الساعة 00:00 م
الإثنين 06 مايو 2024
22° القدس
21° رام الله
21° الخليل
25° غزة
4.66 جنيه إسترليني
5.24 دينار أردني
0.08 جنيه مصري
4 يورو
3.72 دولار أمريكي
4

الأكثر رواجا Trending

بعد إنجاز 50% منه.. لماذا فكّك البنتاغون الأمريكي ميناء غزة العائم؟

قنابل وصواريخ غير متفجرة.. خطر يداهم حياة الغزيين

عدنان البرش .. اغتيال طبيب يفضح التعذيب في سجون الاحتلال

سنوات بانتظار الرد.. أنصاف أسر عالقة بين شطري الوطن والسبب "إسرائيل"

حجم الخط
لم الشمل غزة وضفة
خلدون مظلوم/ مجد محمد - وكالة سند للأنباء

بيت واحد يجمعهم، يتشاركون تحت سقفه تفاصيل يومهم، يستيقظون صباحًا دون الحاجة لإرسال عبارة "صباح الخير" عبر هواتفهم المحمولة، يجلسون على مائدة واحدة، ويلتقطون صورة جماعية في ذات المكان، تفاصيل عائلية تبدو عادية، لكنها بالنسبة لمئات العائلات الفلسطينية فهي "حلم" طال انتظاره.

وتعيق سلطات الاحتلال الإسرائيلي اجتماع عائلات فلسطينية كاملة تحت سقف واحد، تحت دواعي "عنوان السكن"، حيث تمنع حاملي هوية قطاع غزة من البقاء في الضفة الغربية وتغيير عنوان إقامتهم، كما تمنع سكان الضفة من الانتقال لغزة.

وتقدّر أعداد الزوجات العالقات مع أطفالعن في قطاع غزة بأكثر من 110 سيدات ممن يحملن بطاقات هوية عنوان الإقامة فيها غزة، بينما الأزواج يقيمون ببطاقات هوية عنوانها الضفة الغربية،

كما أن بعض الأزواج عالقون في غزة، فيما أطفالهم وزوجاتهم في الضفة الغربية ولا يسمح لهم بزيارتهم إلا بعد التوقيع على وثيقة تلزمهم بالبقاء في غزة.

ونشرت دائرة الإحصاء الإسرائيلية، معطيات تُفيد بأن 24 ألف مواطن فلسطيني تقدموا للحصول على "لم شمل" خلال 8 سنوات؛ منذ 1993- 2001، بينما ذكرت المتحدثة باسم حملة "لم الشمل" أن ما تبقى حاليًا 10 آلاف طلب متوقفة من قبل الاحتلال.

سنوات بانتظار الرد!

السيدة ياسمين جمال عبد الباسط، من مدينة غزة، أم لأربعة أطفال، وإحدى الزوجات اللواتي حرمهن الاحتلال من الاستقرار في حياة أسرية كاملة، بعد أن منعها الاحتلال من الانتقال مع زوجها للسكن بالضفة الغربية.

وعن قصتها تروي لنا، أنها قدمت مع عائلتها من السعودية إلى قطاع غزة عام 1994، وفي العام 2009 تزوجت من محمد علي عبد الباسط (37 عاماً) وهو من قرية "عزون"، قرب قلقيلية شمال الضفة الغربية، ويحمل بطاقة هوية الضفة.

تتابع حديثها لـ "وكالة سند للأنباء": "عشية عقد قراننا دخل زوجي إلى قطاع غزة عبر معبر رفح لوحده ودون أن يرافقه أحد من أبناء عائلته في الضفة الغربية".

وبقيت "ياسمين" في قطاع غزة حتى العام 2016، حتى أصيب والد زوجها بمرض وتردت حالته الصحية، فقدّم طلبات للحصول على تصاريح لزوجته وأبنائه الثلاثة للانتقال إلى الضفة، وتمت الموافقة على هذه الطلبات.

تواصل سرد تلك اللحظات: "عند وصولنا مع أبنائنا إلى معبر "بيت حانون"، انتظرنا أربع ساعات ثم أبلغونا بأن طلبي مرفوض ولن أستطيع العبور، دون أن يقدموا لنا أية أسباب، فاضطر زوجي للمغادرة مع اثنين من أبنائنا، وبقي الثالث معي".

ومنذ عام 2021 و"ياسمين" تنتظر تغيير عنوانها، وحتى الآن يتم الرد عليها بعبارة: "أرسل وينتظر الرد"، كما تقول.

لم الشمل وقفة.jpeg
 

وفي حكاية معاناة أخرى، تعيشها السيدة صابرين موسى شراب من مدينة خانيونس جنوب قطاع غزة، حيث بدأت فصولها عندما انتقل زوجها للعلاج عام ٢٠١٥ واستقر في الضفة، من ثم لحقت به من خلال تحويلة علاج، وفي عام 2017 اضطرت للرجوع إلى غزة، بصحبة طفلتها "دعاء".

وتضيف صابرين في حديثها لـ"وكالة سند للأنباء"، من هنا بدأت فصول المعاناة، أم عاملة تخرج للعمل، وعليها الذهاب للحضانة والعمل والتسوق والعيادات، والقيام بجميع المهام كأم وأب، مستطردةً: "كان لدي أمل في حياة كريمة بوجود زوجي ليحمل معي بعض المسؤولية، وتقدمنا للشؤون المدنية بطلبات زيارة أقارب لكن كان دائما الرد أرسل وينتظر الرد".

