الساعة 00:00 م
السبت 27 ابريل 2024
22° القدس
21° رام الله
21° الخليل
25° غزة
4.79 جنيه إسترليني
5.4 دينار أردني
0.08 جنيه مصري
4.1 يورو
3.83 دولار أمريكي
4

الأكثر رواجا Trending

جيش الاحتلال يُعلن مقتل "رائد" شمال قطاع غزة

فلسطيني يحول موقعاً عسكرياً مدمراً إلى مسكن لعائلته النازحة

بعد سنواتٍ من الأسْر.. محاكم الاحتلال تسرقُ أعمار المقدسييْن "الباسطي" و"أبو سنينة"

حجم الخط
الأسيران قيس الباسطي ومحمد أبو اسنينة.jpg
القدس - فرح البرغوثي- وكالة سند للأنباء

بعزيمةٍ وصبر، يمضي الشابان المقدسيان قيس الباسطي (21 عامًا) ومحمد أبو سنينة (18 عامًا) حياتهما عقب الإفراج عنهما من سجون الاحتلال العام الماضي، بعد قضاء ثلاث سنوات في الأسر، في ظل مواصلة ملاحقتهما والتضييق عليهما بالرغم من انقضاء محكوميتهما والإفراج عنهما.

سنوات الاعتقال الثلاث ومراحل التحقيق والتعذيب التي خضع لها الشابان اللذان كانا قاصرين حينها، لم تكن كافية بنظر الاحتلال للتنغيص والتضييق عليهما، ليقرر إعادة محاكمتهما بعد خروجهم من السجن.

بداية الحكاية كانت عام 2019، عندما اعتقلت شرطة الاحتلال "الباسطي" و"أبو سنينة"، واتهمتهما بـ "حرق مخفر الشرطة" الموجود داخل المسجد الأقصى المبارك، وغرّمتهما في وقتها بمبلغ 5 آلاف شيقل لكلّ واحدٍ منهما.

تحقيقٌ وتعذيب..

يعود "الباسطي" في ذاكرته ليوم الاعتقال، ويروي في حديثٍ مؤلم أنه ظُهر الثاني عشر من شهر آذار/مارس عام 2019، كان وصديقه في المسجد الأقصى، تزامناً مع حادثة احتراق مخفر شرطة الاحتلال، وما هي إلا لحظات حتى اعتقلتهما عناصر الشرطة من داخل المسجد القِبْلي، واقتادتهما للتحقيق.

ويُبيّن أنهما تعرَضا أثناء التحقيق للتعذيب والتنكيل والضرب الوحشي، مضيفاً بنبرةٍ تمتلىءُ بالقهر والأسى: "في البداية كان كلّ شيء صعب (..) لم نفهم أيّ شيء وما الذي يحصل، ثم اكتشفنا أن الاحتلال كان يحاول ضغطنا بالزنازين والضرب والتهديد".

لم يكن سهلًا بالنسبة لـ "الباسطي" و"أبو سنينة" الدخول لأول مرة داخل قلاع الأسْر والابتعاد عن أحضان عائلتيهما، لكنّهما رغم صِغر سنيهما، بقيا صامدين متمسكين بالأمل ويقين الفرج، وقررا أن يُحلِّقا في عالمِهما الخاص خارج الأسوار وخلف القضبان الحديدية.

وعن أيامهما خلف القضبان، يُحدثنا: "بعد فترة بدأنا بالاعتياد، وأصبحنا نُفكر أنه واجبٌ علينا تحمّلَ هذا المكان لأنه مفروضٌ علينا".

ويمضي بالقول: "التقينا في السّجن مع الكثير من الأسرى الذين تركوا فينا أثراً جميلاً؛ مثل إبراهيم حامد، وبلال البرغوثي، وضرار أبو سيسي، كما استغلّينا الوقت في الدراسة وحصدنا العديد من الشهادات والدورات بحمد الله وتوفيقه".

"صباحٌ مُختلف"..

وفي الـ23 من شهر أيلول/ سبتبمر من العام الماضي، تنسّم "الباسطي" و"أبو سنينة" الحريّة، وعادا لأحضان عائلتيهما، وسط سعادةٍ عارمة، ظناً منهما بأن القضية انتهت، لكنّه الاحتلال لا يكفّ عن ملاحقة المقدسيين والتضييق عليهم، ومحاسبتهم في كافة الطرق.

