الساعة 00:00 م
السبت 20 ابريل 2024
22° القدس
21° رام الله
21° الخليل
25° غزة
4.65 جنيه إسترليني
5.31 دينار أردني
0.08 جنيه مصري
4.01 يورو
3.76 دولار أمريكي
4

الأكثر رواجا Trending

"ورق الدوالي" .. اجتماعٌ بحب ودخلٌ وفير

حجم الخط
ورق الدوالي 2.jpg
الخليل_ نزار الفالوجي

 في منظرٍ يبعثُ في قلبك الراحة، حيث طمأنينة الطبيعة، وجمال الأشجار، تتدلى أوراق العنب على معرشاتٍ خشبية بمنطقة "أرنبة" غربي حلحول، وتصطف كبساطٍ منمق الشكل والمظهر، في انتظار النسوة من أجل قطفها، والتمتع بمذاقها وريعها.

لمّة نسائية

بهمتها العالية، تسير الستينية وصفية زماعرة برفقة مجموعةٍ من الفتيات والنساء اللواتي انتشرن بين كروم العنب، يخترن أنعم أوراق " العنب" وأرقها، من أجل حشوها وطبخها.

ولأن العمرُ منحها الكثير من الخبرة، تخبرنا الحاجة زماعرة أن ورق العنب البيروتي هو الأفضل للطبخ، كونه رقيقاً وناعماً.

ومن بين الكثير من أوراق العنب المتدلية على المعرشات الخشبية، تفضل الحاجة زماعره قطف ورق العنب الأسود، كونه يتمتع بطعمٍ حامض، ومن السهل حشوه بالأرز واللحم، ولا يمكث كثيراً على النار حين طهو، كما توضح لــ"سند".

وبعد قضاء وقتٍ ممتع مع بعضهن البعض، تجمع النسوة كمياتٍ كبيرة من ورق العنب، ويأخذن أجرهن، ومن ثم يضعنه في "خيشات" كبيرة من الكتّان، أو صناديق من الكرتون.

بعدَ أن تتممن النسوة عملهن، يأتي صاحب السيارة ليحمل كل تلك الصناديق، ويذهب بها إلى حسبة حلحول، والخليل، وبيت لحم، لتباع في هذه الأسواق الكبيرة المتخصصة في بيع الخضار والفواكه بالجملة.

ويحصل البائع على أرباحه، حيث يصل سعر الكيلو الواحد من ورق العنب 20 شيكلاً، أي ما يقارب ستة دولارات.

وعن ريعِ مهنة جمع أوراق العنب، توضح زماعره أن بيع ورق الدوالي السنوي يعتبر مصدر دخلٍ لها، ويوفر لها مصاريف جيدة.

وتقول لـ"سند" :" أُعلّم ابني الطب في مصر من الدخل العائد من قطف وبيع أوراق العنب، وكذلك زوّجت ابني، وأتدبر مصاريف بيتي من خلال بيع العنب وأوراق" الدوالي"، لأن والدهم توفي في حادث سير، وأنا المسؤولة عنهم".

وتحظى طبخة ورق العنب، أو كما يسميها الفلسطينيون" الدوالي" بحبٍ واهتمامٍ كبير، حيث باتت طبقاً فريداً ومميزاً، يحضر في الولائم والعزائم، في دلالة على كرمَ المُضيف للقادمين إليه.

ورق الدوالي 1.jpg
 

أجود طرق صناعتها

ولمعرفة أجود طرق إعدادها، التقى "سند" بصاحب مطعم القدس المشهور بمدينة الخليل أبو صدقي مطاوع، ليخبرنا عن خبرته في هذا المجال.

يوضح مطاوع أن ورق "الدوالي" من الطبخات التراثية المميزة التي يعشقها الجميع، خاصة إذا كان من كروم العنب الأسود والبيروتي الخضراء الرقيقة.

