الساعة 00:00 م
الأحد 12 مايو 2024
22° القدس
21° رام الله
21° الخليل
25° غزة
4.67 جنيه إسترليني
5.26 دينار أردني
0.08 جنيه مصري
4.02 يورو
3.73 دولار أمريكي
4

الأكثر رواجا Trending

خاطر: حرب غير مسبوقة على الأسيرات والضرب هو التطور الأخطر

قبر يوسف.. بؤرة صراع مشتعلة منذ 55 عامًا فما قصته؟

حجم الخط
قبر يوسف
نابلس - وكالة سند للأنباء

مع كل موجة مواجهة مع سلطات الاحتلال الإسرائيلي يعود مقام قبر يوسف بمدينة نابلس إلى الواجهة ليتصدر الأحداث ويحتل عناوين الأخبار، فما قصة هذا القبر؟ ولماذا لا يزال بؤرة مشتعلة منذ احتلال المدينة قبل 55 عاما؟

يقع قبر يوسف داخل مبنى قديم في قرية بلاطة بمنطقة تتوسط المسافة بين الأطراف الشرقية لجبلي عيبال وجرزيم، وتحيط به عدة قرى ومخيمات ذات كثافة سكانية عالية.

ويخضع قبر يوسف منذ عام 2000 لحماية قوات الأمن الفلسطينية التي ترابط بجواره على مدار الساعة، وتغادر مواقعها لدى اقتحام الاحتلال للموقع، لتعود فور انسحاب الاحتلال والمستوطنين.

شرارة البداية

وضع الاحتلال الإسرائيلي يده على قبر يوسف بعد احتلال نابلس عام 1967، وأصبح منذ ذلك الوقت وجهة للمستوطنين للصلاة وأداء الطقوس التلمودية فيه، بالرغم من كونه أثرا إسلاميا مسجلا بدائرة الأوقاف الإسلامية.

وفي عام 1986 أنشأ الاحتلال مدرسة يهودية لتدريس التوراة فيه، وفي عام 1990 تحول إلى نقطة استيطانية.

ويزعم اليهود أن عظام النبي يوسف –عليه السلام- أُحضرت من جمهورية مصر العربية، ودفنت في هذا المكان.

وتستند الرواية اليهودية إلى سِفر التكوين، أحد أسفار التوراة، وتقول النصوص التوراتية أن "النبي يوسف أوصى بني إسرائيل بنقل عظامه ودفنها شرقي مدينة شكيم"، وهي مدينة نابلس الكنعانية.

لكن خبراء الآثار الفلسطينيين ينفون صحة الرواية الإسرائيلية، ويؤكدون أن عُمر القبر لا يزيد عن قرن ونصف.

كما تؤكد الروايات المتواترة لأهالي قرية بلاطة أنه يعود لرجل مسلم اسمه يوسف دويكات، وظل القبر مقصدا للزوار باعتباره أحد المقامات الإسلامية المنتشرة بنابلس.

"ليّ عنق التاريخ"

يؤكد أستاذ التاريخ بجامعة النجاح الوطنية أمين أبو بكر، أن كل القرائن تشير إلى أن القبر ليس للنبي يوسف.

ويقول "أبو بكر" لـ"وكالة سند للأنباء": "لا يُعرف مكان دفن أي نبي غير قبر النبي محمد –صلى الله عليه وسلم- وما عدا ذلك فهي مجرد مقامات وليست قبور أنبياء، وقد مرّت فترة تعلق فيها الناس بالمقامات والمزارات، إحداها كان مقام يوسف".
 

مقام_سيدنا_يوسف.jpg

ويوضح، أن النبي موسى -عليه السلام- نقل رفات يوسف من مصر بناء على وصيته، ودفنت في الأرض المقدسة، لكن لا يعرف أين دفنت على وجه الدقة، مضيفا:" إن المسلمين يؤمنون بنبوة يوسف كغيره من الأنبياء المذكورين بالقرآن الكريم، ولو كان هذا القبر يعود له لما أخفوا هذه الحقيقة".

ويشير أستاذ التاريخ إلى أن الحرم الإبراهيمي بالخليل أوقفت عليه العديد من الأوقاف ابتداء من زمن الدولة الأيوبية، بينما هناك أوقاف قليلة للنبي يوسف في فلسطين، ما يدلل على أن الحقبة التاريخية لهذا القبر قصيرة نسبيا، ولم يتعلق به الناس إلا في فترة متأخرة، كما أن روايات الرحالة الغربيين في القرنين السادس عشر والسابع عشر تذكر أنه كان مجرد كهف.

