الساعة 00:00 م
الخميس 02 مايو 2024
22° القدس
21° رام الله
21° الخليل
25° غزة
4.71 جنيه إسترليني
5.3 دينار أردني
0.08 جنيه مصري
4.03 يورو
3.76 دولار أمريكي
4

الأكثر رواجا Trending

معاناة الفلسطينيين تتفاقم في ظل غياب نظام وطني لإدارة الكوارث

أطفال غزة يدفعون ثمن الأسلحة المحرمة

المصادقة على الميزانية الأعلى لتهويد المدينة..

القدس في 2023.. حكومة فاشية وميزانيات كبيرة ومخططات تهويدية تتوسع

حجم الخط
تهويد القدس
القدس - بيان الجعبة - وكالة سند للأنباء

مشاريع استيطانية تقدّر بالمليارات، وخطط إسرائيلية مدروسة لتهويد مدينة القدس بالكامل، تنتظر التنفيذ مع حلول العام القادم 2023، ليكون الأخطر على المدينة المقدسة إذا ما قورن مع ما تعرضت له خلال السنوات السابقة.

فضمن خطة شاملة لتعزيز الوجود اليهودي والسيطرة الإسرائيلية على القدس، صادقت اللجنة المالية التابعة لبلدية الاحتلال على زيادة "ميزانية التطوير" في العام المقبل لتصل إلى 6 مليارات شيقل، بزيادة وصلت إلى 20% مقارنة بالعام الجاري 2022، لتكون هذه الميزانية هي الأعلى لبلدية الاحتلال في القدس على الإطلاق منذ عام 1967.

وستعمل بلدية الاحتلال على استغلال الزيادة في عدة مجالات منها "التعليم والرفاه" وتخطيط المدينة والاحتياجات الأمنية، كما تضم الميزانية الجديدة خططًا لتعزيز البناء الاستيطاني في المدينة عبر منح الحوافز للمستثمرين وشق الطرق حول المدينة وداخلها.

الكاتب والمحلل المقدسي راسم عبيدات يقول إن لدى الاحتلال خطة واضحة تهدف لاستكمال العملية التهويدية في القدس وأسرلتها، من أجل الحفاظ على ما يسمونه "وحدة مدينة القدس، وأن تصبح عاصمة لكل يهود العالم".

وبعتبر "عبيدات" أن رفع ميزانية بلدية الاحتلال للعام القادم 2023 في ظل تولي اليمين المتطرف للحكم في "إسرائيل"، يدلل على وجود تسارع كبير في المشاريع الإسرائيلية وإقامة مستوطنات جديدة في القدس، ومشاريع البنى التحتية، والعمل على تطبيق المنهاج الإسرائيلي، وشق طرق جديدة ووصل البؤر الاستيطانية ومحاولة إقامة مستوطنات جديدة في قلب الأحياء المقدسية.

ويضيف لـ "وكالة سند للأنباء" أنّ "زيادة الميزانيات يعني أن حكومة اليمين المتطرف المقبلة بصدد القيام بأعمال تغول على كل الفلسطينيين في القدس، عبر مزيد من هدم وإخطارات المنازل، وتهويد حي الشيخ جراح وبلدة سلوان، وإقامة بؤر استيطانية ووصلها مع بعضها، لتطويق ما يسمى بـ"الحوض المقدس".

الحي الشيخ جراح.webp
 

تهويد كامل..

ويوضح ضيفنا، أن الاحتلال يسعى لإنشاء سلسلة استيطانية مترابطة تعزل مدينة القدس وتجعل كل بلدة فيها وحدة اجتماعية مستقلة عن الأخرى، وبالتالي عزل المدينة وبلداتها عن المحيط يهدف أخيرًا  لتحويل المشهد العربي الإسلامي المسيحي، إلى آخر يهودي تلمودي توراتي، والإخلال بالميزان الجغرافي والديمغرافي للمدينة.

وينوه إلى أن الاحتلال يسعى لزيادة نسبة المستوطنين في القدس بحيث يشكلون 88% من سكّان المدينة.

ويبيّن "عبيدات" أن بلدية الاحتلال ستُخصص جزءًا من المليار شيكل المضاف للميزانية السنوية لـ "المراكز الجماهيرية"، كي تحل مكان الأندية والمؤسسات الفلسطينية، وجزءًا آخر سيخصص لأسرلة العملية التعليمية.

