الساعة 00:00 م
الجمعة 26 ابريل 2024
22° القدس
21° رام الله
21° الخليل
25° غزة
4.76 جنيه إسترليني
5.37 دينار أردني
0.08 جنيه مصري
4.08 يورو
3.8 دولار أمريكي
4

الأكثر رواجا Trending

جيش الاحتلال يُعلن مقتل "رائد" شمال قطاع غزة

فلسطيني يحول موقعاً عسكرياً مدمراً إلى مسكن لعائلته النازحة

17 عامًا على الانسحاب الإسرائيلي.. ماذا تغير في قطاع غزة؟

حجم الخط
فلسطين
غزة - وكالة سند للأنباء

شكّل انسحاب الاحتلال الإسرائيلي من مستوطنات قطاع غزة في أيلول/سبتمبر 2005، نقطة فارقة في تاريخ القطاع، وانعطافًا مهمًا لمسار جرت في نهره مياه كثيرة خلال العقود التي أعقبت الانسحاب.

واحتلت إسرائيل قطاع غزة عام 1967، وظلت مسؤولة عن إدارته حتى مجيء السلطة الفلسطينية عام 1994، فأسندته للسلطة، فيما أبقت على قواتها في مجمعات ومستوطنات مركزية داخل القطاع، كان يحتلها أكثر من 6 آلاف مستوطن.

احتلال.webp


وأقيمت أول مستوطنة في القطاع باسم "نیتسر حازاني" عام 1976، فيما أُنشأت آخر ثلاث مستوطنات صغيرة عام 2001 بعد اندلاع انتفاضة الأقصى.

وجاء الانسحاب الإسرائيلي بفعل الضغط الذي مارسته المقاومة على قوات الاحتلال والمستوطنين، خصوصًا مع بدء انتفاضة الأقصى عام 2000، وما عُرف بـ "حرب الأنفاق" التي استهدفت خلال السنتين اللتين سبقتا الانسحاب، مواقع حصينة للجيش في القطاع.

محطات مفصلية..

الانسحاب الإسرائيلي.jpg

306311822_826579818755649_933990421465539953_n.jpg
 

بعيد الانسحاب الإسرائيلي بعام واحد، فازت حركة حماس في الانتخابات التشريعية الفلسطينية بأغلبية المقاعد، ثم بعد عام واحد من فوزها قادت القطاع بعد أحداث دامية من الانقسام السياسي الداخلي.

شكّلت هذه الأحداث بمجملها بداية لحقبة زمنية شهد فيها القطاع حصارا مشددًا، إلى جانب حروب متعددة ما بين الأعوام 2006 التي أسر فيها الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط، ثم حرب عام 2008، و2012، و2014، و2021، ثم أخيرًا عدوان آب/ أغسطس 2022.

تطور عسكري..

شكّلت حرب عام 2008 صدمة عسكرية للمقاومة الفلسطينية، خاصة في ظل ندرة امتلاكها للقدرة الصاروخية ومحدودية القوة النارية التي بحوزتها في المواجهة، تحديدا على صعيد القوة الصاروخية كمّا ونوعا.

لكنّ بحسب الخبير العسكري واصف عريقات، فإنّ المقاومة نجحت عبر سلسلة المواجهات من مراكمة الخبرة العسكرية ابتداءً ثم مراكمة القدرة الخاصة بتطوير بنيتها التحتية، وصولا إلى تحقيق معادلات عسكرية على الأرض، ساهمت في صناعة نموذج عسكري مهم في القطاع.

وتمثل التطور بشكل لافت في المنظومة الصاروخية والمدفعية معا، فمن الناحية الصاروخية فاجأت غزة العالم برمته في استهداف تل أبيب والقدس عام 2012، ثم بعد ذلك طالت صواريخها جميع الأراضي المحتلة في عدوان 2014، إلى جانب قدرة التأثير على القدرة العسكرية الإسرائيلية في الحرب البرية، بحسب "عريقات".

يضيف "عريقات" لـ "وكالة سند للأنباء": "نجحت غزة خلال مجمل سني المرحلة في إدارة معركة أمنية لا تقل ضراوتها عن تلك العسكرية، خاصة في ملف الجنود الإسرائيليين، بدءًا من إدارة ملف "شاليط،" خطفا وحجزا وتبادلا، مرورا بملف الجنود الأربعة".

ولم تكن هذه النجاحات حكرا على لون سياسي بعينه في المقاومة، بل امتدت لتشمل بيئة المقاومة تطورا في كل مكوناتها المختلفة، واستطاعت أن تبني منظومة شاملة لكل القدرة العسكرية، التي توجت بما يُعرف إعلاميًا "الغرفة المشتركة" لفصائل المقاومة.

وكان لافتا الحديث الإسرائيلي عن "مترو حماس" في إشارة لبنية المقاومة المتطورة أسفل الأرض، في تعبير عن استراتيجية متطورة نجحت المقاومة في رسمها خلال وقت وجيز بعيد الانسحاب.

سياسيًا

الإنجاز العسكري قابله فتور سياسي في القطاع، لعوامل يعزوها مراقبون لظروف البيئة الجيوسياسية وخضوع القطاع لحسبة الجغرافيا السياسية من ناحية، وحالة الانقسام السياسي الداخلي من ناحية ثانية.

ودفعت التجاذبات السياسية الداخلية لخلق مجموعة أزمات خانقة في القطاع، من بين قطع للرواتب وإحالة الآلاف منهم للتقاعد في السنوات الأخيرة، إلى جانب تقليص كبير في حصة غزة، بحسب المراقبين.

