الساعة 00:00 م
الجمعة 19 ابريل 2024
22° القدس
21° رام الله
21° الخليل
25° غزة
4.72 جنيه إسترليني
5.35 دينار أردني
0.08 جنيه مصري
4.04 يورو
3.79 دولار أمريكي
4

الأكثر رواجا Trending

مكتبة المعمداني من رُكن ثقافي إلى مقر إيواء للجرحى والمرضى!

بالفيديو والصور الطفل "الحديدي".. يُبعث للحياة مرتين

حجم الخط
257557524_948418629389263_1813535708569515250_n.jpg
آصال أبو طاقية - وكالة سند للأنباء

ستة أشهر، مضت وكأنها تحمل معها الجبال على صدر محمد الحديدي، ولا زالت تلك اللحظة التي أخذت من روحه وعقله الكثير، حين وقف على ركام منزله، ووجد نفسه وحيداً من عائلته التي عاش سنوات لبنائها واحتضانها، وحيداً سوى من طفلٍ رضيع كُتب له النجاة بمعجزة من الله، ليكون شاهداً على بشاعة محتلٍ قرر أن يمسح اسم عائلة بأكملها، فيقتل الزوجة والأبناء معاً.

الزوجة مها أبو حطب (36 عامًا)، والأبناء صهيب (13 عامًا)، يحيى (11 عامًا)، عبد الرحمن (8 أعوام) وأسامه (6 أعوام)، جميعهم رحلوا في لحظةٍ واحدةٍ بعد القصف الجوي الذي استهدف منزلاً بمخيم الشاطئ غرب مدينة غزة، حين قرروا أن يرفهوا عن أنفسهم ويزوروا أقاربهم في العيد.

كان ذلك في الـ 15 من مايو/أيار لهذا العام، ثالث أيام عيد الفطر، الذي كان من المفترض أن يكون يوم بهجة وعيد، إلا أنه كان موعد فاجعة وألم لعائلة الشاب الحديدي، يومٌ أُسدل فيه ستار الحزن على القلب إلى الأبد، وتشتت الجمع وبقي الأب مع طفله الرضيع وحيداً.

لم يبقَ لي غيرك

وعن آثار تلك الحادثة يقول الحديدي لـ "وكالة سند للأنباء" إن طفله الصغير عمر عاش في وضع صعب، فقد كان يعاني العديد من الجروح في رأسه وكسر في قدمه، نتيجة القصف والركام الذي انهال على جسده الضعيف، بالإضافة إلى الخوف الشديد والبكاء من أي صوت بسيط ومنخفض قد يصدر من حوله، والاستيقاظ ليلاً أكثر من مرة والبكاء الشديد.

وبالرغم من مرور 6 أشهر على الحادثة، إلا أن آثارها السلبية واضحة جليًّا على الرضيع عمر، وبدت ذلك على رفضه الطعام، وتناوله له بصعوبة.

"لم يبقِ لي غيرك في الدنيا" هكذا كان يرددها الحديدي حين أمسك بطفله الوحيد الناجي، وبعد انقضاء 6 شهور، يحاول الحديدي استيعاب ما حدث معه، والمضي في حياته مع طفله، يحاول بكل ما أوتي من طاقة، أن يمنح الحب لطفله بكل أشكاله، في وقته، فراغه، عمله، ولسانه يلهج أن يا الله حمداً لأن "عمر" موجود.

لم يسرق الوجع بهجة الحمد الذي كانت بلسمًا لقلب "الحديدي" كلما رأي عمر يكبر بين أحضانه، معافاً، يؤنس وحدته ويمنحه الأمل للمسير في هذه الحياة من جديد.

نجاة عمر

قبل عدة أيام، بلغ الطفل الرضيع عمر عامه الأول، دون أمه وإخوانه، لكن والده كان أسبق في إدخال أي سرور على قلب طفله عمر، قرر الاحتفال بنجاة عمر الذي كان بمثابة عمراً لوالده حين نجا من الحادثة بأعجوبة، ليقف الحديدي من جديد ويقول ها هو عمر بقي ليكون شاهداً على ظلم هذا الاحتلال، وشاهداً على إصراره وحبه للحياة والوطن.

وفي ذكرى يوم ميلاده الأول، يجتمع الأحبة من حوله، يتوسطهم أبو عمر، ومن حوله الأحبة والأقارب، يُساندونه في محنته، ويعينوه على إكمال المسير.

ويحاول "الحديدي" إيصال رسالة من عقد احتفال بذكرى ميلاد طفله، أنه بالرغم من الحزن العميق والوجع الشديد، إلا أنه أصر أن يصنع الفرحة والابتسامة على وجه طفله الجميل عمر، الذي تحدى صواريخ الاحتلال وقصفه، ليبقى على قيد الحياة بفضل الله، وبحنان أمه الذي احتضنته لتحميه من الركام المتطاير من حوله.

يؤكد "الحديدي" في هذه الاحتفالية أن هناك في غزة شعب يحب الحياة ما استطاع سبيلاً، وهناك احتلال بغيض يحاول أن يقتل وينتزع كل ابتسامة أو فرح قد يعيشه الفلسطينيون.

حكاية للقدر

عمر الذي كانت ابتسامته حاضرة طيلة يوم ميلاده، غنية عن أي وصف، ودواءً لقلوب كل من حوله، فتلك الابتسامة هي كافية لتعبر عن حكاية مختزلة في عقله، سيرويها لأبنائه في الكبر.

عاش "الحديدي" في هذه المناسبة صراعاً بين مشاعره، بين فرحة وابتسامة لطفله الناجي الوحيد المتبقي له، وبين حنين شديد وفقد لأبنائه الأربعة، وزوجته التي رحلت وتركت من خلفها مداداً من الذكريات التي حفرت في ذهنه ولن ينساها.

علاقة قوية تلك التي تجمع بين قلب عمر ووالده، وكأن الله مهدّ ذلك من قبل حدوث الحادثة، فقد كان الحديدي متعلقاً بصغيره بشكل كبير، وكان لطف الله أن خبأه له، من أجل أن يكون سنداً لبعضهما البعض في هذه الحياة الصعبة.

ويضيف الحديدي: "الحياة لا تتوقف حتى عند موت أعز الناس على قلوبنا، لأن هذه إرادة الله في الدنيا، والحزن والبكاء هما سبيلان للتخفيف عن أنفسنا في هذا المصاب الجلل، لكن قضاء الله نافذ، ولا نملك سوى الرضا والتسليم، وأسأل الله وحده أن يعوضنا خيراً، وأن يعيننا على الحياة".

ويؤكد الحديدي أن الشيء الوحيد الذي يمنحه السلوى، والذي يحب أن يتذكره كل فاقد للأحبة، أن الشهداء هم أحياء عند الله، وسيكونون شفعاء لأهلهم، "وهذا ما يدفعنا لنقاوم في هذه الحياة التي يجب أن تستمر، وفي كل قدرٍ رسالة، ولابد من بقاء عمر ونجاته بمعجزة ربانية غاية، والحمد لله عليه، حين بُعث للحياة مرة أخرى، ليولد من جديد.

256764254_306866004410411_5837658566257063357_n.jpg
257955868_426953115628933_3712743853397612866_n.jpg
257557524_948418629389263_1813535708569515250_n.jpg
257673414_607445784008148_8442494112040748752_n.jpg
256779879_625391872152502_1867847099762127106_n.jpg