وتتساءل صابرين: "لماذا يتم حرمان أطفالنا من آباءهم، لماذا يتم حرمان الزوجات من اللقاء بأزواجهن، لماذا يتم منح الأزواج دون باقي أفراد العائلة تغيير العنوان، لماذا لا يتم منح الزوجات العالقات الأولوية في ملف تغيير العنوان؟".

 

وتناشد "ضيفة سند" الرئيس الفلسطيني محمود عباس، ووزير الشؤون المدنية حسين الشيخ، وجميع المؤسسات الحقوقية بإنهاء معاناة الزوجات العالقات بمنحهم تغيير العنوان وحرية التنقل.

ترحيل قسري..

في شق الوطن الآخر، تجلس السيدة عائشة حمد؛ من قرية تِل قضاء نابلس، بانتظار لحظة تجمعها هي وأطفالها الأربعة مع زوجها، الذي تم ترحيله قسرًا لقطاع غزة، بعد سنوات من زواجهما.

تروي "عائشة" تفاصيل قصتها لـ "وكالة سند للأنباء": "تزوجت عام 2004، كان زوجي حينها يعيش في الضفة الغربية منذ 12 عامًا، وبعد زواجنا بفترة تم ترحيله إلى قطاع غزة بدعوى أنه لا يملك إقامة في الضفة".

وتواصل: "بمجرد أن كان عنوان زوجي في الهوية غزة، كان سببًا وعاملًا ساهم في بدء معاناتنا وأطفالنا بين الضفة وغزة ومصر والأردن".

ورفضت عائشة حمد تسجيل عنوان أبنائها "غزة"؛ خوفًا من أن يعيشوا المعاناة التي عاشها والدهم، مبينة أن الاحتلال "يرفض تغيير عنوان الزوج من قطاع غزة للضفة الغربية، رغم أنه كان في الضفة مدة طويلة قبل ترحيله".

وتقدمت الزوجة بعدة طلبات للحصول على تصاريح زيارة لغزة وتغيير عنوان "لكنها رفضت كلها"، وتضيف: "نحن بحاجة لمعاملة لم شمل أسرة؛ ونعيش في دوامة معاملات وإجراءات منذ أن وُجد زوجي الغزي في الضفة ورُحّل إلى القطاع".

معضلة العنوان!

من جانبها، تُرجع المتحدثة باسم الزوجات العالقات في "لم الشمل" بالضفة الغربية مروة حمادة، سبب تأخر صدور دفعات جديدة من "لم الشمل" إلى الأوضاع الداخلية لدى الاحتلال الإسرائيلي؛ لا سيما الأمور السياسية.

وتقول "حمادة" لـ "وكالة سند للأنباء": "عدم تغيير العنوان يُشكل معضلة كبيرة للمواطن الفلسطيني، (...) نتنقل يوميًا في الضفة الغربية التي تمتلئ بحواجز الاحتلال، وفي حال تم إخضاع أي مواطن عنوانه ليس الضفة سيتم ترحيله مباشرة لخارجها، ما يعني خسارة عائلته وعمله".

وتنبه ضيفتنا إلى أن العائلات العالقة، تنظم فعاليات سلمية للمطالبة باستئناف إصدار الهويات الجديدة وحق تغيير العنوان، مبينة أنها "شخصيًا" تقدمت لتغيير العنوان منذ عام 2019 دون الحصول على مرادها.

وتستطرد: "لا نستطيع إجراء معاملة بنكية كبقية المواطنين إلا بعد الخضوع لإجراءات من قبل البنوك ودراسة حالة، ولا نستطيع أيضًا الحصول على العلاج خارج فلسطين في حال احتجنا لذلك أو المشاركة في مؤتمرات؛ لأن سفرنا يعني عدم السماح لنا بالعودة لمنازلنا".

لم الشمل ضفة.jpeg
 

ويصل عدد العائلات العالقة في الضفة الغربية وقطاع غزة لأكثر من 200 عائلة لا يسمح لها بالعيش تحت سقف واحد، وفق "حمادة".

وتفيد بأن "أكثر من 10 آلاف مواطن فلسطيني ينتظرون الحصول على حقهم في ملف تغيير العنوان"، مشيرة إلى أن ملف لم الشمل "يتم التعامل معه تدريجيًا والمتبقي الآن أقل من 1000 عائلة".

في حين، تشير المتحدثة باسم الزوجات العالقات في قطاع غزة حنان أبو صاع، إلى "الجهود المتواصلة مع السلطة الفلسطينية لمحاولة حل هذه المشكلة، وتقديم أسماء الزوجات العالقات في قطاع غزة للشؤون المدنية في رام الله".

وتقول لـ "وكالة سند للأنباء": "المشكلة بالدرجة الأولى سياسية، تتمثل في إجراءات الاحتلال التي ترفض جمع لم شمل العائلات، وإبقائهم بأنصاف أسر".

وتصف "أبو صاع" حياة الأسر العالقة بـ "المأساوية"، مردفة "أغلب الزوجات في غزة يعانين أوضاعًا اقتصادية صعبة، بحيث يكون الزوج مستأجر بيت في الضفة وما يتبعه من مصاريف، في الوقت الذي يعيل أسرته في غزة".

يشار إلى أن الهيئة العامة لـ "الكنيست" الإسرائيلي، صادقت بالقراءتين الثانية والثالثة على قانون "المواطنة" في آذار/ مارس 2022، والذي يشمل بند منع لم شمل عائلات فلسطينية فيها أحد الزوجين من سكان الضفة الغربية أو قطاع غزة.

وفي 31 تموز/ يوليو 2003، سنّ الكنيست قانون ما يسمى "المواطنة والدخول إلى إسرائيل" (كأمر مؤقت)، ومنذ ذلك الحين يجري تمديده سنويًا.