الساعة 00:00 م
الخميس 02 مايو 2024
22° القدس
21° رام الله
21° الخليل
25° غزة
4.71 جنيه إسترليني
5.3 دينار أردني
0.08 جنيه مصري
4.03 يورو
3.76 دولار أمريكي
4

الأكثر رواجا Trending

أطفال غزة يدفعون ثمن الأسلحة المحرمة

معروف: معلبات مفخخة يتركها الاحتلال بمنازل غزة

بالفيديو والصور السّماق البلدي في سلواد.. إنتاج نخبوي يهدده الزحف العمراني

حجم الخط
السّماق الفلسطيني
لبابة ذوقان - وكالة سند للأنباء

أشجار بريّة تروى بماء المطر، وقطوف دانية بلونها الزاهي، تجذب عشّاق السماق البلدي الذي لا تشوبه المنكهات ولا الصبغات، فتكون وجهتهم بلدة سلواد شرق رام الله بالضفة الغربية، التي تشتهر بإنتاج السماق ذو الطعم والرائحة واللون المميزين.

ويحيط ببلدة سلواد حزام من السماق البري، ما جعلها من أهم وأبرز البلدات المنتجة له في الضفة، وفق نائب رئيس بلدية سلواد فريد حمّاد.

ويُعد السّماق من الأشجار المُعمّرة التي تعيش في الأراضي الجبلية من فلسطين، ويصفها أصحابها بأنها "قليلة التفرع وأغصانها كثيفة متناوبة مركبة، ريشية الشكل، متدلية، وبيضاوية مُسننة الحافة حادة الأطراف".

شجرة السماق.jpeg
 

ويبدأ موسم السماق سنويًا في النصف الثاني من شهر تموز/ يوليو، ويستمر حتى شهر أيلول/ سبتمبر كل عام؛ ليكون مقصد محبي التوابل البلدية، لشراء هذا النوع الخالي من الإضافات والمواد الحافظة، واستخدامه في الأكلات الفلسطينية التقليدية وعلى رأسها "المسخّن" والزعتر.

ويقول "حمّاد" لـ "وكالة سند للأنباء": "من عجائب زراعة السماق أنه إذا حاول الإنسان زراعته باستخدام حبوبه فيكون من النوع غير المنتج، فهو شجر بري يكثر في الجبال، وينتشر في المنطقة الغربية في سلواد وأجزاء من المنطقة الشمالية".

ويملك "حمّاد" أرضًا نبتت فيها أشجار السماق، ما دفعه لتطوير إنتاجه وتوسيعه بعد أن كان استخدامه منزليًا فقط، مضيفًا: "أُنتج السماق البلدي النخبوي إلى جانب الزعتر البلدي وغيره من النباتات البرية دون أي إضافات، أمارس هذا العمل كهواية على الطريقة التقليدية القديمة، وليس بهدف مادي أو تجاري".

وتتراوح كميات الإنتاج في الموسم حسب كمية الأمطار الهاطلة في فصل الشتاء، فكثرة الأمطار تروي شجر السماق بشكل جيد ما يحسّن ويزيد من إنتاجها ويضاعف من حِملها، على عكس المواسم قليلة الأمطار التي تنعكس سلبًا على حصاد السماق، وفق "حمّاد".

ويردف "ضيف سند": "للأسف فإن السماق من الزراعات التي لا يوجد مشاريع خاصة بها"، مشيرًا لفشل بعص المزارعين بزراعة بذوره، كما أن زراعته بواسطة الأشتال ليست منتشرة كثيرًا.

ويتابع: "السماق المصنّع وغير البلدي يملأ الأسواق، وهناك من يلجأ لإضافة كيماويات ومنكهات أو طحن القمح ووضع الأملاح فيه لزيادة كميته، إلا أن السماق البلدي الخالي من أي إضافات فهو بكميات قليلة ومحدودة".

305938460_3109737822669979_836161089730816543_n.jpg

305336784_1244482282972421_6994692837261726708_n.jpg
 

مراحل طويلة ومتعبة..

صاحب مطحنة السماق الوحيدة في سلواد لطفي الخراز يخبرنا عن مراحل إنتاجه، بدءًا من منتصف تموز من كل عام حيث يكون جاهزاً للحصاد، فيقول: "بعد جني قطوف السماق يتم تنشيفها تحت أشعة الشمس؛ حتى نتمكن من فصل الحب عن القطوف، بعد ذلك يتم غربلته لفصل العيدان منه، ثم تنشيفه مرة أخرى تحت الشمس تحضيرًا لطحنه".  

