الساعة 00:00 م
الأربعاء 24 ابريل 2024
22° القدس
21° رام الله
21° الخليل
25° غزة
4.67 جنيه إسترليني
5.33 دينار أردني
0.08 جنيه مصري
4.03 يورو
3.78 دولار أمريكي
4

الأكثر رواجا Trending

جيش الاحتلال يُعلن مقتل "رائد" شمال قطاع غزة

فلسطيني يحول موقعاً عسكرياً مدمراً إلى مسكن لعائلته النازحة

"الوضع القائم" في الأقصى.. تغييرات إسرائيلية بطيئة ومستقبل خطير

حصل على عدة شهادات جامعية بالأسر..

الأسير أحمد جيوسي.. ينير عتمة سجنه بنور العلم وأمله بالحرية

حجم الخط
الأسير أحمد الجيوسي
طولكرم - وكالة سند للأنباء

من خلف قضبان الأسر، يشع نور العلم رغم أنف السجان، ليضيئ عتمة الزنازين، ويعكس للعالم ضياءً يحاول الاحتلال الإسرائيلي طمسه، وهممًا تسعى إدارة المعتقلات لتحطيمها، إلا أن الطموح والأمل بالحرية تظلّ أقوى.

وهكذا بدا الأسير أحمد خالد الجيوسي (43 عامًا) من طولكرم طيلة سنوات اعتقاله، صامدًا متمسكًا بالأمل ومحبًا للعلم، فسنوات اعتقاله العشرين، لم تستطع أن تفتّ من عضده، ولم تمض سدى في غياهب السجون، فقد قرر منذ بداية اعتقاله أن يتحدى الزمان والمكان، وينتزع شهاداته واحدة تلو الأخرى، وكله أمل بأن يخرج لفضاء الحرية حاملًا لعدة شهادات علمية.

واعتقل الجيوسي في شهر آذار/مارس عام 2002، ووقع أسيرًا بقبضة الاحتلال بعد مطاردة لشهرين، وبعد جولات من التحقيق حُكم بالسجن المؤبد 35 مرة و10 سنوات إضافية.

وخلال سنواته العشرين اجتاز امتحان الثانوية العامة مرتين، الأولى بالفرع العلمي والثانية بالأدبي، وانتزع شهادتي بكالوريوس، وشهادتي ماجستير، ويحضّر الآن للبدء برحلة ماجستير ثالثة.

وقبل أيام، حصل "الجيوسي" على درجة الماجستير بتقدير جيد جدًا في الدراسات الإسلامية- شعبة الاقتصاد الإسلامي من كلية الدعوة الجامعية للدراسات الإسلامية في لبنان، بعد مناقشة رسالته التي حملت عنوان "تأثير المرابحة على خلق النقود".

شهادة الأسير أحمد جيوسي.jpg

 

واستطاع الجيوسي، أن يحقق بهذا العمر ما لم يستطع كثيرون ممن ينعمون بالحرية تحقيقه، كما تقول زوجته آمنة الحصري.

وتصف "آمنة" زوجها بـ "الشاب المكافح الطَموح"، مضيفة:"كان يمكن أن يستسلم أحمد لليأس وتضيع كل هذه السنوات هباء، لكن على العكس من ذلك فقد استثمرها بأفضل ما يمكن".

وتشير الزوجة في حديثها لـ "وكالة سند للأنباء: "قبل الاعتقال لم يكتب لأحمد اجتياز الثانوية العامة، فتلقى عدة دورات مهنية، وعمل في مجالي الكهرباء والخياطة، لكنه حصل خلال السنة الأولى من اعتقاله على شهادة التوجيهي ليبدأ بعدها مرحلة الدراسة الجامعية التي ما إن ينتهي من محطة فيها حتى يدخل بمحطة جديدة".

 وحصل الأسير "الجيوسي" خلال اعتقاله على ما يزيد عن 50 دورة تدريبية في مجالات مختلفة، وكان تركيزه فيها على التنمية البشرية بالإضافة للعلوم الشرعية.

