الساعة 00:00 م
السبت 27 ابريل 2024
22° القدس
21° رام الله
21° الخليل
25° غزة
4.79 جنيه إسترليني
5.4 دينار أردني
0.08 جنيه مصري
4.1 يورو
3.83 دولار أمريكي
4

الأكثر رواجا Trending

جيش الاحتلال يُعلن مقتل "رائد" شمال قطاع غزة

فلسطيني يحول موقعاً عسكرياً مدمراً إلى مسكن لعائلته النازحة

"يانون".. خربة فلسطينية يلاحقها فخ الاستيطان

حجم الخط
خربة يانون.
نابلس - نواف العامر- وكالة سند للأنباء

كجزيرة وحيدة وسط بحر استيطاني متلاطم الأمواج، تصارع خربة يانون جنوب نابلس شمال الضفة الغربية للبقاء وحيدة بين خمس بؤر استيطانية، وتواجه شراسة الاستيطان الذي نهب معظم من أراضيها، كما أجبر غالبية سكانها على الرحيل بعد مصادرة أراضيهم وممتلكاتهم.  

وبدأت الخربة بشقيها الشمالي المصنف (ج)، والجنوبي المصنف (ب) تفقد هدوء الريف المعهود،  لصالح الاستيطان الذي ينقض على الأرض ويصادرها من أصحابها رويدًا رويدا.

وتصل مساحة الخربة 16 دونما، استولى الاستيطان على 85% منها، وفق رئيس الهيئة المحلية راشد مرار، مشيرًا إلى أن عين الماء الوحيدة بالقرية لم تسلم هي الأخرى من المستوطنين، الذين يسبحون فيها أحيانا ويلوثونها بغسل كلابها فيها أحيانا أخرى .

الاعتداءات في يانون.jpg
 

ويقول مرار لـ "وكالة سند للأنباء" إن عدد سكان الخربة 82 فردًا فقط، أكبرهم والدته التي تجاوزت المائة عام من عمرها، مضيفًا: "ممتلكات الأهالي هي الهدف المفضل للمستوطنين، وأراضينا تعد صيدًا ثمينًا لهم، حيث يعمدون لحراثة الأراضي المزروعة، ويطلقون مواشيهم على ما بقي من مزروعات، هذا عدا عن موسم الزيتون الذي يكون شاهدًا على عربدتهم بسرقة الثمار ومنعنا من الوصول لأراضينا".

وتضم الخربة مسجدًا تاريخيًا أرضيته من الفسيفساء، إضافة لمقام "نون" المقام بجانب مسجد قديم مهدّم.

مقام النبي نون.jpg


وكانت الخربة تشهد سابقًا توافد المتضامنين الأجانب مع الأهالي، حيث كان قد خُصص مكان لهم فيها، الأمر الذي كان يخشاه الاحتلال بسبب المراقبة الدائمة للمستوطنين وتوثيق اعتداءاتهم بالصوت والصورة، وكان يبعث بعض الأمان لدى أهالي الخربة الذين ضاقت بهم سبل العيش في ظل الاعتداءات المتكررة للمستوطنين، وفق "مرار".

هجرة السكان..

وتتزايد معاناة المزارعين في خربة يانون خلال فصل الشتاء جراء إطلاق المستوطنين، الخنازير البرية نحو الأراضي المزروعة، وحرق المحاصيل، وقطع الأشجار، وتجريف الأراضي.

وبدأ المستوطنون باستخدام الخنازير البرية منذ سنوات بشكلٍ تدريجي، ويعتبره الفلسطينيون سلاحًا موجهًا ضدهم ولا يُلحق الأضرار بالمستوطنين؛ نظرًا للأسلاك الشائكة التي تُحيط مستوطناتهم من جميع الجهات.

كذلك يُعاني سكان "يانون" من أبقار المستوطنات التي تجتاح الخربة، وتعيث فسادًا في الأرض، حيث تأكل كل ما تجده في طريقها، وتهاجم بيوت الفلسطينيين، ما يؤدي لإفساد المواسم.

الأستاذ وأحد سكان الخربة عائد أبو هنية يصف تدهور أحوالها، ويقول إنها تعاني من هجرة سكانها، لأنها تفتقر إلى الكثير من الخدمات التطويرية، كالمواصلات والاتصالات، بالإضافة إلى تغول الاستيطان ببنيته التحتية الواسعة.