وفي مطحنته، يقوم "الخراز" بتقشير السماق بآلة خاصة، تعمل على فصل القشرة عن البذور داخله، حيث تؤخذ القشرة بعد أن يصبح ملمسها ناعما ويتم طحنها، في حين يتم التخلص من البذور.

ويُشير إلى أن قشرة البذور هي التي تطحن، أما الحب فيستخدمه البعض كطعام للأغنام أو لإشعال النار، مستدركًا: "لكن هناك من يخلطون الحب بالقشر لكن لا يكون السماق جيدًا وبجودة ضعيفة جدًا".

وتنتج بلدة سلواد ما يقارب من 3-4 طن سنويًا من السماق، بعد أن كان إنتاج البلدة يفوق 50 طن سنويًا، وفق صاحب مطحنة "الخراز".

وفي سؤالنا عن أسباب تراجع الإنتاج؟ يُجيب مراسلة "وكالة سند للأنباء": "تراجع اهتمام الناس بالزراعة، خاصة وأن حصاد وإنتاج السماق يمر بعدة مراحل تحتاج وقتًا وجهدًا كبيرين".

ويعزي ضيفنا السبب الرئيسي لضعف الإنتاج، للتوسع العمراني الذي جاء على حساب الأشجار الحرجية والنباتات البرية في الجبال، حيث تم اقتلاع الكثير من أشجار السماق.

يعود بذاكرته للوراء قائلًا: "أذكر عندما كنت صغيرًا كان أقل بيت في سلواد ينتج 300 – 400 كيلو من السماق سنويًا".  

ويُعرج على الصعوبات التي تواجه منتجي السماق: "لا يوجد أحد يزرع أو يهتم بهذه النبتة، في الوقت الذي يجب الحفاظ عليها، فهي تنمو في جبالنا ومن تاريخنا، حتى وزارة الزراعة لا توفر مشاريع خاصة بها، كما أن الكميات التي ننتجها لا تغطي السوق المحلي، فنضطر للاستيراد من الخارج".

ويلفت "الخراز" لتمكن منتجي السماق البلدي من تصديره من سلواد إلى أمريكا وبعض الدول الأوروبية لكن بكميات قليلة جدًا"، مطالبًا الجهات الرسمية للالتفات لهذه الزراعة والاهتمام بها أكثر.  

ولم يتبق في سلواد سوى مطحنة واحدة التي يملكها ضيفنا، موضحًا: "من كانوا يعملون بهذه المهنة توفوا، وأغلقت مطاحنهم ولم يتبق سوى مطحنتنا؛ هذه المهنة صعبة وتحتاج لوقت طويل بتجهيز السماق، ويحتاج لأيدي عاملة، غير أنه يتم التخلص من كميات كبيرة منه خلال مرحلة تحضيره وفصل القشور والعيدان والحبوب، وهذا الأمر لا يشجع الناس على العمل به".

السماق.webp
 

الزراعة بالتشتيل..

بدورها، تقول مدير دائرة الخدمات الإرشادية في مديرية زراعة رام الله أسمهان غروف، إن السماق من الأشجار الحرجية وليست من المثمرة، كما أنها ليست بحاجة للاعتناء بها، وإنما بحاجة للماء في بداية عمرها، ثم تنمو وتتكيف مع الظروف المناخية لتصبح شجرة منتجة.

وتوضح "غروف" لـ "وكالة سند للأنباء" أن شجرة السماق مقاومة للأمراض الحشرية أو الفطرية لأنها من الشجر الحرجي المقاوم للأمراض، كما أن جذورها قوية جدًا وممتدة ويمكن أن تؤثر في أساسات البناء.

وتعمل وزارة الزراعة على تشتيل الأشجار الحرجية في مشتل خاص في قرية كفر مالك قرب رام الله، ومن بينها أشتال لشجر السماق، حيث يتم توزيعها مجانًا على المزارعين، وفق "غروف".

وتُرجع ضيفتنا سبب تراجع الإنتاج في سلواد وغيرها من المناطق؛ للعزوف عن الزراعة وإيلاء بناء المشاريع والمراكز التجارية والمنازل الاهتمام الأكبر، إضافة إلى أن إنتاج السماق لا يعود بمردود مالي كبير لأصحابه.

ويُعد السماق نبتة علاجية، فهو يحتوي على نسبة كبيرة من حمض العفص، وغني بفيتامين   C  والكالسيوم، ويُساهم في علاج العديد من الأمراض، كالإسهال والنزيف والسيلان الأبيض والنزلات الصدرية، والتهابات الحنجرة، كما يُستخدم للتخفيف من تهيّج الجلد وإحمراره.

ويعتبر السماق فاتحاً للشهية، ويقي من الروماتيزم ويمنع تقيّح الأذن.