الساعة 00:00 م
الخميس 02 مايو 2024
22° القدس
21° رام الله
21° الخليل
25° غزة
4.71 جنيه إسترليني
5.3 دينار أردني
0.08 جنيه مصري
4.03 يورو
3.76 دولار أمريكي
4

الأكثر رواجا Trending

أطفال غزة يدفعون ثمن الأسلحة المحرمة

معروف: معلبات مفخخة يتركها الاحتلال بمنازل غزة

بالصور رغم الدمار "حنزرعها".. مبادرة لزراعة الأرض في شمال غزة وإنقاذ السكان من المجاعة

حجم الخط
مبادرة ح نزرعها  (7).jpg
غزة -آلاء المقيد -وكالة سند للأنباء

رغم الدمار الصادم وغير المسبوق الذي أصاب كل مقومات الحياة في بلدة لاهيا شمالي قطاع غزة، جراء الحرب الإسرائيلية الدموية التي تقترب من شهرها السابع، إلا أنّ الشاب يوسف صقر أبو ربيع الذي اعتاد على جمال الطبيعة الخضراء في منطقته، لم يقف مكتوف الأيدي، وقرر أن يُعيد الحياة ولو بجزءٍ يسير إلى أراضيهم وفوق ركام منازلهم، عبر مبادرة أطلق عليها اسم "حنزرعها بعون الله".

وتقوم مبادرة يوسف أبو ربيع (24 عامًا) وهو مهندس زراعي يعيش في بلدة بيت لاهيا، على محاولات جادة ومتواصلة؛ لإعادة زراعة الأراضي، والتشجيع على زراعة حواكير المنازل وساحات مراكز الإيواءبشمال قطاع غزة، بعد الخراب الذي خلّفه الاحتلال هناك، وانتشار المجاعة إثر استمرار الحرب والحصار لليوم الـ 184.

يقول "أبو ربيع" الذي يعمل في القطاع الزراعي منذ سنوات في مهنة ورثها عن أجداده، إنّ عائلته نزحت قسرًا خلال الحرب الحالية نحو 10 مرات، متنقلةً ما بين الشمال والغرب ووسط المدينة؛ حتى عادت أخيرًا إلى منطقة سكنها في منطقة الشيماء، مشيرًا إلى أنّهم يعيشون حاليًا في أحد مراكز الإيواء هناك.

مبادرة ح نزرعها  (2).jpg
 

وفي اتصالٍ هاتفي مع "وكالة سند للأنباء" يصف حالتهم حين رأوا لأول مرة حجم الدمار الذي لحق بمنطقتهم الزراعية التي لطالما كانت مقصدًا سياحيًا للزائرين من مختلف مناطق القطاع: "تفاجأنا من حجم الدمار والخسائر(..) حقيقة لا يُمكن تصوره، يفوق كل تخيلاتنا، كل هذه المناطق الخضراء على مدّ بصرك أضحت محروقة ومجرّفة، بعد أنّ كنّا نستعد لجني ثمار موسم زراعي وفير، وتهيئة الأرض لموسم آخر".

وفي ظل الوضع الراهن الذي يعاني فيه فلسطينيو القطاع من ويلات الحرب، أبرزها المجاعة التي أجبرتهم على أكل أعشاب ونباتات برية قد تضر بالصحة، ناقش "أبو ربيع" مع والده وعدد من المزارعين في منطقته، فكرة إعادة استصلاح الأرض وزراعتها وفق المتاح من البذور.

مبادرة ح نزرعها  (1).jpg
 

على طاولة النقاش طرح "أبو ربيع" عدة تساؤلات، منها: إلى متى سنظّل بمعاناة الجوع والبحث المضنى عن الطعام للبقاء على قيد الحياة؟ ولماذا لا نفعل شيء سوى أن ننتظر المساعدات التي كلّفت المئات أرواحهم؟ لماذا لا نقف على أقدامنا ونبدأ من جديد ولو بأقل الإمكانات؟

ويُضيف أنّه: "بعدما أخدت الموافقة والدعم ممن حولي، انطلقت فعليًا وبدأت بزراعة عدة محاصيل سريعة الإنتاج (لا تستغرق وقتًا طويلًا)، كالملوخية والفلفل، والباذنجان، واليقطين والنباتات الورقية مثل البقدونس والجرجير".

لكن السؤال الأهم يا "يوسف" من أين حصلت على البذور في ظل التدمير غير المسبوق لمقومات الزراعة بغزة؟ يُجيبنا: "كان في أرضنا ثمار الباذنجان والفلفل على وشك النضوج؛ وبفعل الحرب جفّت هذه المحاصيل، وتساقط منها بذور على الأرض وأنبتت أشتالًا؛ فقما بزراعتها في أحواض من جديد، بالإضافة لبذور محاصيل أخرى وجدتها صدفةً في مقتنيات منزلنا".