ويروي "الباسطي" أنه في إحدى صباحات شهر كانون أول/ديسمبر من العام الماضي، أيقظته والدته والهلعُ يملأُ صوتها وهي تُردد: "يما قوم بسرعة.. قوم.. بدهم يرجعوا يحاكموكم من جديد".

كان وقعُ الخبر عليهما قاسياً، حيثُ تسلّما في حينها ورقة تبليغٍ من شرطة الاحتلال، التي تنوي تغريمهما بمبلغٍ مالي هائل؛ لإعادة تصليح مخفر الشرطة وتعويض كافة الخسائر التي حدثت عقب ذلك.

ويسهب في حديثه مع "وكالة سند للأنباء" أن هذا الإجراء "انتقامي" من قبل الاحتلال الذي يُريد أن يفرض عليهما مبلغاً ضخماً قد يتراكم ليصبح بملايين الشواقل، كما أوضحت محاميتهما لهما، فيما لو لم تتم متابعة هذا الأمر قانونياً.

ويقول بقلبٍ مكلوم: "منذ شهر كانون أول/ديسمبر من العام الماضي وحتى يومنا هذا، وحياتنا مليئةٌ بالتوتر والضغط، ومُعلّقةٌ بين محاكم الاحتلال المتتالية دون أيّ قرارٍ مُعين".

ويصفُ أنهما "أصبحا يشعران أنهما مُقيّدان رغم انتهاء أيامهما الطويلة في السجن، وأن الاحتلال يلاحقهما من كافة الاتجاهات، وأينما توجّها"، مضيفاً:"كتبوا لنّا في ورقة التبليغ "أنتم تحت العين"، أيّ أننا مراقبان أينما ذهبنا".

تحدياتٌ يُقابلها "صبر مقدسي"..

وعند سؤاله عن التحديات التي يواجهانها، يجيب ضيفنا: "الكثير من المؤسسات والمحال التجارية أصبحت ترفض توظيفنا؛ بِحجّة "الملف الأمني"، حاولنا كثيراً الحصول على أيّ وظيفة ولم نستطع".

هذا عدا عمّا يعانيه الشابان من تفتيشات عناصر شرطة الاحتلال والاستدعاءات المتكررة للتحقيق، ويسترجع "الباسطي" بذاكرته العديد من المرات التي لاحقته خلالها شرطة الاحتلال وكيف حاولت استفزازه، ويستطرد: "أعاني كثيراً من الكاميرات الإلكترونية والرقابة بشكلٍ مشدد، كلما خرجت عبر أزقة البلدة القديمة، تقوم عناصر الشرطة بتوقيفي وتفتيشي ومحاولة استفزازي".

يصف "الباسطي" حاله هو وصديقه "أبو سنينة" بالقول: "أصبحنا نعيش تحت الضغط والتوتر والتفكير المستمر بالمستقبل المجهول، وما يمكن أن يحمله لنا".

ويُكمل بغصّة: "في حال حكمت المحكمة علينا بغرامةٍ مالية باهظة تتراوح بين الـ300 ألف شيقل والمليون.. سوف يُحجز على البنك، وسنُمنع من السفر ومن الكثير من الأشياء (..) سنغرقُ في الديون وسنبقى ندفعها طوال عمرنا الذي ما زلنا في بدايته".

لكن "الباسطي" و"أبو سنينة" لا يعرفان سوى الصمود والقوّة، حالهم كحال بقية المقدسيين، ويؤكّد على ذلك: "نحن صامدون وأقوياء.. صلتنا مع الله كبيرة، ومن صلته بالله قوية لن يضعف (..)، وهذه قضية تُشرّف وترفع الرأس".

واختتم حديثه مردداً: "قد يعتقد الاحتلال وأجهزته أن هذا الاستهداف قد يهدمنا أو يجعلنا نشعرُ بالندم؛ لكنّ العكس هو الصحيح، وكلّ شيء مكتوب من الله، وواجبٌ علينا الصبر والتحمّل حتى آخر نَفَسْ".