الساعة 00:00 م
الخميس 02 مايو 2024
22° القدس
21° رام الله
21° الخليل
25° غزة
4.71 جنيه إسترليني
5.3 دينار أردني
0.08 جنيه مصري
4.03 يورو
3.76 دولار أمريكي
4

الأكثر رواجا Trending

أطفال غزة يدفعون ثمن الأسلحة المحرمة

معروف: معلبات مفخخة يتركها الاحتلال بمنازل غزة

فلسطينيون عاشوا أحداث يوم الأرض: مشاهد لا يمحوها الزمن

حجم الخط
12
نواف العامر - وكالة سند للأنباء

من ذاكرة الوطن، لا زال الفلسطينيون الذين عاصروا أحداث يوم الأرض (30 مارس/ آذار 1976) يحتفظون بمشاهدَ لا تُنسى من ذلك اليوم، الذي انتفض فيه أهالي الداخل المحتل في وجه الاحتلال الإسرائيلي حين أراد مصادرة أراضيهم وتهوديها على حساب وجودهم.

وفي يوم الأرض الفلسطيني الذي تحلّ ذكراه الـ 46 اليوم الأربعاء، رافقت "وكالة سند للأنباء" فلسطينيين عاشوا تفاصيل هذه الهبّة التي تُعد بمثابة أول تحدٍ من فلسطينيي الداخل في وجه الاحتلال وسياسته منذ نكبة عام 1948، وبصفةٍ جماعية وطنية فلسطينية.

ففي ذاكرة أحمد خلايلة لم تغب تفاصيل المشهد الأخير لشقيقه "خضر" وهو بين يديّ شقيقه يَلفظ أنفاسه الأخيرة، بعد إصابته برصاص قناصٍ إسرائيلي يقول: "لقد كان حدثًا صعبًا، لكن لا خيار أمامنا سوى وقف مسلسل التهجير القسري الذي تحاول إسرائيل فرضه علينا بشتى الطرق".

"أحمد" الذي كان يبلغ من العمر في ذلك الحين 18 عامًا، يستذكر ما حدث يومها: "عقب إصدار حكومة الاحتلال قرار مصادرة 21 ألف دونم من أراضينا، تفجّرت موجة غضب عارمة في القرى، بدأت شرارتها يوم 29 آذار من عام 1976 في بلدة دير حنّا، ثم اتسعت رقعة الاحتجاجات وشملت كافة البلدات".

وفي محاولة لإرهاب المواطنين ومنعهم من المشاركة في الاحتجاجات والإضراب الشامل الذي دُعي له باليوم التالي رفضًا لقرار المصادرة، أعلنت إسرائيل فرض حظر التجوال، واقتحم جيشها مساء 29 آذار بلدات سخنين وعرابة ودير حنا في الجليل، وأطلق الرصاص عشوائيًا على السكان.

ويُكمل "خلالية": "الفلسطينيون على اختلاف أعمارهم شاركوا في الاحتجاجات، أشعلوا النار وأعلنوا رفضهم لمنع التجوال، مخططات التهويد والاستيطان، غير آبهين بالقمع الوحشي والرصاص الذي يُحاصرهم من كل جانب".

ولا ينسى "ضيف سند" ما فعله جنود الاحتلال بمعلمة فلسطينية كانت قد خرقت منع التجوال المفروض على بلدة سخنين: "اعترضوها وسط البلدة وأطلقوا النار على بطنها، وأثناء محاولتنا لإدخالها في بيتها، كان أخي خضر قد أُصيب في رأسه برصاص قناص إسرائيلي، وسقط بجانبي".

بنبرةٍ خفيضة يُتابع سرده: "نقلنا خضر بصعوبة في سيارة، لكنّ سيرها تعطّل على مداخل بلدة ميعار المدمرة لنصف ساعة، وظلّ ينزف بين يدي حتى لفظ أنفاسه الأخيرة.. تأكدوا من استشهاده ثم سمحوا لنا بالمرور".

"لا يخيفنا بارودكم ورصاصكم، لون الأرض لون جلودنا ولن نهجرها"، بهذه الكلمات وصوته المقهور ردّ "أحمد" على جيش الاحتلال عندما منعه من وداع شقيقه حينما وصل إلى المستشفى.

إلى جانب "خضر" استشهد في ذلك اليوم، خير ياسين  من عرابة البطوف، ورجا أبو ريا من سخنين، وخديجة شواهنة من سخنين، ومحسن طه من كفر كنا، ورأفت علي زهيري  من نور شمس.

شاهد آخر على أحداث يوم الأرض وهو علي دغيم يقول: إن "إعلان الإضراب جعل الاحتلال يفقد صوابه، ما دفعه إلى إطلاق العنان لقواته بفعل ما تشاء لتنفيذ السياسة الهادفة لتفريغ الأرض وتغيير الديموغرافيا في الجليل".

"دغيم" كان أحد الجرحى في أحداث يوم الأرض، يؤكد أن "الصمود والثبات الذي تحلى به الفلسطينيون أجبر رئيس الوزراء آنذاك شمعون بيريس، على زيارة سخنين وإعلان إعادة الأرض لأهلها عام 1982".

ويكشف "دغيم" تفاصيل ما أسماه "الخارطة الديموغرافية" في المنطقة اليوم وتتمثل بمستوطنتين على مساحة 191 ألف دونم، يقطن فيها حوالي 20 ألف نسمة، مقابل 100 ألف فلسطيني لقرى سخنين وعرابة ودير حنا، يسكنون على مساحة 33 ألف دونم، منها 13 ألف دونم تحت سيطرة المجلس الإقليمي "مسجاف".

صراع المشاعر..

ومن ضمن شهداء يوم الأرض الشهيد رجا أبو ريا، الذي لا زالت ابنته "جليلة" تحتفظ بذكرياتٍ روتها والدتها المرحومة عنه: "كان أبي في عمر الـ 28 عندما داهمت آليات الاحتلال أحياء البلد، وبدأت بقصفٍ جنوني وعشوائي على المنازل، أُصيب في مختلف أنحاء جسده ثم منعوا عنه الإسعاف ليُعلن عن استشهاده لاحقًا".

ورغم مشاعر الحزن التي ورثتها عن "اليتم" إلا أن "جليلة" الأصغر بين أخواتها الأربع، تقول: "إن مشاعر العز والكرامة بوالدها الذي قدم روحه فداءً لوطنه وأرضه، تغلب على إحساسها بالفقد في وقتٍ مبكر من سنوات حياتها".

ولا زال فلسطينيو الداخل يخوضون المعارك واحدة تلو الأخرى مع سلطات الاحتلال، للحفاظ على أرضيهم وهويتهم، كان آخرها ما يشهده النقب من حالة تصعيد إسرائيلي، تتمثل بهدم المنازل وتدمير الأراضي الزراعية وتخريب محاصيلها، ضمن محاولات فرض الهجرة القسرية على ما يزيد على 150 ألفًا من سكان تلك المناطق.