ويُشدد على ضرورة "إيجاد إرادة فلسطينية للتصدي لمشاريع الاحتلال، ورفع وتيرة المواجهة، والخروج من مربع الحديث عن المفاوضات والشرعية الدولية، في ظل مصادرة الأراضي قطعة تلو الأخرى (..)  البيانات والإسطوانات المشروخة لا تفيد".

تهويد.jpg
 

ويرى أن التصدي للمشاريع الاستيطانية يكون عبر "تصعيد العمل المقاوم، والاشتباك الشعبي مع الاحتلال على طول مساحة فلسطين التاريخية، ومقاومة المخططات الإسرائيلية عبر تقديم دعم جدي وحقيقي لسكان القدس؛ لتعزيز صمودهم في وجه المشاريع والمخططات الإسرائيلية التي تستهدف المدينة".

محاولات لتقليص الفجوة..

من جهته يوضح الصحفي والمحلل المختص بالشأن الإسرائيلي محمد الصادق، أن الاحتلال يعاني اليوم من فجوة كبيرة بين شطريّ مدينة القدس، نتيجة التطور العمراني والهيكلي الهائل في الشطر الغربي المحتل عام 1948 مقابل الإهمال والتهميش الواضح في الشطر الشرقي المحتل عام 1967.

ويورد "الصادق" لـ "وكالة سند للأنباء" أن "هذه الفجوة جعلت حكومة الاحتلال تفشل في تقديم مدينة القدس كعاصمة موحدة بشطريها للمجتمع الدولي والسائح الأجنبي، مما جعلها مضطرة لتقليص الفارق عبر محاولات خلق امتداد حضري يجعل القادم من غربيّ القدس لا يشعر بالانتقالية عند وصوله شرق المدينة".

وبالتالي، فإن هدف الاحتلال من إقرار زيادة ميزانية بلدية الاحتلال المتعلقة بما أسماه "التطوير"، هو تغيير الوضع الحضري والجغرافي في القدس، وصهر شطرها الشرقي مع الغربي ضمن رؤية احتلالية تجعل من بيئة المدينة جاذبة للمستوطنين والسياح، وطاردة للمقدسيين ما يعني جعلها مدينة فارغة من أي طابع عربي إسلامي، وفق "الصادق".

ويعتقد "ضيف سند أنّ الاحتلال يسعى لنقل المؤسسات الحكومية الرسمية لأحياء "شرق القدس"؛ لتعزيز سيطرته وتواجده، إضافة لتهيئة وتغيير البنية التحتية لتنفيذ مخططات ضخمة، كمشروع "وادي السيلكون" في وادي الجوز، إنشاء القطار الهوائي والجسر المعلق في بلدة سلوان، مد خطوط المواصلات والقطارات الخفيفة، شق طرق جديدة في الطور والعيساوية، وبناء حدائق توراتية مراكز "ترفيه" في صور باهر وبيت صفافا وغيرها من المشاريع".

ولتنفيذ ذلك، يحذر "الصادق" من شنّ الاحتلال "حملات مكثفة من الاستيلاء ومصادرة الأراضي في القدس وزيادة وتيرة هدم المنشآت التجارية والصناعية والسكنية لطرد المقدسيين، كما سيعمل الاحتلال على فرض ضرائب إضافية على التاجر المقدسي بحجة التطوير واستقطاب القوة الشرائية".

تهويد القدس 3.jpg
 

وبدأ الاحتلال بالاحتيال والالتفاف على بعض المناطق في القدس تمهيداً لتنفيذ مشاريعه فيها، وعن ذلك يحدثنا "الصادق": "على سبيل المثال لا الحصر، عملت بلدية الاحتلال على تغيير اسم جزء كبير من مخيم شعفاط إلى اسم "عناتا الجديدة"، ووضعت مخططًا لتغيير معالم المنطقة وشق طريق جديد للبدء بجباية الضرائب من السكان، على اعتبار أن بقاء المنطقة تحت اسم "مخيم" يعفيها من تلك الضرائب والغرامات".

ويلفت الصحفي المقدسي إلى أن الزيادة في ميزانية بلدية الاحتلال تأتي في وقت تقاعست فيه الجهات الفلسطينية الرسمية وافتقادها لأي ميزانية أو استراتيجية لتثبيت ودعم المقدسيين.

تنامي التطرف الإسرائيلي..

