كنسمةٍ ورديةِ الملامح وبروحها المرحة، وعزيمتها القوية أرادت "يارا"، أن تُحلّق بين أفياءِ الطبيعة، وتخوض غمار العمل كفراشةٍ تقفز بين الورودِ لإنتاج العسل.
لقّبها مَن حولها بـ "ملكة النحل"؛ لحبها الشديد في تعاملها مع خلايا النحل، وبملابسها البيضاء التي تغطي كلّ جسمها لحمايتها من لسعات النحل، حرصت أن يكون "القفير" هو مشروعها الخاص، الذي تُربي فيه صغيراتها وتجمع منه العسل.
يارا أبو اسليم (24 عامًا)، مهندسة زراعية من قرية السيلة الحارثية قضاء جنين، تميزت عن غيرها بذكائها وحب الاستكشاف، وقدرتها على تحدي البطالة بإقامة مشروع لاستخلاص مادة "العكبر" من خلايا النحل؛ لتستخدمها في صناعة المستحضرات العلاجية والتجميلية كبديلٍ عن المواد الكيميائية.
وجاءت الفكرة إلى ذهن "يارا" من خلال بحث مشروع تخرجها "دور العَكْبر في مكافحة مرض التدرن التاجي على اللوز".
ويعتبر مرض "التدرن التاجي على اللوز"، من الأمراض البكتيرية الاقتصادية التي تعاني أشجار اللوز من أضرار الإصابة بها، سواءً في المشاتل أو الأرض الدائمة، مسببة خسائر مالية كبيرة للمزارع الفلسطيني ولمشاريع الأشجار المثمرة".
"النحل عالم لطيف"
بالرغم من أن الفتاة بطبيعتها تخشى الحشرات إلا أن "أبو اسليم" استطاعت أن تتغلب على خوفها بحبها لخلايا النحل، فهي تصف هذا العالم بـ "اللطيف" قائلةً: "وجدتُ فيه الجمال الذي لا نراه في حياتنا العادية".
وتضيف "أبو اسليم" لـ "وكالة سند للأنباء"، أن النحل قادر على تمييز وجه الإنسان عن أشكال بصرية أخرى، ما يشير إلى إمكانية دماغه على التجريد، على الرغم من صغر حجمه".
وتسرد جانبًا عمليًّا بالحديث عن حياة النحل: "إن استخراج الغذاء الملكي، يتم بنقل اليرقات الصغيرة من أقراصها إلى كؤوس شمعية بلاستيكية، ثم يتم وضعها في غرفة مناسبة، تكون حرارتها 25 درجة مئوية، مع وجود مصدر ضوئي خفيف".
وبعد مضي أربعة أيام من عملية نقل اليرقات، تأخذ "يارا" الكؤوس الشمعية إلى غرفة العمل التي يتم فيها استبعاد اليرقات بإبرة التطعيم وجمع الغذاء الملكي من تلك الكؤوس بملعقة صغيرة مصنوعة من الخشب.
تعاملها خلال السنوات الماضية مع النحل، أقام بينهما علاقة صداقة تقول: "يتبعني أينما ذهبت، فهو يتعرف على رائحة مربيه بعد التعود عليه، بينما يلسع الأشخاص الغريبة عليه".
"الحياة مع النحل"
وتعتبر تربية النحل من المهمات المعقدة التي تحتاج إلى صبر ورعاية خاصة، لا سيما أنّه يتأثر كثيرًا بالظروف المناخية المحيطة به، سواء إذا ارتفعت درجة الحرارة أو هطلت الأمطار بغزارة.
وحصلت "يارا" على منحة من الإغاثة الزراعية لتمويل مشروعها، وتمكنت من إنتاج منتجات النحل كالعسل وحبوب اللقاح، وعملت على استخلاص منتجات عناية بالبشرة مثل صابون العكبر مع العسل.
وبدأت "ضيفة سند" عملها بخمس خلايا نحل، ومع مرور الوقت، وتحقيق النجاح المطلوب، تمكنت لرفعها إلى 24 خلية داخل حقل نحل كامل في بلدة سيلة الحارثية.
وتُكمل: "أستخرج مادة "العقبر" التي يتم استخلاصها من خلايا النحل، وتُستخدم في العلاجات الطبيعية والزراعية وتعالج أيضًا مرضى السكري، ونزلات البرد".
وتعمل مادة "العقبر" على تقوية المناعة وتعتبر مكمل غذائي طبيعي ومضاد للفيروسات، وتدخل هذه المادة في صناعة مواد التجميل والبشرة، وفق يارا أبو اسليم.
وعن أبرز التحديات التي واجهتها، تحدتث عن تعرضها، لـ "لسعات متكررة في بداية عملها، إضافة لقلة المعلومات الخاصة بعالم النحل، لكنها مع الممارسة استطاعت التغلب على ذلك.