الساعة 00:00 م
الأربعاء 01 مايو 2024
22° القدس
21° رام الله
21° الخليل
25° غزة
4.67 جنيه إسترليني
5.27 دينار أردني
0.08 جنيه مصري
3.99 يورو
3.73 دولار أمريكي
4

الأكثر رواجا Trending

أطفال غزة يدفعون ثمن الأسلحة المحرمة

معروف: معلبات مفخخة يتركها الاحتلال بمنازل غزة

بالفيديو والصور "برد وشتاء".. معاناة تفاقمها الحرب يوماً بعد آخر على نازحي غزة

حجم الخط
photo_5317001824496112149_y (1).jpg
غزة- فاتن الحميدي- وكالة سند للأنباء

"إجت الشمس وراح المطر"، عبارات يتغنى بها أطفال قطاع غزة بأقدامهم العارية فرحاً بخيوط أشعة الشمس التي تتسلل بعد منخفضات جوية قاسية ألمَّت بالنازحين خلال الأيام الأخيرة الماضية، فمعاناتهم من القصف والبرد والمطر تتفاقم عليهم، فمنهم من افترش التراب، وآخرون ناموا في العراء واحتموا بالسماء، وجُلُّهم لم تحمِهم الخيام البلاستيكية من انخفاض درجات الحرارة أو سيول الأمطار.

وسط خيام النازحين، تجولت "وكالة سند للأنباء"، ورصدت حال بعض النازحين في الخيام وسط قطاع غزة، أثناء تعرضهم للمنخفض الجوي القاسي في الأيام الماضية الأخيرة.

لا كلمات يمكن لها وصف ذلك المشهد الذي حدثتنا عنه الشابة رائدة محمود، بعد وقوفها خمس ساعات متواصلة وسط خيمة نزوحهم، تثبت "عصى المكنسة" بيديها الرفيعتين على سقف الخيمة، لمنع تراكم مياه الأمطار بعد أن تسربت داخل خيمتهم من كل مكان.

photo_5317001824496112147_y.jpg
 

تشاركنا "محمود" ما حدث معها قائلةً: "كنا نحاول النوم ولو ساعات بسيطة ليلاً، إلى أن بدأنا نسمع قطرات المطر قد بدأت تهطل بصوتها الغزير الذي يتخبط على البلاستيك، فما هي إلا لحظات حتى انهالت المياه من كل حدب وصوب على 13 طفل وامرأة داخل الخيمة.

وتضيف: "لكن حالنا أفضل من خيمة رجال العائلة بجوارنا والتي سقطت عليهم قطعة واحدة وهم نيام، مع شدة الرياح والمطر، فلم يبق فراش ولا لباس، وختم الأمر بنزلات البرد".

وفي تلك الليلة، أكمل أطفال العائلة ليلتهم الباردة داخل السيارة، بينما بقيت النسوة وأزواجهن يحاولون ترميم ما خلفه الشتاء، وعن ذلك تقول ضيفتنا: "ليست المشكلة في الكبار فهم يتحملوا المشقة والتعب، لكن الأطفال الصغار هم الأمانة في أعناقنا".

أما عن الحسرة، فلم يبعد بيت "رائدة" عن خيمة النزوح إلا أمتارًا قليلة، لكنهم لم يستطيعوا الذهاب إليه لشدة القصف العشوائي، مردفةً: "إذا أردنا أن نحتمي في بيتنا من المطر، فلن تحمينا الجدران من القذائف المتساقطة".

photo_5317001824496112150_y.jpg
 

"خيام بدائية"..

في خيمة أخرى، يجلس حمزة نبيل الكرد أحد النازحين من مخيم جباليا إلى مدينة دير البلح منتصف أكتوبر/ تشرين أول الماضي، مع عائلته، يشكو صعوبة العيش تحت ظل خيمة تتطاير مع الرياح يمنة ويسرة، ويصف لنا حال الخيام بـ"البدائية جداً"، فهي تُسرّب المياه ولا تقي برودة الشتاء.