من جهته يرى الناشط والباحث المقدسي رضوان عمرو، أن تسارع وزيادة مشاريع تهويد القدس يعود لعدة أسباب، أبرزها تنامي التطرف في المجتمع الإسرائيلي الذي أفرز حكومة أكثر تطرفًا، مما سيساهم بصبغة المشاريع بصبغة يهودية توراتية دينية.

ويعتقد "عمرو" أن تطرف الإدارة الامريكية خاصة في حقبة الرئيس الأسبق دونالد ترامب والتيار الجمهور المتطرف، أعطى الاحتلال الضوء الأخضر لتنفيذ كل ما يريده في القدس، فما يعرف بـ "صفقة القرن" شجعت الاحتلال على التمادي في المدينة، إضافة للاعتراف الأمريكي بالقدس كعاصمة موحدة وأبدية لليهود رفع من وتيرة التهويد والتغول الاحتلالي فيها.

ويضيف "عمرو" في حديثه لـ "وكالة سند للأنباء": "انزلاق المواقف العربية الرسمية في التطبيع مع الاحتلال عزز من مشاريع التهويد ووفر غطاءها، وأقنع حكومات الاحتلال بأنه حان الوقت لعمل ما تريد وسط صمت وتآمر وموافقة عربية غير مسبوقة".

كما أدى ضرب الحاضنة المدافعة عن مدينة القدس خلال الأعوام الأخيرة بدءًا من حظر الحركة الإسلامية، وحظر مصاطب العلم في المسجد الأقصى، إلى تقيد العمل الوطني والإسلامي، وبالتالي المساهمة في تحطيم العمل المؤسسي المناهض للتهويد، وفق "عمرو"، مردفًا: "كل ذلك كان بمثابة خطوات أولى للتسريع من عمليات التهويد وإضعاف حالة التصدي لها".

ويحذّر "ضيف سند" من مساعي الاحتلال لتوسيع القدس لأكبر مساحة ممكنة، وربطها بالمستوطنات والمدن المحتلة عام 1948، عبر تأسيس أنظمة مواصلات كبيرة وجسور وأنفاق تلتهم الأراضي الفلسطينية في محيط القدس؛ بهدف جلب مئات الآلاف من المستوطنين بشكل يومي، وبالتالي العبث بالميزان الديمغرافي للمدينة.

وكل هذه المشاريع التهويدية والاستيطانية تهدف لتأسيس رؤية الاحتلال لمدينة القدس "اليهودية" "الكبرى".

ويوضح الباحث المقدسي هذه الرؤية بأنها تحويل وحشر الأحياء العربية في مدينة القدس في أزقة ضيقة وأحياء غير مرممة وغير صحية وغير آمنة للعيش، ويمكن التحكم بها والسيطرة عليها وفصلها عن بعضها البعض، بحيث تبدو كأحياء شعبية وسط كم هائل من المستوطنات الضخمة والمتطورة والحديثة والمحسنة والمنظمة، ثم تسويق هذه الأحياء كعشوائيات يسكنها "الخارجون عن القانون".

ويعتبر "عمرو" تأسيس هذه الرؤية وتنفيذها هو أخطر ما يقوم به الاحتلال في المدينة، وما دون ذلك هو تفاصيل تهدف إلى صبغ القدس بصبغة يهودية.

استيطان في القدس.jpg
 

ووفق إحاطة صادرة عن المنسق الأممي الخاص لعملية السلام في الشرق الأوسط تور وينسلاند، فإن سلطات الاحتلال ضاعفت بثلاث مرات مخططات بناء وحدات استيطانية في مناطق شرق القدس خلال العام 2022 مقارنة مع العام الذي سبقه.

حيث دفعت سلطات الاحتلال مخططات لبناء 3100 وحدة استيطانية في شرق القدس خلال العام 2022 مقارنة مع 900 في 2021.

وأشارت الإحاطة إلى أن العطاءات الاستيطانية في القدس تضاعفت من 200 في العام 2021 إلى 400 في العام 2022.

وذكر "وينسلاند" أن سلطات الاحتلال دفعت مخططات لبناء 4800 وحدة استيطانية في الضفة الغربية في العام 2022 مقارنة مع 5400 في العام 2021، مؤكداً على أن التوسع الاستيطاني في الضفة الغربية المحتلة، بما فيها القدس، ما زال مصدر قلق عميق، حيث تشكل المستوطنات انتهاكاً صارخاً لقرارات الأمم المتحدة والقانون الدولي وتقويض احتمالات تحقيق حل الدولتين.