ويشير أستاذ العلوم السياسية بجامعة الأزهر إبراهيم أبراش، إلى أن ما تعرض له القطاع من تجاذبات تسببت بالضرورة بحدوث انهيار في حصانة المجتمع وقدرته على تحقيق إنجازات سياسية.

ويوضح "أبراش" لـ "وكالة سند للأنباء" أن الانسحاب لم يكن كذلك بل كان تموضعا وإعادة انتشار للاحتلال، ضمن مخطط استراتيجي إسرائيلي للسيطرة عليه برا وبحرا وجوا.

ويرى أن إسرائيل استغلت تشرذم الوضع الفلسطيني الداخلي والخلافات القائمة، خاصة في ظل ضعف السلطة الفلسطينية.

ويبيّن "أبراش" أن التباين السياسي الداخلي برز بشكل أوضح بعد الانسحاب، خاصة مع خوض غمار الانتخابات الفلسطينية التي أظهرت خلاف البرامج، وبذرت عبرها الشقوق والاتهامات بين أدوار الأطراف المختلفة.

وعن تأثير الانسحاب على النظام السياسي للسلطة، يوضح "ضيف سند" أنّ مفهوم وتعريف ماهية النظام ملتبس، خاصة وأن جزءًا كبيرًا من القوى الفلسطينية ليسوا جزءًا منه، ولا يخضعون لنظامه، وفشلت الانتخابات في استيعاب المعارضة السياسية تحديدا حركة حماس في هذا النظام.

ويعزو "أبراش" تراجع الحالة الفلسطينية الراهنة؛ لفشل الطبقة السياسية الحاكمة، خاصة في ظل انسداد الأفق السياسي، مشيرًا إلى أن الحالة الفلسطينية برمتها تتعرض لحالة انهيار خاصة مع الحصار الخانق المفروض على غزة، مؤكدا ضرورة استنهاضها بكل معطياتها.

الواقع الزراعي والاقتصادي..

اقتصاديا، مثّلت المحررات العنوان الأبرز من مخرجات الانسحاب، إذ شكلت 35% من مساحة القطاع، فاضت بخيراتها على سكانه، فجزء منها خصصّ لبناء الجامعات والمستشفيات، وأخرى تحولّت لسلّة غذائية تؤمن قرابة 40-50% من حاجة القطاع الزراعية، إذ أضحت بيئة خصبّة للإنتاج الزراعي والحيواني معا.

المحررات.webp
 

وقبيل انسحابه من القطاع، نهبّ الاحتلال أراضي المحررات، وزرعها بأصناف مختلفة من الخضار والفواكه، مثلّت "المانجا" واحدة من أهم هذه السلع، فقد بلغت مساحة الأراضي الزراعية آنذاك من 3500-4000 دونمًا.

المتحدث الفني باسم وزارة الزراعة محمد أبو عودة، يقول إن أراضي المحررات استثمرت بعد الانسحاب، وجرى تأجير عدد كبير من مساحاتها، لكنّها اصطدمت بحصار شامل فرضه الاحتلال على تصدير البضائع.

ويشير "أبو عودة" في حديثه لـ "وكالة سند للأنباء" إلى أنه بعد تحرير تلك المستوطنات، تحولت إلى مقدرات الشعب وبدأت الحكومة والقطاع الخاص باستغلال تلك الأراضي واستثمارها حيث ساهمت بشكل كبير في زيادة المحاصيل وكميات الإنتاج.

وساهم الاستثمار في تشغيل الأيدي العاملة في القطاع الزراعي، وتحقيق الأمن الغذائي، وتوفير منتوجات على مدار السنة، خاصة في المحاصيل التي يكون فيها فجوة حتى الوصول للاكتفاء الذاتي.

ويوضح "أبو عودة"، أن القطاع كان يعاني من عجز في توفير محصول البصل لكن استغلال أراضي المحررات سمح بزرع كميات كبيرة منه تسد عجز السوق الغزي، إضافة لدفع السكان المستثمرين في أراضي المحررات لزراعة الزيتون واللوزيات نظرا لخصوبة التربة.

كما أصبح القطاع قادرا على إنتاج كميات وفيرة من حاجة السكان لفاكهة "المانجا"، وفق "أبو عودة".

ومع كل المنغصات الإسرائيلية نجح قطاع غزة في استثمار الأراضي المحررة في مشاريع زراعية؛ حققت اكتفاءً ذاتيا في بعض المحاصيل يعد تجربة ناجحة، رغم محاولات إسرائيل إعاقة المفاصل الحياتية له.

قدرة التغلبّ

رئيس لجنة الإدارة العامة للمحررات محمد الشاعر، يؤكد بدوره أنّ منطقة المحررات تشكل ثلث أرضي القطاع، لافتا إلى أنه جرى تجهيزها بالحد الأدنى من البيئة التحتية للمحررات التي تمتد على مساحات شاسعة من أراضي القطاع الصالحة للزراعة.

ويضيف لـ "وكالة سند للأنباء" أن "المحررات حققّت اكتفاءً ذاتيا في بعض المنتجات، بل وحققت قفزة نوعية في إنتاجها وصدّرت بعض منتجاتها".

وللتغلب على التربة الرملية للقطاع، تم جلب مواد وأتربة تساعد على تماسك التربة، واستخدام تكنولوجيا الزراعة العضوية الرفيقة بالبيئة، والتي تنتج منتجات ذات جودة عالية وزرع المحررات بشتى أصناف الحمضيات والفواكه والخضروات، بحسب "الشاعر".