الساعة 00:00 م
السبت 19 ابريل 2025
22° القدس
21° رام الله
21° الخليل
25° غزة
4.89 جنيه إسترليني
5.2 دينار أردني
0.07 جنيه مصري
4.19 يورو
3.69 دولار أمريكي
4

الأكثر رواجا Trending

وجبة من السم يوميًا.. الطهو على نيران البلاستيك خيار المضطر في غزة

هل تبقى قرارات "يونسكو" بشأن فلسطين حبراً على ورق؟

"نتنياهو" والمفاوضات بشأن حرب غزة.. "لعبة تضييع الوقت"

رزق وذكريات..

بالصور أفران الطينة.. مصدر رزق وملاذ النازحين الأول للحصول على الخبز

حجم الخط
أفران الطينة (5).jpeg
فاتن الحميدي- دير البلح- وكالة سند للأنباء

"ساق الله أيام طنجرة الكهرباء، واللمة الحلوة والخبز الجاهز"، عبارة تحمل بظاهرها تعجباً لمن لا يعرف، بينما تحمل ثقل عام من القسوة لعشرات النساء النازحات اللاتي يتُقن للحظة كان يؤكل فيها الخبز بـ "هداة البال"، تحت سقف البيت ولمّة العائلة قبل الحرب المُهلِكة على قطاع غزة في أكتوبر/ تشرين أول 2023.

أفران الطينة (2).jpeg
 

" لم نستخدمها من قبل"..

السيدة أم خليل الباز، تحمل "فرش العجين" بين يديها وأحياناً أخرى تراها تحمله فوق رأسها كحال العشرات من نساء قطاع غزة النازحات، فلا ينقضي يوم حتى تأتي تحمل العجين في اليوم التالي إلى أفران مخيمات النزوح لخبزه لأفراد عائلتها المتواجدين في الخيام بمنطقة الزوايدة وسط قطاع غزة.

تقول "أم خليل" لـ "وكالة سند للأنباء"، إنها لم تكن تستخدم هذه الأفران من قبل، وكان جل استخدامها وعائلتها من مخابز مدينة غزة، والخبز الجاهز، أو الطهو على طنجرة الكهرباء.

وتتابع: "نحن في مخيمات النزوح لا نملك أدوات الطهي الكافية التي تمكننا من صناعة خبزنا بأنفسنا، فلا كهرباء ولا وقود ولا بيوت، ناهيك عن الأسعار المضاعفة لكل شيء، ما ألجأنا للحل الوحيد الذي كان نعمةً لنا وهي الأفران الطينية".

أفران الطينة (1).jpeg
 

من الصيد إلى أفران الطينة..

أما السيدة ريم أنور أبو ريالة، تنتقل وعائلتها من مهنة الصيد في ميناء غزة، إلى الطهي على أفرن "الطينة" في منطقة الزوايدة وسط قطاع غزة، بعد نزوحهم من مخيم الشاطئ غرب مدينة غزة.

وتتخذ "أبو ريالة" وأبنائها من أفران الطينة مصدراً للرزق منذ نزوحهم الأول إلى إحدى مدارس مدينة رفح، فلم يكن غيرهم يستخدم الأفران في المدرسة آنذاك، فكان رزقاً مجدياً خاصة وأنهم أمضوا شهرين لا يأكلون إلا خبز الشراك "الصاج".

وبالعودة إلى البدايات، تقول السيدة "أبو ريالة" لـ "وكالة سند للأنباء"، إنها وعائلتها من محبي الخبز "الخامر" البلدي، وأول ما بدأت به في إحدى مدارس رفح هو طهو الخبز على ألواح الصاج، حتى توافد النازحون في المدرسة للطهو عندهم وصناعة المعجنات.

وبعد مأساة النزوح من مدينة رفح وتوجههم إلى منطقة الزوايدة وسط قطاع غزة، لم تترك "أبو ريالة" وأبنائها مصدر رزقهم الوحيد، خاصةً بعد فقدانهم لبيتهم المكون من ستة طوابق، ومعدات صيدهم وقواربهم في مخيم الشاطئ.

