الساعة 00:00 م
الأحد 28 ابريل 2024
22° القدس
21° رام الله
21° الخليل
25° غزة
4.84 جنيه إسترليني
5.4 دينار أردني
0.08 جنيه مصري
4.1 يورو
3.83 دولار أمريكي
4

الأكثر رواجا Trending

جيش الاحتلال يُعلن مقتل "رائد" شمال قطاع غزة

فلسطيني يحول موقعاً عسكرياً مدمراً إلى مسكن لعائلته النازحة

تحليل عقوبات إسرائيلية ضد السلطة.. آثارها اقتصاديًا وأمنيًا وإلى أي مدى يمكن أن تتوسع؟

حجم الخط
بنيامين نتنياهو
رام الله - وكالة سند للأنباء

ترجمت الحكومة الإسرائيلية الجديدة غضبها من مساعي الدبلوماسية الفلسطينية لاستصدار فتوى قانونية من أعلى هيئة قضائية بالأمم المتحدة بشأن شرعية الاحتلال الإسرائيلي، إلى إجراءات عقابية ضد السلطة الفلسطينية، وسط توقعات ألّا تقف الأخيرة عندها صامتة مع رؤيتها لأزمتها المالية تتعمق أكثر، بما يضعها في موقفٍ حرج أمام شعبها.

ووقع وزير المالية الإسرائيلي المتطرف، بتسلئيل سموتريتش، مساء أمس الأحد، على قرار باقتطاع 139 مليون شيكل (39.6 مليون دولار) من عائدات الضرائب الفلسطينية وتحويلها إلى عائلات مستوطنين قتلوا في عمليات فلسطينية.

وتشمل الإجراءات العقابية الأخرى التي أقرها المجلس الوزاري للشؤون الأمنية "الكابينيت" إلغاء تصاريح السفر لكبار المسؤولين الفلسطينيين "VIP" التي تسمح لهم بالتحرك بسهولة، وتجميد البناء الفلسطيني في مناطق "ج" من الضفة الغربية.

وجاءت الموافقات الإسرائيلية هذه، عقب إقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة، بالأغلبية طلب فتوى قانونية من محكمة العدل الدولية حول شرعية الاحتلال في الأراضي الفلسطينية، استجابة لمشروع قرار قدمه المندوب الفلسطيني.

إفقار وإحراج..

يعتقد الكاتب والمحلل السياسي أحمد عوض، أن الحكومة الإسرائيلية تهدف بإجراءاتها العقابية إلى "إفقار وإحراج" السلطة الفلسطينية أمام جمهورها وبالتالي إضعافها.

ويرى أن السلطة قد تتجه نحو تصعيد متعدد المستويات سياسيا وربما ميدانيا، من قبيل اتخاذ قرارات بتعليق الاعتراف بـ"إسرائيل"، والتراجع عن اتفاق باريس الاقتصادي، ووقف التنسيق الأمني أو تجميده على الأقل.

ويضيف "عوض" لـ "وكالة سند للأنباء"، أن هذا الأمر ربما يستدعي مواجهة واسعة، إلا إذا تدخلت أطراف مختلفة لدفع حكومة الاحتلال على عدم الذهاب بعيدًا في "إجراءاتها العقابية".

ويلفت النظر إلى أنّ مسألة تفكيك السلطة تتناغم مع البرامج الانتخابية لـ"سموتريتش" ووزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، وهما من أبرز الأقطاب المتطرفة في حكومة بنيامين نتنياهو الجديدة.

وخلال مؤتمر صحفي، أمس، سُئل وزير المالية الإسرائيلي، عما إذا كان يشعر بالقلق من أن تؤدي هذه الخطوة إلى انهيار السلطة الفلسطينية، فأجاب: "طالما أنها تشجع الإرهاب، فليس لدي مصلحة في استمرار وجودها"، على حد تعبيره.

وفيما يمكن أن تستعين السلطة الفلسطينية بالأموال العربية لتعويض النقص الحاصل في ماليتها العامة، قلل "عوض" من أهمية التعويل عليها، "خصوصا أن هذه المدفوعات لا تأتي إلا بشق الأنفس، وبعد موافقات من أطراف دولية فاعلة".

316282938_546738937480536_711568042522606573_n.jpg
 

وكان رئيس الوزراء محمد اشتية قد صرّح في مستهل جلسة الحكومة الأسبوعية اليوم الاثنين، أنّ العقوبات الإسرائيلية ضد السلطة الفلسطينية هدفها تقويضها ودفعها إلى حافة الحافة ماليا ومؤسساتيا، مما قد يحد من أداء عملها.

وفي ضوء ذلك، طالب "اشتية" الدول العربية بتنفيذ قرارات القمم العربية السابقة التي تنص على توفير شبكة "أمان اقتصادي" للسلطة، واستئناف المساعدات لها؛ لتمكينها من مواجهة هذه الإجراءات.

بين ضغطين..

ويُضيف المحلل السياسي بلال الشوبكي عاملين آخرين يجعلان من خيار الاستناد على المال العربي غير ذي جدوى، وهو تبدل مواقف دول عربية من "إسرائيل"، وانخراط أخرى بمشاكلها الداخلية بما يجعل التفاتتها إلى القضية الفلسطينية ليست ذات أولوية.

