على ضوء الحديث الأمريكي المتكرر، عن فكرة تهجير الفلسطينيين من غزة بادعاء أنّ القطاع غير صالح للعيش، أكدت شخصيات سياسية مصرية على ضرورة العمل بشكلٍ فوري وحقيقي لمواجهة مخططات التهجير وعدم الاكتفاء بترديد المواقف السياسية الرافضة لذلك.
وقد تحدث الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عدة مرات في الآونة الأخيرة حول فكرة تهجير ما بين مليون إلى 1.5 مليون من سكان غزة، إلى مصر والأردن، بصورة دائمة أو مؤقتة، إلى أن يتمكنوا من العودة بعد انتهاء عمليات إعادة الإعمار إلى مكان يمكنهم العيش فيه، بادعاء أنّ غزة الآن غير صالحة للسكن.
الفلسطينيون من جهتهم اعتبروا أنّ التصريحات الأمريكية تأتي في إطار خطط التهجير القسرية من قطاع غزة؛ خدمةً للمشروع الاستيطاني الإسرائيلي بدعم وغطاء من واشنطن، وهذا دفع ملك الأردن والرئيس المصري لرفض الخطة، حيث أكد الملك عبد الله الثاني موقف بلاده "الراسخ" بضرورة "تثبيت الفلسطينيين على أرضهم ونيل حقوقهم المشروعة وفقًا لحل الدولتين"، بينما وصف عبد الفتاح السيسي ذلك بأنّه "ظلم لا يُمكن أن تُشارك مصر فيه".
وفي الإطار، شدد مفكرون مصريون في تصريحاتٍ منفصلة أجرتها "وكالة سند للأنباء" على ضرورة تعزيز صمود الفلسطينيين في أرضهم عبر المساهمة العربية الفاعلة في إعادة إعمار قطاع غزة، وحشد الجهود الدولية والحقوقية الرامية لإلزام "إسرائيل" بتطبيق كافة بنود وقف إطلاق.
وقال السياسي المصري المعروف حمدين صباحي، إنّ الشعب الفلسطيني يواجه حربا شاملة تستهدف استئصاله؛ في الضفة الغربية وقطاع غزة ومدينة القدس؛ من طرف حكومة إسرائيلية تعمل من أجل حسم المشروع الإسرائيلي في المنطقة.
وأوضح صباحي، أنّ ما أبداه السكان في غزة من صمود أسطوري وعودة السكان من جنوب القطاع لشماله رغم كل أساليب القتل والتدمير الممنهج على مدار 16 شهرًا من الحرب، مثلّ تحديا واضحا لمشروع التهجير؛ وأكدّ استحالة اجتثاث أصحاب الأرض مرة أخرى.
وبين أن الموقف السياسي العربي وفي مقدمته المصري على أهميته في رفض تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بتهجير الفلسطينيين؛ لكنه يحتمّ مواقف عملية عربية؛ في مقدمتها دعم وإسناد غزة؛ والمساهمة في رفع الركام، وإعادة الحياة إليها مرة أخرى.
وأشار صباحي إلى أنّ الاجراء العربي الملموس؛ هو الرد الحقيقي والفعلي على مخططات التهجير؛ مؤكدًا أنّ "البقاء خلف المواقف المعلنة لن يغير كثيرا من المضي قدمًا نحو تنفيذ المخطط".
وتابع: "الإدارة الامريكية شريكة في حرب الإبادة؛ وربما لم تستفد من التاريخ في فشل مشاريع تهجير الشعب الفلسطيني؛ الذي لا يزال مصرّا في التشبث على أرضه والبقاء فيها؛ رغم بحر الدماء التي نزفت ولا تزال تنزف منه يوميا؛ لأجل البقاء في وطنه".
ويضيف عليه الكاتب والصحفي المصري فهمي هويدي؛ الذي أكدّ أن الموقف المصري؛ لا يمكنه أن يتساهل في هذه القضية التي تمثل في الأساس خطرا امنيا استراتيجيا على الأمن القومي للبلاد.
ورأى هويدي، أن مشروع التهجير في غزة يمثل مساسا مباشرا في مصر؛ ويعني بالضرورة الاشتباك المباشر معها ولو بعد حين؛ كما ينعكس ذات الأمر في الضفة والأردن؛ وهذا يعني خطر استراتيجي على كلا البلدين.
لكنّه لفت، أن مصر لديها القدرة على إبداء الموقف السياسي الواضح في هذا الإطار؛ لأنّ ذلك لا يمكن التهاون فيه من طرف الدولة المصرية؛ ولأنه يمثل مساسا واضحا في الأمن القومي المصري.
وبين أنّ الموقف العربي المنقسم حيال القضية الفلسطينية؛ ورغم تأييد البعض فيه شبه المطلق لـ "إسرائيل"؛ لكنه لا يستطيع أن يحمل هذا المشروع ويسوقه أو يكون فيه شريكا لصالح الاحتلال بشكل واضح ضد مصر.
وشددّ هويدي أنّ الوضع الجيوسياسي لبعض هذه الدول لا تتيح لها فرصة التحرك بأريحية للتعامل مع مشهد تاريخي يغير من الخارطة السياسية والاجتماعية والعسكرية في المنطقة؛ "مشروع التهجير لن يكون إيقاعه فلسطينيا فقط؛ بل سيمثل انفجارا لمتغيرات متعددة في المنطقة".
من جانبه استعرض عليه أستاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة حسن نافعة؛ مجموعة أخطار لمشروع التهجير على النحو التالي:
- تهديد الأمن القومي المصري: قد يؤدي نقل أعداد كبيرة من الفلسطينيين إلى سيناء إلى خلق توترات أمنية واجتماعية، وتحويل المنطقة إلى بؤرة صراع محتملة.
- تصفية القضية الفلسطينية: قد يُنظر إلى التهجير كخطوة نحو إنهاء حق العودة وتثبيت واقع جديد، مما يضع مصر في موقف محرج أمام المجتمع الدولي والعالم العربي.
3. تأثيرات اقتصادية واجتماعية: استقبال أعداد كبيرة من اللاجئين قد يفرض ضغوطًا على الموارد والبنية التحتية المصرية، ويؤثر على الاستقرار الاجتماعي.