الساعة 00:00 م
الثلاثاء 23 ابريل 2024
22° القدس
21° رام الله
21° الخليل
25° غزة
4.67 جنيه إسترليني
5.33 دينار أردني
0.08 جنيه مصري
4.03 يورو
3.78 دولار أمريكي
4

الأكثر رواجا Trending

فلسطيني يحول موقعاً عسكرياً مدمراً إلى مسكن لعائلته النازحة

"الوضع القائم" في الأقصى.. تغييرات إسرائيلية بطيئة ومستقبل خطير

هل حققت المقاومة الفلسطينية مكاسب عسكرية وإستراتيجية؟

حجم الخط
565a4a35a72614f68fe887b77cc6a4e91617715083.jpg
غزة - وكالة سند للأنباء

على مدار 11 يوماً من العدوان على قطاع غزة تمكنت المقاومة الفلسطينية من توجيه ضربات نوعية للاحتلال الإسرائيلي على الصعيدين السياسي والميداني.

ويرى مراقبون أن المقاومة حققت صورة انتصار على جيش الاحتلال، إذ كان تفكيرها نوعيًا، من حيث الأداء القتالي وتنظيم العمليات العسكرية، والقدرة على اتخاذ القرار بما يتناسب مع طبيعة الردود العسكرية والسياسية الإسرائيلية.

ويعتقدون أيضًا أن المقاومة الفلسطينية تمكنت من توحيد الجهد الفلسطيني خلف عنوان فلسطيني جامع يتمثل بالقدس والمسجد الأقصى، وهو ما أعطى المعركة الأخيرة الزخم السياسي والميداني.

المكاسب الاستراتيجية

الخبير الاستراتيجي أمين حطيط يقول إن المقاومة حققت بأدائها المميز في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي نتائج ومكاسب على المستويين الإستراتيجي والعسكري.

ويشير "حطيط، إلى أن المقاومة تمكنت على الصعيد الاستراتيجي من إعادة وإحياء القضية الفلسطينية باعتبارها قضية سياسية وإستراتيجية وعقائدية وإنسانية وليست كما يقول "كوشنير" هو "نزاع عقاري بين أفراد".

ومن جهة نظره فإن المقاومة إستراتيجيًا أسقطت مفاعيل صفقة القرن بشكل جعلت الأنظمة المطبعة في المنطقة تسعى إلى وقف إطلاق النار حتى لا تخرج وتيرة المواجهة عن السيطرة.

"وهذا يعني أن كل ما قام الاحتلال الإسرائيلي على فعله لتصفية القضية الفلسطينية بهدف الولوج إلى الشرق الأوسط لتسيده كله سقط في 11 قتالا".

وينوه خلال حديثه مع "وكالة سند للأنباء" إلى أن المعركة الأخيرة دلت على أن محور المقاومة الذي تنتمي إليه المقاومة الفلسطينية هو محور متماسك حريص على الانتصار.

ويرى "حطيط" أن هذا المحور ومنذ أن بدأ انتصاراته في عام 2000م وهو مستمر بالانتقال من محطة إلى محطة أخرى يحدث فيها نجاحات عسكرية وإستراتيجية في بيئة الصراع مع الاحتلال".

المكاسب العسكرية

يقول الخبير اللبناني إن المواجهة الأخيرة أثبتت أن المقاومة قادرة على إنشاء منظومة قيادة وسيطرة توحد جهودها.

ويضيف:  هذه المنظومة ثبتت فعاليتها ونجاعتها وأدارت المعركة بمركزية قرار وليس بمركزية تنفيذ وهذا أمر مهم للغاية لإدارة العمليات القتالية في الميدان وأيضًا على صعيد القدرة على اتخاذ القرار السليم.

ويتابع "حطيط": "حاول الاحتلال الإسرائيلي إنزال الضربات العسكرية النوعية بالمقاومة، لكنه فشل؛ فهو لم يستطيع أن يؤثر على منظومة القيادة والسيطرة".