أفران الطينة (6).jpeg
 

لا تخلو من الصعاب..

وتمتلك "أبو ريالة" ثلاثة أفران طينية مجهزة، تطهو عليها الخبز والمعجنات وبعض المأكولات والحلويات للعائلات النازحة في المنطقة، لكن تراكم ديون أسعار الحطب المرتفع ألجأها للتخلص من اثنين من أفرانها وبقائها على واحدٍ فقط.

وتقول "ضيفة سند" إنهم لا يملكون الخبرة في صناعة الأفران الطينية، ما ألجأهم إلى شرائها مجهزة، لافتةً النظر إلى أن "بلاطة الفرن" التي يتم وضع الخبز عليها، يتم تجديدها كل أسبوع، نظراً لتشققها مع النار وبالتالي يختلط الرمل بالخبز، علماً أن تكلفتها تصل إلى مائتي شيكل.

وتُبيِّن أن أسعار الحطب مرتفعة ما يضطرهم إلى رفع أسعار أرغفة الخبز إلى " كل 3 أرغفة" بشيكل واحد، إضافةً إلى أن كثرة أعداد الناس أدى إلى زيادة عدد الأفران في المنطقة ما قلَّت نسبة الإقبال لديها.

أفران الطينة (7).jpeg
 

"فُرن بيتنا مثل الأم الحنونة"..

"الفرن كان في بيتنا مثل الأم الحنونة، في نهاية كل أسبوع نغير جو ونطهو عليه ونصنع الكيك وخبز الطابون مع لمة عائلية تملؤها السكينة والطمأنينة"، بهذه العبارات يبدأ الشاب محمود الحلو حديثه لـ "وكالة سند للأنباء"، بعد اتخاذه من فرن الطينة مصدراً للرزق.

يقول "الحلو" إن حياتنا قبل الحرب على قطاع غزة كانت تملؤها الراحة والنعم التي نفتقدها الآن، خاصة الخبز، الذي كان يُطهى على طنجرة الكهرباء، أو يُباع جاهزاً في المخابز.

ويستدرك: "لكن الأمر أصبح مختلفاً الآن بعد أشهر من الحرب وبعد أن شارفنا على العام في هذا العدوان، دون كهرباء ودون غاز يتوفر بشكل دائم، وبين خيام النزوح وهَم التنقل، أصبح الفرن هو مصدر رزقنا الأساسي".

ويقوم محمود الحلو وإخوته بطهي فروش من الخبز وبيعه لأهالي الخيام النازحين في منطقة "الشاليهات" بالزوايدة وسط قطاع غزة، كذلك طهي خبز النازحين وبعض المأكولات والحلويات لأصحابها.

أفران الطينة (4).jpeg
 

نار الفرن ونار الصيف ونار تكوي القلوب..

ويوضح "الحلو" أنه رغم اعتيادهم المسبق على استخدام أفران الطينة، إلا أنها الآن تُعد أمراً حتمياً، غير الصعوبات التي تواجههم كطهاة، وقد "اجتمع علينا حر النار والصيف، أما حرقة القلوب فنار أخرى".

ويذكر "محمود" عدداً من الصعوبات التي ترافقه في استخدام الأفران الطينية، والتي تتمثل بالتكلفة المرتفعة للحطب والذي يصل سعر الكيلو الواحد إلى 3.33 شواكل أي ما يعادل "دولاراً واحداً"، بينما احتياج يوم طهي كامل للخبز يصل إلى 100 كيلو من الحطب، دون أن تؤتي ثمارها بمكسب مُجدٍ.

واستعاض "الحلو" عن الطهي بالحطب بشكل كامل، إلى استخدام الدقيق التالف، خاصة في الأجواء الحارة التي تؤدي إلى خروج الحشرات منه، وأصبح أداة جديدة مع الحطب لإشعال نار الفرن.

وتتمثل مخاوف ضيفنا بقدوم فصل الشتاء على هذا الحال، خاصة وأن فرنه يقع على جانب الرصيف، ما يؤدي إلى ذوبانه في حال تعرض لمياه الأمطار والسيول.

أفران الطينة (3).jpeg