الساعة 00:00 م
السبت 20 ابريل 2024
22° القدس
21° رام الله
21° الخليل
25° غزة
4.65 جنيه إسترليني
5.31 دينار أردني
0.08 جنيه مصري
4.01 يورو
3.76 دولار أمريكي
4

الأكثر رواجا Trending

بعد 73 عامًا من إعلانها كعاصمة.. عقدة الشك تطارد "إسرائيل" بأحقيتها في القدس

حجم الخط
عقدة الشك لدى إسرائيل
رام الله- لبابة ذوقان – وكالة سند للأنباء

حلم يراود الاحتلال منذ نشأته، وقرار اتخذ بعد عام واحد من الإعلان عن قيام "إسرائيل"، بأن القدس ستصبح عاصمة لها، في محاولة لإثبات أحقية اليهود بالمدينة المقدسة، وتحقيق حلم الاحتلال بالظفر بها.

ففي السادس عشر من كانون أول/ ديسمبر 1949 (ذكراها أمس الجمعة) أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي ديفيد بن غوريون بأن القدس ستصبح عاصمة لدولة "إسرائيل" ابتداء من الأول من كانون ثاني/ يناير 1950.

وبعد عقود من الإعلان الإسرائيلي، جاء إعلان الإدارة الأمريكية السابقة برئاسة دونالد ترامب عام 2017 بالاعتراف بالقدس عاصمة لـ "إسرائيل"، ونقل السفارة الأمريكية لمدينة القدس.

ورغم تلك القرارات لا تزال "إسرائيل" تستجدي الاعتراف بالقدس كعاصمة لها من دول العالم، وتحتفي بالسفارات التي تنقل مقراتها للقدس كعربون اعتراف، ما يفتح المجال للتساؤل: "هل تعاني إسرائيل من عقدة الشك بأحقيتها بالقدس؟".

1.jpg

أستاذ العلوم السياسية في جامعة الاستقلال بأريحا إياد أبو زنيط، يقول: "إن الإجابة على هذا السؤال تنطلق من محورين، الأول يتعلق بالاستعمار الاستيطاني الإسرائيلي بشكله السياسي، والمدعوم من قوى غربية، والذي أجزم بأنه لا يقتنع بأحقيته بالقدس مطلقاً، وأن هذه الأسطورة مستدعاة لتعزيز هجرة اليهود المعتقدين بذلك، مثلما هنالك سرديات أخرى تتحدث عن حقوق دينية وتاريخية في القدس".

ويضيف "أبو زنيط" في حديثه لـ "وكالة سند للأنباء" أنّ "المحور الثاني يتعلق باليهود كديانة، والذي في الأصل منقسم بين تيارين، تيار يعتقد فعلاً بأحقيته الدينية والتاريخي في مدينة القدس، وآخر معارض -وهو قليل- لا يعتقد بهذه الأحقية".

"الشك بالبقاء"..

ويردف "ضيف سند" أن إسرائيل تعاني من عقدة شك بأحقيتها بالأرض، موضحًا أن "هذه العقدة لا يُمكن أن تزول، نظرًا لحتمية انتهاء الاحتلالات العالمية، وعقدة الشك هذه هي التي تدفع إسرائيل إلى المبالغة في أي حدث يحصل على المستوى المحلي أو الإقليمي أو الدولي، ومباشرة تبدأ بالتحدث عن أن العالم لا يريدها والإقليم سيلفظها، إذا هي عقدة شك بالأحقية، وعقدة شك بالبقاء أيضًا".

ورغم استماتة "إسرائيل" في كسب أكبر تأييد من دول العالم لأحقيتها بالقدس عاصمة لها، إلا أنها لم تنجح بتسويق ذلك أو بدفع دول العالم لا سيما المناصرة لها بنقل سفاراتهم للقدس والاعتراف بأحقية إسرائيل بها، وفق "أبو زنيط".

ويكمل: "عدد الدول التي نقلت سفاراتها للقدس قليل جداً بالرغم من التغلغل الصهيوني في عديد من المؤسسات المؤثرة على المستوى العالمي، هنالك قناعة عالمية بأن إسرائيل باتت تتجاوز الخطوط الحمراء المرسومة لها كأداة استعمار في المنطقة".

ويُبيّن أنّ "هناك تيارات مسيحية كبرى في العالم، لا ترى لإسرائيل حقاً في اعتبار القدس كاملةً عاصمة لها، فإسرائيل موجودة بفعل معادلة دولية التقت مصالحها مع المنظمة الصهيونية العالمية، وأي اختلال في ميزان هذه المعادلة حتماً سينعكس بالسلب على إسرائيل".

ويُشير إلى أنّ "رغم دعاية إسرائيل الضخمة التي تستخدم فيها كل أدواتها لحث الدول على نقل سفاراتها للقدس، باتت تتراجع بشكل كبير".

