهبون إلى "الملاجئ"، إذ إنها مواقف صعبة صنعت من "طه" أثرًا كبيرًا في حياته عند الكبر.  

وعن البيئة الأسرية التي ترعرع بها، يروي: كان لوالديّ -رحمهما الله- أثرٌ كبيرٌ في حياتي، فأبي كان في الحياة "معترك"، وأمي كانت السيدة الطيبة التي لديها كنز من مشاعر الحنان كما يصفها مستكملًّا عن أثرها فيه، خاصة عندما كرر كلمة "التضحية" بشكلٍ متتالٍ حينما وصف مشاعرها غير العادية من حنانها، ويُتابع: "أثرت أمي كثيرًا على حياتي، والآن أسترجع دائمًا ما المحددات التي كانا يتبعانها والداي في الحياة حتى أفعل مثلهما".

بينما والده شخصية عطوفة، مؤمنة يقول: "أكثر ما كان يُميز والدي هو إيمانه "العميق البسيط" الذي كان يتشبث به، مؤكدًا أنه لم يكن على الطريقة التي أصبح يراها في حياتنا المعاصرة من صور تشدد.

ويُكمل بنبرةٍ حانية "والدي كان لديه قدرة غريبة على الإيمان الذي لا يمسه أي شيء وفي الوقت نفسه هو "رجل، لطيف، بسيط، ومنفتح على الجميع".

"الروح الشبابية"

وفي سؤالنا: "يراك المتابعون صاحب روح شبابية لا تشيب، ما سر ذلك تحدث لنا عن الخلطة السحرية؟" جاء جوابه بعد صمت: "هناك عدة أمور، أبرزها هو الإصرار على العمل، حتى آخر لحظة في الحياة، لم أعتقد يومًا أن بوسعي أن أبقى في سن معيّن فقط أنتظر الموت، وأكون عاطلًا عن العمل ولا أفعل شيء".

ويوضح "طه" أن دعوته الدائمة كانت: "اللهم أعطني القدرة على العمل حتى آخر لحظة في حياتي".

ويُبين في السياق ذاته، أن المشهد العربي العام "مُستفز للغاية"، حيث يظن الرجل عندما يفوق عمره الـ(50 عامًا) يعتبر أن حياته انتهت، وتبقى وظيفته كيف "يقضي أيامه بدون عطاء؟"، لافتًا إلى أنه من حق الناس أن تستريح، ولكن الراحة ليست بالتوقفِ عن العطاء، والرغبة".

بأسلوبٍ سلس يُتابع حديثه، "ثمة تساؤلات لم تجب الحياة عنها بعد، ألف سؤال في بالنا يبقى بدون إجابة، مُشيرًا إلى أن التواصل مع الشباب، مهم جدًّا؛ لأن ذلك يحفظ للمرءِ شبابه.

"السفر حياة غنيّة"

أسعد طه 1.jpg
 

وتجدر الإشارة إلى أن "ضيفنا" يُحبُّ السفر من مكانٍ إلى آخر، عن ذلك ينصح الشباب بكلماتٍ ذهبية إذ يقول: "أنصح كل شاب أن يُناضل حتى يستطيع أن يسافر، فَلك أن تتخيل أنك تعيش وتموت ولا تغادر المنطقة التي ولدت فيها، واصفًا "السفر" بأنه تجربة غنية جدًّا إلى أقصى حد، تصنع إنسانًا آخرَ بسلبياتها ومشاكلها وإيجابياتها".

ويستأنف حديثه في وصف "السفر"، أنه تجربة "حياة" رغم العثرات والعوائق؛ إلا أنها تجربة مهمة لكل شاب وشابة بغض النظر عن تحقيق هدف السفر؛ منبّهًا إلى أنه من المهم أن يكون المسافر جاهزًا لتلقي الدروس، ومستعدًا للتفكير في قناعاته الشخصية والفكرية، فلا يجب أن يسافر وهو منغلق على نفسه، بل أن يُسافر وفي ذهنه انفتاح على التجارب الأخرى".

ماذا تعني فلسطين لـ "طه"

يُصبح للكلام رونق آخر حينما تكون "فلسطين" حاضرة في الحوار، مُستطردًا: "أن القضية الفلسطينية هي القضية المركزية لنا، باعتبار تأثيرها على الربيع العربي".

ويؤكد "طه" أن جميع أصحاب الثورات المضادة، وكل الذين يريدون إجهاض الثورات العربية الذين قاموا بوضع العقبات، هم من المدافعين عن التطبيع، لافتًا أن الاحتلال يلعب دورًا كبيرًا في دعم هذه الأنظمة التي تسعى للتطبيع".

وبصوتٍ قوي يضيف: "أن القضية الفلسطينية تفرض نفسها، وتؤثر على مستقبل المنطقة العربية، فالمناضل المؤمن بقضيته يرى أنه يجب أن يناضل ويمضي حياته بشرف، وهذا ما يفعله الفلسطينيون باختلاف توجهاتهم، إذ يقومون بهذا النضال اليومي وبعطاء كبير".

لم ينسَ "الأسرى الفلسطينيين" في حديثه، يُعبّر قائلًا: "قضية الأسرى تشغلني جدًّا، وأرى أننا لم نضعها في الموضع الصحيح، ولم نهتم بها الاهتمام الكبير، واصفًا الذين يدخلون السجن ثم يخرجون ثم يدخلون مرة أخرى، والذين يقضون أعوامًا كبيرة في السجون الإسرائيلية هم "مناضلون" لا يتزحزحون ولا يغيرون قناعاتهم، في حين هؤلاء في الخارج من بعض العرب يبيعون كل شيء.