الساعة 00:00 م
الجمعة 03 مايو 2024
22° القدس
21° رام الله
21° الخليل
25° غزة
4.67 جنيه إسترليني
5.26 دينار أردني
0.08 جنيه مصري
4 يورو
3.73 دولار أمريكي
4

الأكثر رواجا Trending

أطفال غزة يدفعون ثمن الأسلحة المحرمة

معروف: معلبات مفخخة يتركها الاحتلال بمنازل غزة

بالفيديو الفلسطينية أبرار صباح ترد على كاريكاتير "شارلي إيبدو" الساخر من ضحايا الزلزال.. تفاصيل الحكاية

حجم الخط
كاريكاتير أبرار صبح
أنقرة/غزة-أحلام عبدالله-وكالة سند للأنباء

السخرية من الضحايا والشماتة في المنكوبين، ليست طباعاً بشرية، وربما تترفع عن مثل هذا التصرف الحيوانات، التي قد تقف أمام مشاهد الموت والفقد واجمة، ولربما تذرف الدمع، وعلها تحتضن أحياناً المتألم.

هذا الأمر لم يكن في استطاعة مجلة "شارلي إيبدو" الفرنسية التي نشرت رسماً كاريكاتيرًا سخرت خلاله من ضحايا وخسائر الزلزال المدمر الذي ضرب تركيا وسوريا، وخلف أكثر من 46 ألفا من الضحايا وخسائر كبيرة في الممتلكات.

السخرية من ضحايا أعنف الزلازل في التاريخ الحديث، يُظهر جلياً موقف الصحيفة في نزع الطابع الإنساني عن المسلمين، واختفاء الرادع الأخلاقي لديها عندما يتعلق الأمر ببلدان ذات غالبية سكانية مسلمة.

ففي اليوم الأول للزلزال الذي ضرب سوريا وتركيا، نشرت مجلة "شارلي إيبدو" تحت عنوان "كاريكاتير اليوم"، رسمًا سخرت خلاله من خسائر الزلزال.

الكاريكاتير يصور مبان متداعية وعلى وشك الانهيار إضافة إلى أنقاض وسيارة مقلوبة وأكوام من الحطام، وكتب فوقه: "زلزال في تركيا"، وتحته: "لا داعي لإرسال دبابات".

"وكالة سند للأنباء"، حاورت الفنانة الفلسطينية المقيمة في تركيا أبرار صباح (26 عاما)، والتي ردت على رسم الكاريكاتير الذي نشرته "شارلي إيبدو"، ولاقى رسمها تفاعلًا واسعًا عبر منصات التواصل الاجتماعي.

كاريكاتير غير إنساني

تقول المختصة في فن "الغرافيك": "لا يخفى على أحد نهج صحيفة شارلي إيبدو الفرنسية الوقح في كلّ فرصة مواتية لاستفزاز مشاعر ملايين البشر حول العالم، فقد تكررت محاولاتها للإساءة للمسلمين من خلال التطاول على شخص الرسول الكريم، سابقًا".

وتتابع: "لم أستغرب فعل الصحيفة الأخير باستغلال كارثةٍ إنسانيّةٍ مؤلمةٍ للرقص على جراحٍ طريّة واستفزاز المنكوبين ممن قضوا أو شُرّدوا على إثر زلزال جنوب تركيا وسوريا".

واستهزأت "شارلي إيبدو" من خلال الكاريكاتير الأخير بالشعب التركي على وجه الخصوص، وبمشاعر الملايين، وكما حال كلّ شخصٍ رأى الكاريكاتير، فقد استفز الرسم الفنانة "صباح" وأغضبها استغلال الآم الناس المنكوبة لنشر محتوى لساخر بطريقة غير إنسانية.

تعديل الكاريكاتير

وتشير خريجة جامعة "سلجوق قونيا" التركية: "خطرت لي بشكلٍ عفوي فكرةٌ ظننتها في حينه مجّرد تنفيس عن الغضب وردًّا متواضعًا، ولم أكن أعي حينئذ أنّ بمقدورها قلب السحر على الساحر والانتشار بهذا القدر الواسع".

وتستطرد: "فكرت بإجراء تعديل على الكاريكاتير نفسه بحيث أُبقي على ملامح اللوحة الأصليّة، لكن أُصوّب فيها الخطأ، وأُبدّل التحريض والسخرية بالدعم والتضامن، وهذا أقل ما يمكن أن يقدّمه الإنسان لأخيه في مصابٍ جللٍ كهذا".