وأمام تجليات هذا الواقع، يتوقع "الشوبكي" أن تشهد الفترة المقبلة تأزما في الوضع المالي للسلطة الفلسطينية زيادة على الواقع الحالي الذي تعيشه".

ويُردف "الشوبكي" لـ "وكالة سند للأنباء: حينما نتحدث عن سياسات عقابية يخطر في الأذهان أولا تحكم "إسرائيل" بالمدخلات المالية للخزينة الفلسطينية، ووقتما تعجز السلطة عن الإيفاء بالتزاماتها المالية تجاه المواطنين، ستكون بين ضغطي الشارع الفلسطيني والاحتلال، وفق تصوره.

وبحسب معطياتٍ حكومية، فإنّ مجموع ما اقتطعته "إسرائيل" من أموال السلطة الفلسطينية المتعلقة بمخصصات الأسرى والشهداء بلغت حوالي 2 مليار شيكل منذ بداية العام 2019 لغاية نهاية العام 2022.

في  حين وصلت الاقتطاعات المتعلقة بالصحة والكهرباء والمياه وغيره من القطاعات ما يقارب 1.6 مليار شيكل عن العام 2022 فقط، بالإضافة لخصم 350 مليون شيكل سنويًا بذريعة أنها مدفعوعات جارية وعمولات.

ويُشير إلى أنّ "إسرائيل" باتت في الآونة الأخيرة تعطي مؤشرات للسلطة الفلسطينية بأنه يمكن تجاوزها في الملف الأمني عبر تكثيف عملياتها العسكرية وتواجد قواتها بشكل أكبر في ساحة الضفة الغربية.

وبالتالي، فإن الملف الأمني الذي اعتبرته السلطة الفلسطينية في أكثر من مرة نقطة قوة ضاغطة، لم يعد كذلك ويمكن لـ"تل أبيب" إدارته بشكل مباشر، تبعًا لرأي "الشوبكي".

اقتحام إسرائيلي.jpeg


لكن المحلل السياسي يعتقد أن لا تذهب "إسرائيل" بعيدا في عقوباتها ضد السلطة الفلسطينية إذ تدرك منظومتها الأمنية أن إغلاق المجال أمامها يعني تدهور الأوضاع بالضفة الغربية في وجه قوات الاحتلال حصرا.

في حين نبه سابقه "عوض" إلى ما وصفها بـ"مشكلة" تتمثل بإمكانية سعى "إسرائيل" لإيجاد بدائل مختلفة ومتنوعة على حساب السلطة الفلسطينية، ما يعني تفكيك الشعب الفلسطيني.

ولهذا، يرى "عوض" أن المسألة ليست مرتبطة بالقرار الإسرائيلي وحده، "وإنما بنا كفلسطينيين: هي نبقي على السلطة، وماذا نريد منها، وكيف نغير وظائفها؟".

ويعتقد أنه يكمن الرد الحقيقي على الإجراءات الإسرائيلية، "بالوحدة الوطنية الفلسطينية، فهي الكفيلة برفع مستوى الأداء والاستراتيجية وتهدئة الشارع وعدم تقسيمه، ومن ثم يكون بجعبة الطرف الفلسطيني ردود أفعال حقيقية وصحيحة تجاه الاحتلال".

منع البناء في مناطق (ج).. نقطة أخطر

من ناحيته يتحدث المحلل الاقتصادي نصر عبد الكريم، عن "نقطة أخطر" من الاقتطاعات المالية الشهرية وهي منع الفلسطينيين من الاستثمار والبناء في مناطق "ج" التي تشكل أكثر من 60% من مناطق الضفة الغربية، تمهيدا لضمها.

ويوضح عبد الكريم لـ "وكالة سند للأنباء"، أن تهويد هذه المناطق وحرمان الفلسطينيين من البناء والتعمير والاستفادة من المقدرات الطبيعية والمياه والأراضي الزراعية فيها، يجعل من إمكانية إقامة دولة فلسطينية قابلة للحياة اقتصاديًا صعبة جدا خصوصا مع حصار قطاع غزة وأسرلة مدينة القدس.

منع البناء في مناطق ج.jpg
 

وبحسب تقرير سابق للبنك الدولي، فإن الاقتصاد الفلسطيني يخسر نحو 3.4 مليار دولار سنويا جراء منع الفلسطينيين من الوصول إلى هذه المناطق، إذ تعدّ مفتاح التنمية الاقتصادية الفلسطينية مستقبلاً.

وتنص اتفاقات أوسلو عام 1993 على أن تنتقل المنطقة "ج" تدريجيًا إلى سيطرة السلطة الفلسطينية بحلول عام 1998، لكن هذا الانتقال لم يحدث حتى الآن.

ويقول "عبد الكريم" إنه رغم أن كل شيكل مهم في ظل الأزمة المالية الخانقة، إلا أن هذه الاقتطاعات ليست جوهرية، ولن تشكل ضربة قاصمة للسلطة تعجزها عن تحمل مسؤولياتها أو تدفعها للانهيار"، إذ يرى أن الجانب الإسرائيلي لا يرغب بالعودة إلى الأوضاع لما قبل 1994، (العام الذي تأسست فيه السلطة).