يعاني العديد من فئات المجتمع الغزي من ويلات الحرب المستمرة للشهر التاسع على التوالي، فيما تزداد هذه المعاناة على وجه الخصوص على فئة السيدات الحوامل واللاتي تعرضن للإجهاضات وسوء التغذية وعدم توفر الأدوية المناسبة بسبب الحصار المطبق على القطاع.
وأفادت منظمة الأمم المتحدة للطفولة "اليونيسف"، بأن نحو 20 ألف طفل قد ولدوا في قطاع غزة، في ظل الحرب الحالية في ظروف صعبة، فيما وصفت المتحدثة باسم المنظمة "تيس إنغرام" عمليات الولادة في القطاع بأنه "طفل آخر يخرج إلى الجحيم"، مشددة على ضرورة أن يكون هناك تحرك دولي عاجل.
شهادات مؤلمة..
من جانبه، يقول أحمد باسم والد الطفل الرضيع معتز، والتي كانت زوجته حامل بتوأم وفقد أحدهما قبل أيام، حيث نزح هو وعائلته من مدينة غزة إلى وسط القطاع وتعرضت زوجته للخوف والهلع بسبب شدة القصف وإطلاق النار المباشر عليهم.
ويوضح أحمد في حديثه لـ "وكالة سند للأنباء"، إن طفله الصغير البالغ من العمر شهر تقريباً يعاني من العديد من المشاكل حيث أن هناك عيوب خلقية في الأعضاء الداخلية ومشاكل في الجهاز التنفسي بعدما أخبرهم الأطباء بأن السبب يعود للخوف والتوتر والنزوح مشياً على الأقدام في فترة الحمل.
ويأمل أحمد، بأن تنتهي الحرب الحالية ويفتح معبر رفح البري للسفر للعلاج كما أخبره الأطباء، حيث أنه لا يمكن علاجه في القطاع قبل أن يفقد طفله حياته.
من جانبها، تقول نورة أبو السعود والدة الطفل عبد الرحمن والتي نزحت من مخيم جباليا شمال القطاع إلى مدينة دير البلح بالمحافظة الوسطى قبل أشهر، إن ابنها يعاني من سوء التغذية بسبب ظروف الحرب الحالية وسوء امتصاص وتضخم في المعدة، في الوقت الذي يحتاج إلى حليب مخصص وهو الذي لم تستطع توفيره منذ شهرين بسبب الأوضاع المادية الصعبة.
وتوضح أبو السعود في حديثها لـ "وكالة سند للأنباء"، أنه خلال فترة النزوح قبل أشهر مشياً على الأقدام من مدينة غزة إلى المحافظة الوسطى لم تشعر بنبضات جنينها لمدة أسبوعين وكادت أن تفقد حياة ابنها لولا عناية الله.
وتناشد بتوفير الحليب والملابس، مشيرةً أيضاً إلى أن لديها طفل آخر يبلغ من العمر عامين أصبح يعاني من التهابات في الكبد بسبب المياه الملوثة.
أعراض صحية خطيرة..
من جانبها، تقول الدكتورة سهراب دلول أخصائية متابعة الحمل والولادة، إن العديد من الأجنة في بطون الأمهات الحوامل تعرضن للإجهاضات بسبب عمليات التنقل والنزوح والأمراض التي انتشرت كالنزلات المعوية والأمراض الجلدية بسبب حياة الخيام.
وتضيف دلول في حديثها لـ "وكالة سند للأنباء"، أن العديد من الحوامل يعانين من ضعف الدم والالتهاب المهبلية والتهابات في المسالك البولية بسبب المياه الملوثة، لافتةً إلى أن معظم العلاجات في الوقت الحالي غير متوفرة وقد يوجد بعض البدائل لكن لا تؤدي نفس فعالية العلاجات المطلوبة، خاصة فيما يتعلق بالأدوية المتعلقة بالهرمونات.
وتشير إلى أن بعض الحالات بسبب الخوف والتوتر والهلع دخلت في عمليات نزيف وأحياناً انقطاع الدورة الشهرية ولم نجد لها علاجات، وأمراض نسائية أخرى أيضاً وجدنا علاجات بديلة ولكن لم تؤدي نفس الكفاءة.
وتنصح دلول السيدات الحوامل بالمحافظة على تناول وجبات طعام صحية، والنظافة والبيئة الصحية وعدم التوتر قدر المستطاع، مشيرةً إلى أن فئة الحوامل مظلومة جداً في الوقت الحالي بسبب الأعمال اليومية التي تقوم بها كتعبئة المياه وإشعال النيران لعمليات إعداد الطعام بسبب الحرب المستمرة.
ظروف مأساوية صعبة..
وتواجه ما يقارب 150 ألف امرأة حامل ظروفا مأساوية في قطاع غزة، بحسب ما أعلنت عنه وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" مؤخرا.
وفي السياق، كشفت المتحدثة باسم منظمة الأمم المتحدة للطفولة "اليونيسف" تيس إنغرام "، أنه "في ظل ظروف الاكتظاظ والموارد المحدودة، يضطر الطواقم الطبية إلى إخراج الأمهات من المستشفى خلال ثلاث ساعات من العملية القيصرية".
وقالت إن "هذه الظروف تعرض الأمهات لخطر الإجهاض والوفاة ووفاة الأجنة والولادة المبكرة والصدمات النفسية"، مضيفة أن النساء الحوامل والمرضعات والأطفال الرضع يعيشون ظروفا "غير إنسانية" في مخيمات مؤقتة ويعانون من سوء التغذية وخطر شرب مياه غير آمنة.
وحذرت من أن هذا "يعرض قرابة 135 ألف طفل دون سن الثانية لخطر سوء التغذية الحاد".