ويقول:" يتم حشو الأوراق بالأرز واللحم، ومن ثم توضع في طنجرة كبيرة مرصوصٌ في أسفلها قطع من الدجاج، أو لحم الضأن الدسم، ويوضع في وسط الطنجرة بعضاً من حبات الكوسا  الصغيرة جداً والمحشوة بالأرز واللحم، لإضافة نكهة لذيذة".

ويتابع مطاوع لــ"سند":" يضاف عليها قليلاً من الماء المذاب بداخله صلصة البندورة ، تترك لتغلي على النار مدة أربعين دقيقة، ومن ثم تسكب في أوعية وصواني كبيرة، ليتحلق حولها المدعوّن أو أهل المنزل الذين يعتبرونها من أطيب وألذ الطبخات الشعبية".

ورق الدوالي 5.jpg
 

وتطبخ أوراق "الدوالي" كذلك بطرق أخرى، حيث يتم حشو الورقة باللحم المطحون المتبل فقط، ويتم وضعها ورصها في صواني من الألمنيوم أو التيفال ويتم شويها في الأفران، وتعتبر طبخة ملوكية لذيذة، كما يصف مطاوع .

ويعتبر ورق" الدوالي" منتجا ًاقتصادياً مدراً للدخل الوطني، ومصدراً للرزق يعتاش عليها الكثيرين.

وحول طرق التخزين لورق "الدوالي" لبقائها صالحة لسنوات، قديماً، كانت تُوضع على شكل قلائد وتعلق في البيت وتجفف، وحين طبخها، يتم نقعها في الماء لتصبح طرية ولينة وبالإمكان حشوها.

مع تطور الحال، أصبحت تُكبس في عبوات ٍمن البلاستيك، أو تضغط في أواني زجاجية، وآخرين يقومون بتفريزها، وبذلك يتم الحفاظ عليها سليمة لأشهر وسنوات.

دخلٌ جيد

مديرة مديرية الزراعة شمال الخليل سحر الشعراوي تشير إلى أن محصول ورق الدوالي في جبل الخليل عامة، وفي بلدة حلحول على وجه الخصوص، تدر دخلاً جيداً يعتبر شبه رئيسي،  حيث يوجد الآلاف من الدونمات المزروعة بكروم العنب.

وتقول الشعراوي لــ "سند": تعتبر حلحول شمال الخليل، البلدة الأكبر في زراعة أجود أنواع العنب، حيث زادت مساحة الأراضي المزروعة بكروم العنب عن عشرة آلاف دونما، وينتج كل دونم نحو 200 كيلو من ورق الدوالي سنوياً.

لم يقتصر تواجد ورق " الدوالي" في مدينة الخليل، بل وصل إلى كافة الأسواق بما فيها العربية، وتم تخزين الآلاف من العبوات البلاستيكية التي يضغط بداخلها ورق "الدوالي"، وصُدّرت إلى البلدان الغربية والشرقية في أمريكيا وأوروبا وشرقي آسيا .

معيقات

وتنصح الشعراوي بعدم التوغل في قطف كميات كبيرة من ورق الدوالي عن أشجار العنب، كي لا يؤثر ذلك سلباً على انتاج العنب نفسه كمحصول.

وتلفت إلى أنه لا ينبغي قطف أكثر من خمسة عشر ورقة عن دالية العنب، وخاصة في بداية نموها في شهر نيسان، حتى تنمو وتنضج بشكل سليم .

معوقات كثيرة، يواجهها المزارعون الفلسطينيون، خاصة في حلحول، حيث يتعرضون إلى العديد من الأزمات والنكسات التي تؤثر على إنتاج محصول ورق "الدوالي" والعنب.

ومن تلك المشاكل التي يعاني منها المزارعون، مشكلة الصقيع كون المنطقة من أعلى الأماكن في فلسطين.

ولأن من عادة الاحتلال التفنن في سلب راحة المزارعين الفلسطينيين، فإنه يمارس إجراءات تضييق بحقهم، عدا عن بناء المستوطنات التي تصادر الآلاف من الدونمات الزراعية، ومنع وصول المواطنين إليها بحجج أمنية.

ورق الدوالي 3.jpg
ورق الدوالي 4.jpg