سلطت شبكة CNN الأمريكية، الضوء على أوامر الإخلاء المتكررة التي يصدرها جيش الاحتلال الإسرائيلي في خضم حرب الإبادة الجماعية المتواصلة على قطاع غزة منذ أكثر من عشرة أشهر.
وقالت الشبكة إن كل من يعيش في قطاع غزة تم إجباره على النزوح والتهجير مع إجبار غالبية السكان على الفرار مرارا وتكرارا بفعل توسع العملية العسكرية الإسرائيلية، وفي كثير من الأحيان إلى أماكن قيل في السابق إنها تم السيطرة عليها.
وأشارت الشبكة إلى أنه وفي الأيام الأخيرة، نزح نحو 75 ألف شخص إلى جنوب غرب غزة بعد صدور أوامر الإخلاء الإسرائيلية، بحسب وكالات الأمم المتحدة.
حياة كابوس
أكدت الشبكة الأمريكية أن التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار من شأنه أن يوفر فرصة راحة لنحو 2.2 مليون فلسطيني يعيشون حياة كابوس في قطاع غزة.
ونقلت الشبكة عن المفوض العام لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) فيليب لازاريني إن أقل من سدس مساحة قطاع غزة حاليا فقط لا تخضع لأوامر الإخلاء الإسرائيلية.
وقال لازاريني: "في كثير من الأحيان، يكون لدى الناس بضع ساعات فقط لحزم كل ما يمكنهم وبدء كل شيء من جديد، في الغالب سيرًا على الأقدام أو على عربة حمار مزدحمة لأولئك الذين يستطيعون تحمل تكاليفها".
فيما قالت فكر شلتوت، مديرة برامج مؤسسة العون الطبي للفلسطينيين (MAP) البريطانية في غزة، إن "الكثير من الناس في قطاع غزة يفقدون الأمل ومعظمهم يفقدون الثقة في المجتمع الدولي. إنهم غاضبون وخائبون ويعتقدون أن العالم خذلهم".
تقليص "المساحة الإنسانية"
ذكر مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) أن أمر الإخلاء الجديد الذي أصدره الجيش الإسرائيلي، صباح أمس الجمعة، قلص مساحة "المنطقة الإنسانية" التي حددها الجيش نفسه بشكل أحادي إلى 11% من مساحة قطاع غزة.
وتأثرت ستة مربعات سكنية بأمر الإخلاء الجديد في دير البلح وخان يونس، بما فيها مربعان سكنيان داخل المنطقة الإنسانية التي حددها الجيش الإسرائيلي في المواصي غرب خان يونس. وتأثر أكثر من 120 موقعا للنزوح، تستضيف ما يقدر بنحو 170 ألف شخص، وفقا لمكتب أوتشا.
كما أثر أمر الإخلاء الجديد على المرافق الإنسانية، بما فيها مستودع لبرنامج الغذاء العالمي، برغم النقص الكبير في سعة التخزين في غزة مما يؤثر على قدرة الأمم المتحدة وشركائها على تلقي وإرسال المساعدات.
وأشار مكتب أوتشا إلى أن العديد من النازحين المعنيين بأوامر الإخلاء الصادرة اليوم الجمعة كانوا قد وصلوا مؤخرا إلى المنطقة، بعد أن اتبعوا أوامر إخلاء سابقة.
وذكر المكتب الأممي أن آلاف الأشخاص تم رصدهم وهم يتنقلون العديد منهم من الأطفال والنساء وكانوا يتجهون نحو دير البلح دون وجهة واضحة حيث اضطروا مرة أخرى إلى المغادرة، على عجل، ولم يعد لديهم مكان يذهبون إليه في خضم الموت والدمار.
وخلال شهر آب/أغسطس وحده، أصدر الجيش الإسرائيلي ثمانية أوامر إخلاء أثرت على عشرات الآلاف من الناس في خان يونس، وبدرجة أقل في شمال غزة، وفقا لمكتب تنسيق الشؤون الإنسانية.
وأشار المكتب الأممي إلى أن النقص المستمر في إمدادات المأوى - بما فيها الخيام ولوازم النظافة، مثل عبوات المياه والشامبو، والوصول المحدود إلى الخدمات الأساسية في مواقع الوصول - يفاقم الظروف التي تواجه الأسر النازحة، مما يجعلها أكثر عرضة للخطر في حين تكافح من أجل تلبية احتياجاتها الأساسية.
حصيلة مأساوية من الضحايا
وتشهد غزة ظروفاً مزرية لدرجة أن حفاري القبور في القطاع يكافحون من أجل إيجاد مكان لدفن الموتى.
وقال ناجي أبو حطب، أحد حفاري القبور في خان يونس إنه "منهك"، مضيفا "منذ بدء الحرب لم نتوقف ولو لدقيقة واحدة ونتمنى أن تنتهي الحرب.. لا يوجد مكان (لدفن الضحايا)".
وذكر أو حطب أن حفّاري القبور اضطروا إلى حفر القبور القديمة لدفن الجثث الجديدة، وأضاف: "وصلنا إلى حالة أجبرتنا على دفن الناس حتى بالرمال، ووضع الجثث فوق بعضها البعض".
وأعلنت وزارة الصحة في قطاع غزة يوم الخميس ارتفاع الحصيلة الرسمية للشهداء في قطاع غزة بفعل حرب الإبادة الإسرائيلية إلى أكثر من 40 ألف شهيدا.
وبالإضافة إلى ذلك، قال المكتب الإعلامي الحكومي في غزة إن ما لا يقل عن 10 آلاف شخص آخرين في عداد المفقودين ويعتقد أنهم دفنوا تحت الأنقاض في غزة.
وتعطي هذه الأرقام المرتفعة نظرة على المعاناة اليومية وسوء التغذية وعدم الاستقرار في غزة بعد عشرة أشهر من حرب الإبادة.
ووصف لازاريني الحرب الإسرائيلية بأنها "علامة قاتمة للغاية أمام أنظار العالم"، مضيفًا أن حصيلة الضحايا المأساوية "نتيجة مباشرة لفشل جماعي في التوصل إلى وقف لإطلاق النار".
فيما قال المفوض السامي لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة فولكر تورك بعد الإعلان عن هذه الأرقام إنها تمثل "حدثاً قاتماً بالنسبة للعالم. فمعظم الضحايا من النساء والأطفال. وهذا الوضع الذي لا يمكن تصوره يرجع في المقام الأول إلى الفشل المتكرر من جانب القوات الإسرائيلية في الامتثال لقواعد الحرب".