الساعة 00:00 م
الأحد 20 ابريل 2025
22° القدس
21° رام الله
21° الخليل
25° غزة
4.89 جنيه إسترليني
5.2 دينار أردني
0.07 جنيه مصري
4.19 يورو
3.69 دولار أمريكي
4

الأكثر رواجا Trending

وجبة من السم يوميًا.. الطهو على نيران البلاستيك خيار المضطر في غزة

هل تبقى قرارات "يونسكو" بشأن فلسطين حبراً على ورق؟

مع تهالك المنظومة الصحية..

بأجسادهم الهزيلة.. الأطفال المرضى يُجابهون الموت وشُح الأدوية في قطاع غزة

حجم الخط
الأطفال المرضى
غزة - فاتن عياد الحميدي - وكالة سند للأنباء

بأجسادهم الهزيلة وأفئدة الطير التي لم ترَ من الحياة شيئاً سوى ألماً وحصاراً أكبر من أعمارهم، لا زال الأطفال في قطاع غزة يدفعون أثماناً باهظةً لحرب الإبادة الجماعية التي يرتكبها جيش الاحتلال الإسرائيلي للشهر الـ16 على التوالي، سبقها 18 عاماً من الحصار المدقع وشُح الأدوية وتهالكٍ في المنظومة الصحية بقطاع غزة.

ولا تزال سلطات الاحتلال الإسرائيلي تُمعِن في خرق اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة منذ بدء سريانه في 19 يناير/ كانون الثاني الماضي، من خلال تنصلها المستمر عن تنفيذ البروتوكول الإنساني، وعلى رأسه تلبية احتياجات القطاع الصحي، وسفر المرضى والجرحى للعلاج، ومن بينهم الأطفال.

وتراكمت أعدادٌ كبيرة من الحالات المرضية والجرحى في قطاع غزة إلى عدد تجاوز 20 إلى 30 ألفاً في انتظار سفرهم للعلاج خارج القطاع.

ومن بين العدد السابق، 8 آلاف من الأطفال الأقل من 12 عاماً، أي ما نسبته 40% من عدد الحالات موزعين في جميع أنحاء القطاع، بحسب ما أفاد به رئيس قسم الأطفال بمستشفى ناصر الطبي في خانيونس أحمد الفرا لـ"وكالة سند للأنباء".

"اتصال واحد.."

الطفل أكرم أحمد أبو ركاب (9 سنوات)، أحد الأطفال المصابين بمرضٍ "المثانة العصبية" النادر، يتنقل بين المستشفيات منذ خمسة أعوام، دون فرقٍ يُذكر، وها هو الآن مُعلق باتصال واحد يقضي بسفره للعلاج خارج قطاع غزة.

تقول السيدة إيناس أبو ركاب والدة الطفل "أكرم"، إن نجلها يعاني من مرض المثانة العصبية، والذي تسبب له بارتخاء في "الحالب"، بينما الكلى اليسرى لدى طفلها لا تعمل إلا بنسبة 7%.

وتوضح "أبو ركاب" لمراسلتنا أن صغيرها بحاجة إلى أنواع محددة من العلاج كانت شحيحة في القطاع بسبب الحصار الإسرائيلي، وفُقِدت تماماً خلال حرب الإبادة الجماعية، ما أثر سلباً على صحة طفلها "البِكر".

واستعاضت ضيفتنا بدواء بديل ليوفي بالغرض، إلا أنه أعطى مفعولاً عكسياً تسبب له بحشر في المثانة ما اضطر لتركيب "قسطرة بولية"، ناهيك عن مياه الشرب التي "زادت الطين بَل" والمعلبات الغذائية التي لم يتوفر غيرها طيلة الحرب فكانت "مرضاً آخر".

وتتابع "أبو ركاب" حديثها:" يحتاج أكرم إلى عملية زراعة حالب، ودعامة للمثانة، وهذا غير متاح في قطاع غزة".

وتضيف: "لقد صدرت تحويلة عاجلة له للعلاج خارج القطاع نظراً لحالته الصحية، لكن الأمر أصبح مرهوناً باتصالٍ من منظمة الصحة العالمية، وموافقة الاحتلال الإسرائيلي للسفر".

أكرم.jpg

استهداف واضح للأطفال والوجود الفلسطيني..

إلى ذلك، يقول رئيس قسم الأطفال في مجمع ناصر الطبي الطبيب أحمد الفرا، إن ما يقارب 50 ألف شهيد في قطاع غزة ارتقوا خلال حرب الإبادة الجماعية منذ السابع من أكتوبر/ تشرين أول 2023، من بينهم 18 ألف شهيد هم من الأطفال، في عددٍ أعلى من الثلث، ما يمثل استهدافاً واضحاً للعرق وجذور الشعب الفلسطيني.

ويشير "الفرا" في حديثه لـ"وكالة سند للأنباء" إلى أن 40% من إجمالي عدد الحالات المرضية والجرحى في قطاع غزة ممن هم بحاجة إلى السفر للعلاج، من الأطفال.

وينقسم هؤلاء الأطفال إلى مرضى سرطان، أو أمراض مزمنة، كذلك حالات بحاجة إلى تشخيص، أو إصابات حرب.