ويُبيّن في حديثه لـ "وكالة سند للأنباء": أن الاستيطان يتمدد في أراضي الخربة ويتسلل إليها بشكل صامت تحت مزاعم عدة، أبرزها تصنيف الأراضي بأنها واقعة ضمن مناطق (ج).

وتفتقر "يانون" إلى وجود طرق زراعية تسهل من وصول المواطنين إلى أراضيهم، في ظل المنع الإسرائيلي من شق أي طرق ومصادرة المعدات.

ويشير إلى أن أهالي الخربة يعانون من بعدها عن حركة المواصلات، حيث يضطرون للانتظار حتى صبيحة اليوم التالي لمغادرة الخربة طلبا للعلاج، مضيفًا: "خلال دخول وخروج المواطنين من الخربة تعترضهم دورية عسكرية جلها من المستوطنين لعرقلة الطريق أمامهم".

وتحيط بالخربة بؤر "جفعات عولام أفري أران، وإيتمار كوهين، وجدعونيم ، وبؤرة 477"  وغيرها، ما يشكل تهديدًا على مدار الساعة للأهالي وأطفالهم وممتلكاتهم، جراء اعتداءات المتسوطنين وجرائمهم.

خربة يانون 4.jpeg
 

أصغر مدرسة..

وتضم خربة "يانون" أصغر مدرسة بالعالم مساحتها لا تتجاوز الـ 130 مترًا مربعًا، وتضم 24 طالبًا وطالبة، 11 منهم من أبناء المدرسين الستة الذين يعملون فيها من قرى عقربا وبيتا ودوما، في حين يوجد بالخربة طالبة جامعية واحدة فقط.

وبهدف تثبيت الأهالي ودعم العملية التعليمية في الخربة، يرى ضيفنا "أبو هنية" أن "المسؤولية الوطنية تستدعي من وزارة التربية والتعليم تحويل المعلمين والمعلمات من أهالي الخربة للتعليم فيها، وإعادة أقرانهم لمناطق أقرب؛ بهدف توفير المناخ النفسي والتعليمي واختصار الوقت وتجاوز معيقات الاحتلال".

مخطط لمدينة استيطانية..

من جانبه، يورد الباحث في شؤون الاستيطان محمد عودة، أنّ الاحتلال أعد مخططًا استيطانيًا مع بداية إنشاء مستوطنة "ايتمار" القريبة؛ لتحويل المنطقة وأراضي من قرى بيت فوريك وعورتا وعقربا ويانون وصولا لمستوطنتي "مخوراة" و"جتيت" في الأغوار لمدينة استيطانية تنافس مستوطنة "أريئيل" غربا .

وتبعًا لما جاء في حديثه مع "وكالة سند للأنباء" فإن "أبرز أشكال الاستيطان في يانون هو الاستيطان الرعوي على السفوح والسهول، خاصة جبل الحج محمد والطرانيق، حتى بدأت يانون تفقد مراعيها بالكامل".

أشجار الزيتون في يانون.jpg
 

ويلفت لوجود المستوطن "غابي"، صاحب المشاريع الزراعية الواسعة في تلك المنطقة، حيث يملك طائرة مروحية يراقب ويتفقد المنطقة من خلالها.

بدوره، يقول الكاتب والباحث بالاستيطان عبد السلام الجمل، إن المستوطنين لم يتركوا للخربة سوى مدخل واحد من الجهة الجنوبية، بينما ينعم المستوطنون بخيراتها وأراضيها ويبنون البيوت ويؤسسون المشاريع الزراعية بدعم رسمي من حكومتهم.

ويضيف "الجمل" في حديثه لـ "وكالة سند للأنباء": "زرت الخربة مرات عدة، وهي بحاجة حقيقية لدعم رسمي، وتشجيع السياحة فيها، ومدّها بالبنى التحتية والبناء في المنطقة المصنفة (ب)؛ للحفاظ على ما تبقى من أراضي وأهالي ودعم صمودهم".

وتعود الجذور الأولى لساكني الخربة للبشناق من أصول بوسنية منذ العهد العثماني، حيث تشير بقايا المعالم العمرانية هناك لهم، كما سجّلت أراض كبيرة باسهم إلى الآن، وفق معطيات الكاتب "الجمل".