مبادرة ح نزرعها  (6).jpg
 

ويُشير إلى أنّه يحاول حاليًا الحصول على المزيد من بذور محاصيل أخرى، كاللوبيا والملوخية، والكزبرة، والخيار والسلق، مستطردًا: "لو تمكنت من ذلك، سأُحقق نجاحًا كبيرًا في هذا الأمر، وسيكون بمثابة بارقة أمل للمزارعين وحتى عوام الناس".

وتقوم مبادرة "حنزرعها بعون الله" على مسارين يتمثل الأوّل باستصلاح الأراضي الكبيرة في منطقة بيت لاهيا، وزراعتها بالبذور المتوفرة لدى المزارعين، أما المسار الثاني _ والكلام لأبو ربيع_ يتمثل بإنتاج البذر والأشتال وتوزعيها على المواطنين، لزراعتها في أماكن تواجدهم، سواءً بيوتهم المدمرة، أو بمراكز الإيواء؛ بما يسد جزءًا من احتياجاتهم الغذائية.

مبادرة ح نزرعها  (5).jpg
 

ويوضح ضيفنا أنّه يحاول في مبادرته إعطاء القوة الكبرى للمزارع الكبيرة، فعلى سبيل المثال لو نجحوا بزراعة 150 دونمًا بمحاصيل مختلفة كالبطاطا والملوخية والفجل والكوسا والباذنجان والفلفل والنباتات الورقية، سيصبّ ذلك في مصلحة السكان في الشمال، وتكون خطوة على الطريق لتغطية احتياجاتهم الغذائية.

أما فيما يخص توزيع البذور على السكان لزراعتها في بيوتهم ومراكز الإيواء، يرى أن هذه الخطوة ستكون احترازية وبأسعارٍ رمزية؛ لمواجهة أي حدث سيء قد يعصف بهم جراء الحرب المتواصلة: "على أقل يجدوا ما يأكلوه لو حُوصروا مرة أخرى".

مبادرة ح نزرعها  (8).jpg
 

أول نجاح بعد أسابيع..

وينتظر "يوسف" أول نجاحٍ لهذه المبادرة بعد نحو شهرٍ من الآن، قائلًا: "سنكون على موعد مع جني ثمار محصولي الملوخية والكوسا، وبإذن الله لن تكون المرة الأخيرة(..) سنعمل جاهدين على النهوضبالعمل الزراعي بما نمتلك من موارد".

أما عن أبرز المعيقات التي تقف في وجه العمل الزراعي بشمال القطاع، فقد تحدث "أبو ربيع"عن صعوبة كبيرة في توفير المياه لريّ المزروعاتبعد أنّ دمّر الاحتلال غالبية آبار المياه،بالإضافة لعدم توفر الوقود اللازم لتشغيل"مواتير الري"، وغيرها.

ومع استمرار القصف من آليات وطائرات الاحتلال، يقر "أبو ربيع" أنّ الإعلان عن مبادرته قد تُشكل خطرًا عليه وعلى المزارعين الذين يحاولون النهوض بالقطاع الزراعي في الشمال، منوهًا إلى أنّ الاحتلال استهدف منزل عائلته عقب يومين فقط من الإعلان عن المبادرة، لكنه لا يزال مصرا على نشر فكرته والتوسع في تنفيذها.

مبادرة ح نزرعها  (4).jpg
 

يؤكد أيضًا أنّ مبادرته لن تحل مشاكل أهالي الشمال الغذائية، لكنّها خطوة لابد منها، للنهوض من جديد، و"للفت انتباه المؤسسات والجهات الدولية، إلى أننا موجودون في غزة ومصممون على الحياة، وإعادة بناء كل شيء في مدينتنا الجميلة، وما عليكم إلا دعم هذه الخطوات".

ومنذ شهور يجد قرابة 700 ألف فلسطيني في شمالي قطاع غزة، صعوبة كبيرة في العثور على الطعام جراء سياسة التجويع الإسرائيلية الممارسة ضدهم، والتي راح ضحيتها أطفال ونساء وكبار سن.

وجراء سياسة التجويع، فإن سكان شمالي القطاع حُرموا من تناول الخضروات بكافة أنواعها، فيما ارتفعت أسعار المتوفر منها في الأسواق بشكلٍ مبالغ فيه، إذ وصل سعر الكيلوغرام من بعض الثمار إلى 100 شيكل.

مبادرة ح نزرعها  (1).gif
 

مبادرة ح نزرعها  (8).jpg
مبادرة ح نزرعها  (3).jpg