الساعة 00:00 م
الأربعاء 24 ابريل 2024
22° القدس
21° رام الله
21° الخليل
25° غزة
4.67 جنيه إسترليني
5.33 دينار أردني
0.08 جنيه مصري
4.03 يورو
3.78 دولار أمريكي
4

الأكثر رواجا Trending

جيش الاحتلال يُعلن مقتل "رائد" شمال قطاع غزة

فلسطيني يحول موقعاً عسكرياً مدمراً إلى مسكن لعائلته النازحة

"الوضع القائم" في الأقصى.. تغييرات إسرائيلية بطيئة ومستقبل خطير

مشروع سلوان.. الدخول لأسفل المسجد الأقصى من بوابة تسريب الأراضي

حجم الخط
مشروع سلوان
القدس - وكالة سند للأنباء

لم تكن المحاكم الإسرائيلية في يوم من الأيام منصفة أمام الحق الفلسطيني والتاريخي، وعلى الرغم من ذلك، لم تستطع آلة الاستيطان والتهويد انتظار قرارات قضائية لوضع اليد والتهام المزيد من أراضي بلدة سلوان بمدينة القدس، المنضوية تحت القضية المعروفة بـ تسريب الأراضي عام 2004". 

فقبل أيام من نهاية عام 2022، أعلنت "سلطة الآثار" وهيئة الطبيعة والمتنزهات الإسرائيليتان، عن افتتاح مشروع استيطاني سياحي قريبًا في "أرض الحمرا" في بلدة سلوان، بعد استيلاء المستوطنين عليها.

ويأتي هذا الإعلان دون قرار قضائي يحسم مصير الأراضي المسربة للاحتلال في سلوان، والتي توجهت البطريركية للمحاكم الإسرائيلية للمطالبة باستردادها.

وخلال السنوات الماضية، أثارت عملية "تسريب العقارات" لغطًا كبيرا في ضوء اتهامات متواصلة للبطريركية بغض الطرف عن تلك الأراضي والعقارات، والقبول الضمني بعمليات بيع وتأجير لها.

وتُعد "أرض الحمرا" واحدة من أهم الأراضي في بلدة سلوان الواقعة جنوب المسجد الأقصى المبارك، وتتبع في الأصل للكنيسة الأرثوذوكسية، وتحتوي على بركة تاريخية وعلى مسافة قريبة من نبع أم الدرج.

وبعد الاستيلاء على "أرض الحمرا"، قام المستوطنون بتركيب يافطات على السياج، وتثبيت غرفة حراسات بداخلها، ثم باشرت فرق الاحتلال الحفريات فيها، بحسب وسائل إعلام إسرائيلية.

سياج في محيط أرض الحمرا.jpg
 

وهذه الخطوة لاقت ترحيب رئيس بلدية الاحتلال في القدس موشيه ليون بافتتاح الذي قال: "بركة سلوان في القدس موقع ذو أهمية تاريخية وطنية ودولية، وبعد سنوات عديدة من الترقب، سنتمكن من الكشف عن هذا الموقع المهم وجعله مفتوحًا أمام الجميع (..) ملايين الزوار يأتون إلى القدس".

بقوة الواقع..

رئيس الهيئة المقدسية لمناهضة التهويد ناصر الهدمي، يكشف أن المنطقة المستهدفة تضم قرابة 5 دونمات، مشيرًا إلى أنها "أحيلت بقوة الواقع للجمعيات الاستيطانية، ورفض الاحتلال الانتظار حتى صدور قرارات محاكمة".

ويضيف "الهدمي" لـ"وكالة سند للأنباء"، أن هذه المنطقة تعني الدخول إلى أعماق المسجد الأقصى، بحكم وقوعها جنوبه، ولم يستبعد أن تكون السيطرة على الأرض الفلسطينية، هي تتويج لمرحلة من الأنفاق السرية التي حفرت سرّا خلال السنوات والعقود الماضية.

ويتابع: "هم يريدون فتح تلك الأنفاق فقط عبر السيطرة على هذه الأماكن، حيث يوجد أسفل المنطقة أنفاق عديدة تتجه نحو البلدة القديمة، ما يعني أن السيطرة على المنطقة يعني استحالة إعادتها وحسم أمور القضاء بقوة الواقع". 

ويحذّر ضيفنا من خطورة هذا الإجراء على صعيد تسريع خطوات تهويد المدينة، والسيطرة الكاملة على "الأقصى" ومنطقة البلدة القديمة، موضحًا أن المكان المستهدف مكتظ بالأبنية ولا يوجد فيه مناطق فارغة للبناء، ما ينذر بتصاعد عمليات الهدم في المنطقة.

أرض الحمرا.jpg
 

استهداف ممنهج..

من جهته، يشير الخبير المقدسي فخري أبو دياب، إلى أنّ المشروع يأتي ضمن هجمة مخططة يقف خلفها ما تسمى بـ"اللجنة اللوائية للبناء والتنظيم"، وتهدف لخلق حزام تهويدي حول المسجد الأقصى.

