الساعة 00:00 م
الإثنين 06 مايو 2024
22° القدس
21° رام الله
21° الخليل
25° غزة
4.66 جنيه إسترليني
5.24 دينار أردني
0.08 جنيه مصري
4 يورو
3.72 دولار أمريكي
4

الأكثر رواجا Trending

قنابل وصواريخ غير متفجرة.. خطر يداهم حياة الغزيين

عدنان البرش .. اغتيال طبيب يفضح التعذيب في سجون الاحتلال

"أصعب شعور".. أمهات غزة حكايات لا تنتهي والخوف من الفقد يجتاح قلوبهن

حجم الخط
أمهات غزة.webp
فاتن الحميدي- غزة- وكالة سند للأنباء

تعددت أسباب الموت والشعور واحد، وتراكم الخوف والعجز فصارا أضعافاً تلجم قلوب الأمهات اللاتي يتجرعن قلة الحيلة من الفقد أو الخوف منه، وتبقى أمنية الأمهات الوحيدة هي الأمان لمن تحب، وذلك ما لمسته "وكالة سند للأنباء" في حديثها مع الأمهات عن أصعب شعور واجهنَه في الحرب.

السيدة أُم إلياس الكفارنة (35 عاماً)، أُم لطفلين فقدت أحدهما، تُظهر تماسكاً "هشاً" أمام مراسلتنا، لكن سرعان ما باغتتها دمعةُ الخوف والعجز وقلة الحيلة.

تصف "الكفارنة" شعورها كأُم مكلومة بفقد طفلها، "لا كلماتِ قد توفي حق شعورَ أُم يُلازمها الخوف والقلق بعد أن فطرت الحرب قلبها في رضيعها قبل أشهُر".

435757914_1612893919460807_8567755776616773120_n.jpg
 

"ابتليتُ بفلذة كبدي"..

"ابتليتُ بفلذة كبدي، ولا شعور أصعب من ذلك إلا خوفي الملازم لي من فقد طفلي الآخر أمام عيني"، بهذه الكلمات تصف "الكفارنة" أصعب شعور واجهته كأُمٍ في الحرب الضروس على قطاع غزة.

وبالرجوع إلى بداية القصة، تقول "الكفارنة" لمراسلتنا إنها أنجبت طفلاً جميلاً بشوشاً قبل الحرب على القطاع بخمسةِ أشهر، بدأ يُناغي في بيته الآمن بمدينة بيت حانون، طفلاً أحبّهُ قلبُها، لكن سرعان ما باغتت الحرب أمان هذه العائلة وأجبرتهم على النزوح إلى مدينة دير البلح حيث بدأت المأساة.

تواصل "الكفارنة" حديثها، سرعان ما بدأت الأوضاع تسوء بعد نزوحنا، فلم تتمكن الأُم المرضع من الحصول على التغذية المناسبة لتتمكن من إرضاع طفلها، وانتهى بها الحال تلجأ إلى الحليب "الصناعي"، الذي كان مأساة أخرى لانقطاعه فترة، وعدم مقدرة الأب على شرائه، وفقاً لقولها.

435673830_664945625757433_6909187784656874190_n.jpg
 

شعورٌ بالعجز..

تتابع ضيفتنا حديثها، "انتابني شعور العجز كأم ترى أطفالها يقتربون من فراش الموت دون أن تقوى على فعل شيء، فابني الأكبر مصابٌ بمرض نادر ولا يستطيع الحركة، بينما أتجرع مرارة سوء الحرب بعد أن بدأت تتراجع الحالة الصحية لطفلي الرضيع وتزداد سوءاً يوماً بعد يوم".

"فقد رضيعي الجميل وزنه، واختلف شكله وتغيرت ملامحه بسبب سوء التغذية، والآن طفلي يموت أمامي، ويجتاحني الخوف على طفلي الآخر المريض الذي قد يلاحقه شبح الموت في ظل غياب العلاج".