ويشير إلى أن "هذه المنظومة بقيت تعمل حتى اللحظات الأخيرة، أي أن الاحتلال الإسرائيلي لم يستطع أن ينال من القادة المركزيين الذين يديرون العمليات القتالية والسياسية".

يرى أن الاحتلال الإسرائيلي عجز على وقف إطلاق الرشقات الصاروخية من قطاع غزة باتجاه المدن المحتلة والمستوطنات المحاذية لقطاع غزة؛ فلجأ على إثر عجزه على إلحاق الضرر بالمباني وقتل الأطفال والشيوخ والنساء.

يقول "حطيط": إن اللجوء إلى قتل المدنيين لا يصنف على أنه إنجاز في الميزان العسكري، بل هو إجرام ومرتبط بالعقلية الإجرامية الإسرائيلية".

وحسب قراءة "حطيط فإنه وفي مقابل الانجازات العسكرية والاستراتيجية التي حققتها المقاومة الفلسطينية عجز الاحتلال الإسرائيلي على تحقيق إنجازات عسكرية واستراتيجية حقيقية وتحول إلى القتل والإجرام وهذا ليس بنصر بالميزان العسكري.

ويشدد على أن المقاومة أظهرت أنها تمتلك قدرات عسكرية تعجز دولة الاحتلال الإسرائيلي عن تدميرها ولذلك استمرت المقاومة على توجيه ضربات نوعية للاحتلال حتى اليوم الأخير.

وحسب تصوره، أن هذه الاستمرارية أوحت بأن المقاومة الفلسطينية قادرة بالفعل على استئناف المعركة لأسابيع طويلة، وأظهرت في المقابل العجز في البنية الدفاعية العسكرية الإسرائيلية.

كما أبرزت المقاومة الفلسطينية قدراتها الاستعلامية والتخطيطية من خلال بنائها لبنك أهداف مميز منوع ومتفاوت المدايات، حيث قدراتها على الصعيد الميداني العملي من خلال دقة الإصابة وإلزام المجتمع الإسرائيلي بالنزول إلى الملاجئ.

ويعتقد أن وصول المقاومة إلى امتلاك القدرة الردعية لمنع الاحتلال الإسرائيلي من تنفيذ العملية البرية والاجتياح بغزة يعد بحد ذاته عملًا هائلًا ذو بعدين، استراتيجي وعسكري على حد سواء، وسيبنى عليه الكثير في المستقبل.

المكاسب السياسية

حسب المختص في الشأن الإسرائيلي عدنان أبو عامر فإن المقاومة حققت إنجازات سياسية وعسكرية الأول، ظهور المقاومة الفلسطينية كأنها الأكثر دفاعًا عن المسجد الأقصى المبارك والأكثر قدرة على صد الهجوم الاستيطاني الإسرائيلي عليه حين خرجت هتافات من المقدسيين تطالب المقاومة الفلسطينية من داخل المسجد بأن تصد مخطط الاحتلال في الشيخ جراح.

أما الإنجاز الثاني، فالمقاومة الفلسطينية تمكنت من أن توحد الكل الفلسطيني بعد سنوات من الانقسام والفرقة في غزة والضفة والقدس والداخل عام 1948م والشتات، حيث تمترسوا حول عنوان واحد وهو القدس والمسجد الأقصى.

ويشير "أبو عامر" لـ "وكالة سند للأنباء"، إلى أن هذا الإنجاز لا يقدر بثمن بعد أن ظن الاحتلال الإسرائيلي أن يقسم سياسيا الجغرافية الفلسطينية بين قطاع غزة والضفة الغربية وفلسطيني الداخل عام 1948م.

كما تمكنت المقاومة الفلسطينية من أن تعيد لفلسطيني الداخل العمق الفلسطيني العروبي الإسلامي، وأثبتوا أنهم عصيون على الأسرلة والتدجين والترويض لأكثر من 70 عامًا، وأثبتوا أنهم مواطنون فلسطينيون عرب مسلمون وليسوا إسرائيليين.