ويعتقد "أبو بكر" أن ما يجري هو "ليّ لعنق التاريخ، ومحاولة فرض لرأي وحقائق غير موجودة في التاريخ من أجل التوظيف السياسي تحت غطاء الدين، إرضاء لجماعات معينة".

نزيف الدم

وشكّل قبر يوسف على الدوام بؤرة احتكاك وساحة للمقاومة الشعبية والمسلحة، ولعلّ هذا يعود إلى موقعه القريب من مركز المدينة بخلاف مناطق التماس الأخرى بنابلس.

وشهد قبر يوسف أعنف المواجهات خلال ما عُرف بـ "هبّة النفق" في سبتمبر/ أيلول عام 1996، حينما قتل سبعة جنود وحوصر أربعون آخرون داخل مجمع قبر يوسف الذي كان يخضع لسيطرة مباشرة من الاحتلال.

وتكرر المشهد ذاته مطلع انتفاضة الأقصى، وقتل حينها أحد جنود الاحتلال وأصيب آخرون، كما استشهد ستة فلسطينيين بمواجهات دامية واشتباكات مسلحة.

وكان من ثمار ذلك تحرير قبر يوسف وخروج آخر جندي منه، وإغلاق المعهد التوراتي الملحق بالقبر.

"مسمار جحا"

ويطلق الفلسطينيون على الموقع "مسمار جحا" كناية عن استخدام المستوطنين له كذريعة لاقتحام المدينة.

ومنذ عام 2007 ينظم المستوطنون اقتحامات متكررة لساعات محدودة بمعدل مرة كل شهر، بالتنسيق مع قوات الاحتلال وتحت حمايتها، ويكون الاقتحام قبيل منتصف الليل ويستمر إلى فجر اليوم التالي.

قبر يوسف.jpeg
 

ويرافق كل اقتحام مواجهات عنيفة بين مئات الشبان وقوات الاحتلال، يكون نتاجها شهداء وجرحى في صفوف الفلسطينيين.

ففي عام 2016 استشهد الشاب جمال محمد دويكات، وفي عام 2019 استشهد الشابان رائد هاشم حمدان وزيد عماد النوري خلال مواجهات ليلية رافقت اقتحامات قبر يوسف.

واستشهد الشاب محمد حسن عساف وأصيب العشرات صباح أمس الأربعاء، خلال مواجهات مع قوات الاحتلال بالتزامن مع اقتحام قبر يوسف بحجة ترميمه.

تسلل المستوطنين

ورغم الحماية التي يوفرها الاحتلال لمستوطنيه لاقتحام قبر يوسف، سجلت عدة حالات تسلل فيها مستوطنون إلى القبر بدون تنسيق أو مرافقة قوات الاحتلال.

اقتحامات المستوطنين لقبر يوسف.jpg

ففي عام 2011 تسللت مجموعة منهم إلى القبر ليلا، وعند خروجهم، أطلق أفراد دورية الأمن الفلسطيني النار على مركبتهم بعدما رفضوا الانصياع لأوامرها بالتوقف، ما أدى لمقتل أحد المستوطنين.

وفي أبريل/ نيسان الجاري، أصيب مستوطنان بجراح نتيجة تعرض مركبتهما لإطلاق نار من مسلحين فلسطينيين عندما حاولت مجموعة من المستوطنين التسلل إلى القبر.

في مرمى الاستهداف

وشكل القبر هدفا للشبان الغاضبين بعد كل عدوان للاحتلال سواء في الضفة الغربية أو قطاع غزة، وتعرض عشرات المرات للإحراق بالزجاجات الحارقة، تعبيرًا منهم عن رفضهم لتحويله مكانا مقدسًا لليهود.

وفي الأيام الأولى من انتفاضة الأقصى، لجأ المتظاهرون لإحراق القبر وتدمير مرافقه ردا على جرائم الاحتلال، وأعادت السلطة ترميمه.

وحاول شبان غاضبون إحراقه مرتين أواخر العام الماضي ردا على تصاعد اعتداءات المستوطنين على بلدة برقة، وفي أبريل الجاري تمكن شبان غاضبون من دخول القبر مرتين وتحطيم مقتنيات يهودية بداخله ردا على جرائم الاحتلال في محافظة جنين التي تشهد اقتحامات واعتداءات عسكرية مكثفة في الآونة الأخيرة.