ومع غلاء أسعار النايلون والخشب والبلاستيك، لم يتسنَ لـ"الكرد" بناء خيمة كاملة في بادئ الأمر، ويقول لـ"وكالة سند للأنباء"، إنه أنشأ جزءاً من الخيمة ولم يستطع إكمال الجهة الأخرى منها، لعدم توفر المال الكافي، ما أدى إلى دخول مياه الأمطار على فراشه وممتلكاته في هذا "المعرش" الصغير.

ومع مرور الوقت استطاع "الكرد" إكمال ما تبقى من بناء لخيمته، ليؤمَّن لنفسه وعائلته مأوىً صغير لا يقي البرد ولا الماء، فغزارة الشتاء حالت كذلك دون دفئهم وجفاف فراشهم.

"نحن ننزف من البرد والحرب"..

لم تسعف الكلمات ضيفنا فما كان منه إلا أن وصف حاله بـ "نحن ننزف من البرد والشتاء"، فالأمراض التي أصابت أطفاله من ارتفاع درجات الحرارة، ونزلات البرد والنزلات المعوية، نتيجة عدم توفر وسائل التدفئة الجيدة واستنشاق مخلفات البارود والقذائف الصاروخية.

لم يختلف حال السيد حمزة الكرد عن السيدة مروة السوافيري (37 عاماً)، فقد كانت بيديها الاثنتين تنشر فرشة تقطُر ماءً كغيمة تُنزل المطر، منتهزة القليل من الشمس لتجفف ما خلفته مياه الأمطار داخل خيمتها التي تضم 8 من عائلتها وعددًا من النازحين عندها.

بنبرة مُلئت بالحسرة، تقول "السوافيري" لمراسلتنا: "بعد أن كنا ننتظر فصل الشتاء بحب في بيتنا الصغير، ونفرش السجاد ونُشعل التدفئة ونلتف حولها كأسرة دافئة، صرنا ندعو بألَّا تُمطِر، وأن ينتهي الشتاء قريباً (..)، فلم تترك المياه شبراً إلا ودخلته في خيمتهم، والتي آوتهم بعد 4 مرات من النزوح.

تصف السيدة مروة الليالي التي عاشتها في المنخفض الجوي الأخير بالمتعبة فوق الطاقة، فقد عانت كثيراً من نزلات البرد مع أطفالها، أما أبناؤها الذكور فقد ناموا خارج الخيمة تحت "مظلة" مكشوفة سقفها السماء وفراشها التراب والماء؛ لإيواء عدد من الفتيات مع أمهم في خيمتهم الصغيرة.

أما الفتاة سارة أبو شرخ (18 عاماً) وعائلتها النازحة من مخيم الشاطئ الشمالي غرب مدينة غزة، لم يكن لهم خيارٌ إلا افتراش جنبات الطريق في مدينة خانيونس دون سقف أو جدار، تحت المطر والبرد مباشرة.

بعينيها الدامعتين وأنفها المُحمَر من شدة البرد وملابسها الصيفية المغطاة بمعطف بسيط، تروي سارة قصة نزوحها الثالثة تحت المطر، إلى مدينة دير البلح.

تقول "أبو شرخ" لمراسلة "وكالة سند للأنباء"، بعد أن كُنا في بيتنا بعز ودفئ، تشتت العائلة وتنقلنا من مكان لآخر كان آخرها النزوح من مدينة خانيونس بعد تهديد المنطقة، إلى مدينة دير البلح، على عربة مهترئة يجرها حمار، تحت زخات المطر وبرد الليل القارس.

وتستكمل حديثها، " كان عندي أمنيات وطموحات كثيرة، لكن الآن كل ما أتمناه أن تتوقف الحرب وأعود إلى بيتي وأتحامى تحت ظل جداره".

ولم تقتصر مشكلة خيام النازحين على صعوبة برد الليل والنهار، أو تسرب مياه الأمطار إلى الداخل وتبلل الفراش فحسب، بل مشكلة التوجه إلى دورات المياه تحت هطول المطر، والانتظار في طابور يمتد لساعتين هو أمر كارثي، قد أجمع عليه ضيوفنا.

photo_5317001824496112151_y.jpg