همة عالية وجهد ذاتي..

التحق الأسير "الجيوسي" بالدراسة الجامعية من خلال جامعة القدس وجامعة الأقصى بغزة حتى لا يرهق عائلته ماديا، وحصل على شهادتي بكالوريوس إحداهما في التاريخ والثانية في الإدارة.

وعن ذلك تُحدثنا زوجته: "بين حين وآخر يفاجئنا بتسجيله ببرنامج أكاديمي جديد بإحدى الجامعات، ويطلب منا فقط مساعدته بإتمام إجراءات التسجيل وتوفير المراجع"، مضيفة: "في البداية كانت والدته هي التي تتابع احتياجاته الدراسية، لكن بعد وفاتها توليت هذه المهمة إضافة لابنة شقيقته".

وتمضي بالقول: "يطلب مني عادة إدخال الكتب والمراجع والمساعدة بإعداد المشاريع والأبحاث، فلم يكن تحقيق كل هذه الإنجازات بالأمر السهل، بل جاءت بعد جهود ومشقة مضاعفة بسبب ظروف الاعتقال وتضييق إدارة السجون".

وتواجه عائلات الأسرى صعوبات جمّة في إدخال الكتب والمراجع للأسرى، وبعد 5 أو 6 محاولات يمكن أن تنجح عائلة الأسير بإدخال الكتب له، وفق "آمنة".

وتتابع: "كثيرا ما لجأت لإدخال الكتب مع عائلات معتقلين من فلسطينيي الداخل بسبب سهولة الإجراءات نسبياً مقارنة بأسرى الضفة وغزة، وأحيانا كنت أضطر لتغيير غلاف الكتاب أو إعادة طباعته".

وفي دراسته الأخيرة للماجستير، كاد يفوت "الجيوسي" موعد تسليم رسالته بسبب الصعوبات البالغة التي استنزفت الكثير من الوقت، بحسب زوجته.

وتؤدي "آمنة" دورا مهما في مساعدة زوجها الأسير بإعداد الأبحاث، وتوضح: "هو يعطيني عناوين الأبحاث والمراجع، وأكلف مختصا بذلك، وأكون أنا حلقة الوصل بين ما ينجزه أحمد وما ينجزه المختص وأتولى أنا إخراج العمل البحثي بشكله النهائي".

وبعد أن قطع شوطا كبيرا على الصعيد الأكاديمي، بدأت عيون "أحمد" تتطلع للحصول على درجة الدكتوراة، لكنه عَدَلَ عن الفكرة بسبب تكلفتها العالية، واستعاض عنها بشهادات ماجستير متعددة.

أمل الحرية لا ينطفئ..

ورغم قسوة الواقع، يتمسك الأسير "الجيوسي" بالأمل، فقبل سنتين رزق بطفله "أويس" من نطفة مهربة.

وفي سؤالنا لضيفتنا، ما الذي يدفع أسيرا محكوما بمئات السنين لكي يفكر بتطوير نفسه ومواصلة تحصيله العلمي؟ تجيب: "أحمد يحمل الكثير الكثير من الأمل بالحرية، وهو يحب أن يطور من قدراته وعدم الاستسلام لليأس وللأمر الواقع، بل يواكب التطورات التكنولوجية الحديثة، وينمي ذاته، ويفيد غيره مما اكتسبه من العلوم والمهارات.

وتنقل لنا بعضا مما يحدثها به زوجها، فيقول: "عندما يمنّ عليّ ربي بالحرية، كل هذه الشهادات ستفيدني إما في الحصول على وظيفة أو بافتتاح مشروعي الخاص".

إشعاع العلم الذي أطلقه أحمد لم يقف عند أسوار السجن، بل كان لزوجته نصيب منه، وعن ذلك تخبرنا ضيفتنا: "شجعني أحمد على تطوير قدراتي ونيل عدة دورات، وحاليا أدرس المحاماة الشرعية، وعملت بعدة مجالات بتوفيق الله وبدعم معنوي منه".