ويضيف أبو دياب لـ"وكالة سند للأنباء" أن المشروع يستهدف عدة مناطق بسلوان، ضمن مخطط يستهدف المناطق التي تحيط بـ "الأقصى"، وتمتد مساحته لـ26.500 دونم، ويبدأ من حي الشيخ جراح شمالي البلدة القديمة وصولا لسلوان جنوبي المسجد الأقصى.

وتتضمن المشاريع إنشاء وحدات استيطانية بمناطق الشيخ جراح والخان الأحمر وسلوان يقدرّ عددها بـ6800 وحدة استيطانية، إضافة لإنشاء قبور وهمية بسلوان، وحدائق توراتية تلمودية وجسر هوائي وحفريات وأنفاق.

قضية التسريبات..

وتسلك المرجعية الدينية المسيحية مسارًا قضائيا لدى الجهات القضائية العليا الإسرائيلية، لإحباط عمليات البيع لعقارات وقفية مسيحية، جرى بيعها في عهد البطريرك اليوناني السابق ايرينيوس بتوكيلات.

وتقدر عدد الصفقات التي أُبرمت بين الكنيسة والاحتلال حوالي 22 صفقة، خسرت الأولى بموجبها ما يزيد عن 400 ألف دونم، ومواقع أثرية كاملة أشهرها المدرج الروماني في سبسطية الروم وباب الخليل، مقابل ثمن "بخس" لم يزد عن مئة مليون دولار.

وشرعنت عملية البيع في عهد البطريرك اليوناني السابق ايرينيوس راعي الكنيسة الأرثوذكسية، والذي توفي عام 2004، وكانت أبرز صفقاته بيع "باب الخليل" القديم للإسرائيليين، إضافة لعقد صفقات أخرى.

وبدأت عمليات البيع بما يعرف بصفقة "أرض هداسا"، وتبع ذلك صفقات بيع لممتلكات بالداخل المحتل، وما عرف من هذه الصفقات أقل مما حصل في الواقع، وذلك وفقا لتصريحات بعض الرهبان اليونان المطلعين، بحسب أليف صباغ عضو المجلس الأرثوذكسي في فلسطين. 

ويقول صباغ لـ"وكالة سند للأنباء" إن عملية البيع شلمت أوقافًا في أراضي الداخل المحتل، بدون رقيب أو حسيب، لافتًا إلى وجود اتفاق أردني فلسطيني مع البطريرك ثيوفيلوس، على "عدم التدخل في أي صفقة يجريها داخل إسرائيل".

ويُشير إلى أنّ صفقات عديدة جرت منذ البطريرك السابق، وصولا للحالي ثيوفيلوس الثالث، جرى بموجبها بيع مطلق لعدد من العقارات في القدس ويافا وقيسارية والناصرة وبيت لحم ومناطق مختلفة.  

ويذكر أن من أبرز هذه الصفقات كانت صفقة "باب الخليل" التي فضح أمرها عام 2004، لكن مع اللجوء للقضاء تبيّن أن مسار التفاوض بشأنها كان منذ 1994، حيث فضح المحامي الموكل بالحصول على العقارات هذه الصفقة بعدما غدر به أصحاب الصفقة ورفضوا إعطاءه حصته، كما كشف عن الشخصيات التي تلقت رشاوي مالية مقابل غض الطرف عن الصفقة. 

وإزاء الضغط الشعبي تجاه عملية منع تسريب العقارات، "اضطرت البطريركية اللجوء للمحكمة، التي أعلنت مؤخرا تجميد إجراءات ملكية نقل فندقين بباب الخليل للمستوطنين، وفق "صباغ"، لافتًا إلى أن عملية التجميد ليست كافية للتعبير عن انتصار قضائي، فالمحكمة جمدت الإجراء دون أن تلغيه.  

ولكسب القضية، يُشدد ضيفنا على ضرورة وجود تكاثف رسمي من الكنيسة واللجنة الرئاسية التي كلف بها رمزي خوري مع اللجنة الوطنية لمناهضة تسريب العقارات.

في المقابل، يقول رئيس التجمع الوطني المسيحي ديمتري دلياني، إن عملية البيع التي تورط بها البطريرك المعزول السابق، تواجه بمجموعة من الإجراءات القضائية التي بدأها البطريرك الحالي ثيوفيلوس الثالث.  

ويضيف: "البطريركية لم تدخر جهدا منذ بدء عهد البطريرك ثيوفيلوس الثالث، لإلغاء الصفقات، وتابعت معركتها القانونية والدبلوماسية رغم الضغوطات الدولية والمحلية التي تعرضت لها بهدف تحييدها عن مسارها المُحافظ على العقارات الأرثوذكسية".

ويشير "دلياني" في حديثه لـ"وكالة سند للأنباء" إلى أن صفقة باب الخليل تمت بتوكيلات خارج أنظمة البطريركية، مبينا أن محامي المستوطنين لم يقدم ردودًا دفاعية للمحكمة من "باب المراوغة ومحاولة كسب الوقت".

ويرى ضيفنا أن عملية تجميد نقل الملكية، تشكل إنجازا قضائيا وخطوة إيجابية هامة في المعركة المستمرة ضد المستوطنين، مضيفًا: "هذا يعد اقتراباً ملموساً من تحقيق الهدف الأسمى من هذه المعركة القانونية، وهو إلغاء الصفقات بشكل نهائي".