وبعد أشهر قليلة من النزوح استشهد الرضيع آدم، بسبب سوء التغذية، لكن المرارة لم تنتهِ، فلم يجدوا له كفناً يواريه، وأعادوه إلى الخيمة تُغسله جدته بشحيح الماء المتوفر، لتلقي عليه أمه المكلومة نظرتها الأخيرة، ويكفنوا جسده الهزيل بقطعة قماش بيضاء، قبل أن يوارى الثرى.

وبغصة في القلب تبيِّن "الكفارنة" لمراسلتنا أن هذا أصعب شعور قد تواجهه الأم، هو فقدها لضناها فلذة كبدها، لكن الأشد أنه يموت من العجز وقلة الحيلة، مُضيفةً "وأخاف على ابني الأكبر من أن يلاحقه نفس المصير خاصةً وأنه مريض، لكنِّي وكلت أمري لله".

حاولت "الكفارنة" إخفاء دمعتها التي خانتها فسقطت، قائلةً "سيُصاب عقلي بالجنون، أزوره كل أسبوع وأتمنى لو أحتضن حبيبي آدم من تحت التراب وأضمه إلى صدري ولا أفلته أبداً".

435623750_1465707750821562_8712184388967083383_n.jpg
 

"على عاتقي دورين"..

أما السيدة دينا نعيم (37عاماً) أمٌ لأربعة أطفال، تحمل دورين في الحياة كأُم وأب بعد استشهاد زوجها في فبراير/ شباط الماضي، جراء استهداف منزلهم أثناء اجتياح دبابات الاحتلال لمنطقة الزيتون شرق مدينة غزة.

"ما أصعبَ أن تكون أماً وأباً في آن"، تُعبر السيدة "نعيم" عن حملها الثقيل بهذه الكلمات، مبينةً أن هذا أصعب شعور عاشتها في حياتها، بدايةً من خوفها على أطفالها وهم تحت الركام، مروراً بمحاولتها إنقاذهم، انتهاءً بخبر استشهاد زوجها لتحمل بعده عبء الأبوة لمواصلة الطريق.

تكوي نيران العجز قلب "نعيم"، فلا تستطيع أن تلبي مُجمَل احتياجات أطفالها الصغار، متسائلة: "ثم ماذا أفعل عندما يسألوني عن والدهم الذي ترك في قلوبهم طيب الأثر وتركني أحترق بفراقه وبعجزي".

تُضيف "نعيم" لمراسلتنا، "أطفالي هُم روحي الآن وكل حين، نجوت معهم من القصف مرة، وأخاف أن أفقدهم لا قدَّر الله في قصف مباغت".

"أحتاج أمي"..

"أنا أُم ولكنني أحتاج لأمي"، بهذه الكلمات بدأت السيدة حنين صلاح حديثها لمراسلة "وكالة سند للأنباء"، مضيفةً أن أصعب شعور تواجهه كأُمٍ في الحرب هو محاولة طمأنة أطفالها، بينما تصارع خوفها الداخلي من الحرب نفسها، ومن فقدها لمن أحب.

وتتابع: "أحاول مواساة أطفالي وزوجي دائماً وأُسعدهم بما أملك، حتى أشبع منهم قدر الإمكان، فأنا لا أقوى على الفقد أبداً".

وعلى صعيد آخر، تقول "صلاح" النازحة من شمال القطاع برفقة زوجها وأطفالها الثلاثة إلى مدينة رفح، إنه من الصعب أن تشعر بالضيق بعد الرخاء ويسر الحال، وبعد أن كنت تعطي الناس مما تملك، تراهم يتفضلون عليك بأنواع من الصدقات واللباس لأطفالك بعد أن كنت تجلب لهم أفخم الثياب، مستدركة "دوام الحال من المحال والحمد لله على كل حال".

والكثير ممّن هُنّ كـ "نعيم" و"الكفارنة"، و"صلاح" وجميع الأمهات يترقبْن، ويجتاحهن شبح الفقد والخوف والقلق، بينما تحترق القلوب بسب العجز وقلة الحيلة وسط ترقب للحظة أمان ووقف لهذا الكابوس.