ويؤكد "الفرا" أن هذه الحالات كانت ضمن اتفاقية وقف إطلاق النار، على أن يخرج 150 إلى 200 حالة يومياً، لكن الاحتلال لا يسمح إلا بسفر 30 إلى 35 حالة يومياً، بينما يتم إرجاع 10% منهم، في تنصل واضح لما جاء في الاتفاق.

ولا ينتهي الحال عند سفر المرضى للعلاج، فيوضح "الفرا"، أن عشرات الحالات التي تخرج لا زالت متراكمة في مستشفى "العريش" والمستشفيات المصرية، دون أن يتم التعامل معها بشكل إسعافي سريع.

ويستذكر الطبيب "الفرا" حالة طفل من عائلة "سمحان" والذي فارق الحياة نتيجة الانتظار على صفوف السفر للعلاج، بعد أن تذرعت سلطات الاحتلال برفض التنسيق للأم والأب.

فهذا الطفل "سمحان" أحد مصابي سرطان الدم كان يُعالج قبل الحرب الإسرائيلية على القطاع في مستشفى الرنتيسي للأطفال، ووصل لحالة جيدة من الشفاء، لكن انقطاع الأدوية وعدم وجود اللازم منها لعلاج مرضى السرطان، عرضه لانتكاسة شديدة أدت إلى انتشار المرض في جسده.

ويستكمل "الفرا" قائلاً: "لقد تم عمل تحويلة للطفل، لكن الاحتلال تلذذ في رفض الأم 3 مرات حتى توفي الطفل في المستشفى، وهو ينتظر خروجه للعلاج".

أوضاع كارثية..

بدوره، يوضح الوكيل المساعد لوزارة الصحة في قطاع غزة ماهر شامية أن هناك الآلاف من المرضى الذين لا يتوفر لهم علاج في قطاع غزة، بينما لديهم تحويلات جاهزة، لكن الاحتلال يمنع سفرهم.

ويُفيد "شامية" لـ"وكالة سند للأنباء"، أن اتفاق وقف إطلاق النار كان يقضي بخروج أكثر من 300 إلى 400 حالة مرضية في اليوم الواحد للسفر للعلاج خارج القطاع، مستدركاً: "لكن لم يخرج إلا 750 مريض من الأطفال وغيرهم في 22 دفعة".

ويشدد "شامية" أن وضع المنظومة الصحية في قطاع غزة لا يسمح بمعالجة هؤلاء الجرحى، ولا حتى أصحاب الأمراض العادية؛ في ظل انعدام الأدوية والافتقار للمستلزمات والمعدات الصحية الكافية التي تؤهل المستشفيات والمراكز الصحية للعمل.

وعلى إثر ذلك، يوضح ضيفنا أن "عدد الأصناف الصفرية للأدوية من قائمة الأدوية الأساسية في قطاع غزة 518 صنفاً من أصل 5 آلاف، لتكون نسبة العجز في الأدوية أي الفاقد منها 65%.

في حين بلغت نسبة الفاقد من قائمة المستهلكات الطبية من القائمة الأساسية في الرعاية الأولية والمستشفيات الحكومية وغير الحكومية حوالي 50%.

ويصف "شامية" وضع الخدمات الطبية في قطاع غزة بـ"الكارثي"، متسائلاً" إذا كان 65% من الأدوية الأساسية مفقود في القطاع، فماذا عن الأدوية الأخرى"؟

تنصل إسرائيلي..

وفي التفاصيل، يؤكد ضيفنا أن الكثير من الخدمات مفقود في قطاع غزة، ويضرب أمثلةً على ذلك خدمات القسطرة القلبية، حيث لا يتوفر لها إلا جهاز واحد في مستشفى غزة الأوروبي جنوب القطاع، يعمل للحالات الطارئة فقط.

ويلفت النظر إلى حاجة المستشفيات الملحة إلى الأجهزة الطبية، بدءاً من أجهزة الأشعة العادية "الألترا ساوند"، مروراً بأجهزة الأشعة المقطعية والرنين المغناطيسي، مؤكداً أنها أجهزة لا يسمح الاحتلال بإدخالها على الإطلاق مع الحاجة الماسة لها.

وفي الحديث عن القدرة الإسعافية، ينبه "شامية" أن الصحة فقدت 80% من قدرتها في سيارات الإسعاف، دون أن يدخل إلا بضع سيارات ليست بالمواصفات المطلوبة.

ويرى شامية أن إعادة تأهيل القطاع الصحي بغزة يعتمد على خيارين، الأول "إدخال مواد البناء لترميم وإعادة التأهيل لمستشفيات الرعاية الأولية والمراكز الصحية التي لا تزال قائمة، وإدخال المعدات والآليات الثقيلة وكل مستلزمات البناء لإزالة الركام وبناء ما تهدم بالكامل".

أما الخيار الثاني وهو تقديم المعدات اللازمة والكافية لجميع المنظومة الصحية، وتوفير الوقود، ومحطات توريد الأوكسجين للمرضى والأدوية بأنواعها كافة، كذلك السماح بعودة الأطباء العالقين في دول الجوار، الذين لا يسمح لهم الاحتلال الإسرائيلي بالعودة.