وتأثرت الفنانة بالحدث بشكل عميق، كون أن تركيا هي وطنها الثاني الذي أمضت فيه سنين دراستها الجامعيّة، وثانيًا كونها محبّة للرسم الكاريكاتيري.

وتقول: "لطالما وددت لو أردّ على الصحيفة بذات اللغة؛ ألا وهي فن الكاريكاتير، الذي استغلته لدسّ السمّ بدل أن تسخّره لدعم القضايا ورفعة الإنسان".

وتردف: "وفقني الله بالفكرة التي طبّقتها حيث لاقت إعجابًا وتأييدًا كبيرًا لم أتوقعه، فقد حاولت تعديل الكاريكاتير مع الحفاظ على الملامح الرئيسية للرسم، ومحوت العبارات المسيئة، ورسمت بدلًا منها قبضة يد تخرج من بين الركام تحمل الراية التركيّة".

وحاولت الفنانة الفلسطينية بتعديلها على الرسم، تجسيد فكرة أنّ البلاء رغم صعوبته يحمل في طيّاته الأمل بغدٍ أقوى وأكثر إشراقًا، متمثلًا في قبضة اليد الثابتةِ، في ردٍ على وقاحة "شارلي إيبدو"، أنّ الشعب الذي تحاول أن تسخر من ألمه يثبت أمامها.

وعن هدفها من تعديل الرسم الكاريكاتيري، تؤكد "صباح": "وددت أن أرسل رسالة مضمونها أن الشعب التركي هو شعب قوي وسينهض من جديد رغم الدمار ورغم الفقدان والألم".

وتكمل: "أردت أن أظهر لرسام الكاريكاتير كيف يكون الرسم الصحيح، فما قدموه لا يمكن أن يكون فنًا، فالكاريكاتير هو فن ساخر أو ناقد يعتمد على المبالغة لإضحاك الناس! ولا يُستهزأ بألمهم".

تفاعل واسع

وأثارت "صباح" الإعجاب عبر منصات التواصل الاجتماعي وحصل مقطع الفيديو الذي يوثق رسمها على أكثر من 228 ألف مشاهدة عبر "تويتر" فقط، وأجمعت كل التعليقات على أنه "أفضل رد على الكاريكاتير غير الأخلاقي" الذي نشرته "شارلي إيبدو".

وتوضح ضيفة "سند": "حين نشرت الكاريكاتير، اعتمدت طريقة الريل في إنستغرام، وأحببت أن أشرك أصدقائي هناك في مراحل الرسم، جمعتها لقطاتٍ في فيديو ونشرته عبر مواقع التواصل الاجتماعي كطريقةٍ للتعبير عن تضامني مع أخوتنا في تركيا وسوريا".

وتتابع: "في غضون دقائق لم أستوعب كمّ التفاعل العجيب الذي حظي فيه الفيديو، من إعجاب ومشاركة، أذكر جيّدًا أن هاتفي لم يتوقف عن الرنين بالإشعارات لساعاتٍ طويلة جدًا".

وأوصلت الفنانة رسائل عديدة، وتعليقات على تعديلها مثل: "فشيتي غلنا بعد ما كناش عارفين كيف نعبر عن غضبنا وكنا مكبوتين"، "رفعتِ معنوياتنا بعد ما أصابنا إحباط شديد"، "حكيتِ الي جواتنا عن طريق رسم"، "أظنّ أنّ الله وفقني للفكرة الصائبة في الوقت الصحيح"، بحسب "صباح".

كاريكاتير أبرار صباح.jpg
 

وترى الفنانة أن "القضايا الهامة والمفصليّة في عالمنا تحتاج للتطرق إليها ومعالجتها بالوسائل المتاحة، وأؤمن أن الفن هو دائمًا من ضمن الوسائل الأنجع لتسليط الضوء على القضايا الهامة، خاصة في عصر السوشيال ميديا".

وتشدد على أهمية "استعمال شبكات التواصل الاجتماعي بشكل إيجابي لعرض القضايا، وألا نستغلها كمنصة لعرض الأفكار السلبية؛ فأنا أؤمن أن الفن يمكنه توحيد صفوف الناس من خلال حملات خيرية، وحث الناس على روح المبادرة والمساندة".

وختمت حديثها: "فكيف وأنا الفلسطينية التي تحمل مع أبناء شعبها أكبر القضايا العادلة في هذا العصر!، ألّا أشعر بإخواني في تركيا وسوريا بعد ما ألمّ بهم من بلاء؟!".