أما الإنجاز الرابع فإن المقاومة الفلسطينية استطاعت أن تعيد ملف القضية الفلسطينية نحو الأجندة الدولية بعد أن ظن العالم أنها قضية ذهبت إلى الزوال بفعل حصار قطاع غزة وتراجع السلطة الفلسطينية.

ويشير إلى أنه من نتائج العدوان الإسرائيلي الأخير على قطاع غزة أن القضية الفلسطينية باتت تعرض في المحافل الدولية، مستدلًا بالحراك الأمريكي الأخير وتصريحات الرئيس الأمريكي جو بايدن الذي دعا إلى حل عادل للقضية الفلسطينية.

ويتمثل الإنجاز الخامس في أن فصائل المقاومة الفلسطينية استطاعت أن تعيد إحياء القضية الفلسطينية لدى ملايين من الجماهير وهو ما جسدته المظاهرات التي خرجت في العواصم العربية والأوروبية تنديدًا بالعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة والقدس.

ويقول "أبو عامر" إن المقاومة حققت إنجازات عسكرية قتالية، إذ جعلت الجبهة الداخلية في دولة الاحتلال الإسرائيلي مستباحة من صواريخ المقاومة واستطاعت أن تحظر التجوال على 70% من الإسرائيليين طول 10 أيام من القتال.

ويضيف أن المقاومة حظرت الملاحة الجوية على كل الطيران الإسرائيلي والمطارات الرئيسة، وضربت مواقع استراتيجية مثل القواعد العسكرية والمطارات وآبار النفط.

ويؤكد "أبو عامر" أن المقاومة تمكنت من تحقيق إنجازات عسكرية قد تعجز عليها جيوش جرارة أمام الاحتلال الإسرائيلي.

أداء نوعي

يقول المختص في الشأن الإسرائيلي أكرم عطا الله إن المقاومة الفلسطينية تمكنت من الصمود وفي كل مرة تثبت أنها قادرة على التواصل والاستمرارية والثبات وتحقيق مزيد من الإنجازات العسكرية.

وخلال حديثه مع "وكالة سند للأنباء" فإن هذه القدرة أعطت انطباعات جيدة عن المقاومة على المستويين الإقليمي والعالمي إلى حد شجع بعض الأطراف للتعامل معها بشكل مباشر.

ويشير إلى أن اتصال بعض الأطراف الإقليمية مع حماس بشكل مباشر في هذه المعركة يعني من ناحية سياسية إكسابها نوع من الشرعية وهذا له ما بعده.

وبشأن المزاعم الإسرائيلية بأنها وجهت ضربات نوعية للفصائل الفلسطينية في قطاع غزة يقول "عطا الله": "ليس مهمًا أن تتلقى المقاومة ضربات؛ لأن هذه طبيعة المعارك القتالية، لكن المهم مدى صمودها واستمرارها في المعركة".

يشدد على أن المقاومة الفلسطينية تمكنت من الصمود والاستمرارية، ما عزز من حضورها الميداني والسياسي والإعلامي.

يضيف "عطا الله" أن الاعتقاد الذي كان سائدًا لدى الاحتلال الإسرائيلي أن المعركة ستستمر لثلاثة أيام وستتمكن خلالها من ضرب خارطة الأنفاق إلى حد يؤدي إلى وقف صواريخ المقاومة تجاه المدن الكبرى مثل تل أبيب والقدس.

وهنا يؤكد أن الاحتلال الإسرائيلي لم ينجح في تحقيق وقف صواريخ المقاومة، ما يعني أن حجم الضربة التي تلقتها المقاومة ليس بالمستوى الذي تم التهويل به إسرائيليًا.

يقول ضابط الاستخبارات الإسرائيلي في تقييم أداء المقاومة والاحتلال في المعركة الأخيرة: "بينما اتسم التفكير الإسرائيلي طوال فترة العدوان بالمنطق الكمي، كان تفكير المقاومة في غزة نوعيًا".

ويضيف: ربما أنهينا القتال بإنجاز تكتيكي، لكن مع فشل إستراتيجي يذكرنا بالإنجاز الأمريكي الكمي في مواجهة الخسارة الإستراتيجية في حرب فيتنام".