ولكن، ما الذي يحول دون اعتراف الدول المؤيدة للاحتلال من الاعتراف بالقدس عاصمة لـ "إسرائيل"، يجيب أستاذ العلوم السياسية: "هناك اعتبار ذاتي لتلك الدول يرتبط بوجود تيارات دينية وسياسية لا ترى لإسرائيل حقًا مطلقاً في القدس، وارتباطها مع إسرائيل كان فقط بفعل السيطرة السياسية من دول كبرى على أنظمتها السياسية".

ويستطرد: "هذا بدوره يضع تلك الدول بمواجهة معارضيها، فضلًا عن تنامي القوميات العالمية والتي باتت تهتم بأنفسها أكثر وتحديدًا بعد جائحة كورونا، وهذا ما بدا واضحًا في الدول والمجتمعات الأوروبية",

وبناءً على ما سبق فمن المتوقع أن تعود في السنوات القادمة "فكرة معاداة اليهود، والتي تتنبه لها إسرائيل مبكرًا وتحاول تجريمها تحت مسميات معادة السامية"، تبعًا لـ "أبو زنيط".

على الطرف الآخر، يُنبّه ضيفنا لوجود عدد من الأنظمة السياسية التي لا ترى هذه الخطوة قانونية، نظرًا للاتفاقيات الموقعة مع "إسرائيل"، وبالتالي فهي متحفظة على مسألة نقل سفاراتها.

ومن وجهة نظر أخرى، لا يرى الباحث بالشأن الإسرائيلي بمركز يبوس للأبحاث والدراسات الاستراتيجية برام الله كريم قرط، أن لدى إسرائيل شكًا بأحقيتهم بالقدس، وذلك بناء على اعتبارات دينية وتاريخية يهودية، ليس بالضرورة أن تكون صحيحة، حسب قوله.

ويضيف "قرط" في حديثه لـ "وكالة سند للأنباء": "هذه الاعتبارات موجودة لدى الاحتلال خاصة مع تصاعد التيارات الدينية واليمينية في السياسة الإسرائيلية منذ السبعينيات حتى اليوم، وهو ما ظهر جليا بحصول قائمة الصهيونية الدينية على 14 مقعدا من مقاعد الكنيست الإسرائيلي في الانتخابات الأخيرة".

ويشير الباحث إلى أنّ "إسرائيل" بدأت فعليا بضم مناطق شرق القدس وتهويدها ومحاولة تقليص الفلسطينيين فيها وتحويلها لعاصمة فعلية منذ بدايات الاحتلال عام 1967، وأكدت على ذلك من خلال "قانون أساس "أورشليم القدس عاصمة إسرائيل" الصادر في تموز/ يوليو 1980، ما أدى لنقل الدول لسفاراتها الموجودة في القدس إلى تل أبيب احتجاجا على هذا القانون.

ويردف "قرط": "الخطاب الرسمي والشعبي والإعلامي الإسرائيلي مسلّم بواقع القدس الموحدة، وهو مدمج في المناهج التعليمية والثقافية الإسرائيلية".

2.jpg
 

قتل لحل الدولتين..

ويُرى أن المسألة بتقديره ليست مسألة شك بالأحقية، وإنما هي مسألة سياسية لا تقف عند مناطق شرق القدس.

ويُسهب: "لو أن إسرائيل تريد من العالم الاعتراف بالقدس الغربية عاصمة لها لربما كانت كل الدول المعترفة بإسرائيل معترفة بذلك، لكن اعتراف العالم بالقدس الموحدة (الغربية والشرقية) عاصمة لها، يعني الاعتراف بشرعية الاحتلال وضرب حل الدولتين في مقتل، وهو الحل الذي يجمع عليه العالم كحل عادل ومنصف للقضية الفلسطينية".

والاعتراف بالقدس الموحدة عاصمة لـ "إسرائيل" يعني فعليا التراجع عن حل الدولتين، وفق ضيفنا، مضيفًا: "حل الدولتين، وإن كان ميتا فعليا على الأرض، إلا أنه يشكل محل إجماع دولي، وليست هناك دولة في العالم، بما فيها الولايات المتحدة الأمريكية، أعلنت تخليها عنه".

لذلك، لم يكن هناك الكثير من الدول ممن لحقوا الولايات المتحدة بالاعتراف بالقدس عاصمة لـ "إسرائيل"، أو نقل سفارتها إليها، وحتى أن البرغواي أعادت سفارتها لتل أبيب، بينما تعتزم هندوراس إعادتها لتل أبيب، تبعًا لـ "قرط". 

مؤخرا، أعلنت أستراليا سحب اعترافها بالقدس عاصمة لـ "إسرائيل"، معتبرةً أن قرارها السابق "قوّض عملية السلام وأبعد البلاد عن التناغم مع غالبية المجتمع الدولي، ويعقب "قرط": "عدا عن أن هناك تبعات لإسقاط حل الدولتين، هناك دول وأحزاب وجماعات مؤمنة بهذا الحل حتى لو أنه دون أفق حاليا".

ويختم: "أنّ إسرائيل تتعامل فعليا مع القدس كعاصمة، وليس هناك ما يمنعها؛ فالقانون الدولي غير ملزم، وليس لديه أدوات فرض للقرارات، وميزان القوى العالمي مختل لمصلحة إسرائيل".