بخطى ثابتة ومعنويات مرتفعة توجه ظهر اليوم الأربعاء المحامي فارس أبو الحسن من مدينة نابلس إلى سجن "عوفر" العسكري جنوب غربي رام الله، تنفيذًا لقرار صادر عن المحكمة الإسرائيلية باستكمال فترة اعتقاله البالغة عامين.
أبو الحسن، يعرفه آلاف الأسرى جيدًا، فقد عمل مدافعًا في محاكم الاحتلال عنهم لمدة ناهزت الربع قرن.
كما شارك خلالها في مئات الندوات والمؤتمرات المحلية، وأوصل صوت الأسرى وشرح معاناتهم أمام المحافل الدولية ومجلس حقوق الإنسان.
الاعتقال الأول
يوم 25 شباط/ فبراير 2014، اعتقلت قوات الاحتلال جميع العاملين في مؤسسة "التضامن الدولي" لحقوق الإنسان في نابلس، ترافق ذلك مع اقتحام لمقر المؤسسة وإصدار قرار بإغلاقها ومصادرة ما فيها.
كان أبو الحسن واحدًا من بين ثلاثة محامين وصحفي وموظفة جرى اعتقالهم، ونقلهم لمركز تحقيق بتاح تكفا، وهناك بقي أبو الحسن لمدة زادت عن 45 يومًا تعرض خلالها لتحقيق متواصل وعزل في زنزانة انفرادية.
وّجّهت مخابرات الاحتلال لأبي الحسن ومن معه تهمة تقديم مساعدات لأسرى حركة "حماس" في سجون الاحتلال، والتواصل مع جهات في قطاع غزة تنتمي لحماس، الأمر الذي نفاه أبو الحسن.
نُقل بعدها لسجن عوفر وهناك بقي خمسة أشهر تخللها عرضه على المحاكم التي قررت الإفراج عنه شرط الحبس المنزلي لحين استكمال الإجراءات القانونية، وفرضت عليه دفع كفالة مالية بلغت 50 ألف شيكل.
خلال هذه الفترة التي قاربت على خمس سنوات، حضر أبو الحسن عشرات الجلسات في محكمة عوفر.
وقررت هذه المحكمة في نهاية المطاف الحكم عليه بالسجن لمدة عامين ودفع غرامة مالية مقدارها 150 ألف شيكل وعودته إلى السجن لاستكمال فترة الاعتقال، وحددت يوم 17 نيسان/ أبريل موعدًا لذلك.
رسائل ما قبل العودة للسجن
قبل دقائق من حزم أبو الحسن حقيبة الاعتقال، تحدث معه مراسل "سند للأنباء"، وسأله عن معنوياته، فقال: "معنوياتنا عالية ولن يفلح الاحتلال بكسرها".
وأشار إلى أن اعتقاله " لهدف مشرف وهو خدمة الأسرى وقضيتهم العادلة، ولم أشعر بالندم على ما فعلت".
وعن الرسائل التي يوجهها للشارع الفلسطيني أجاب: "أعود اليوم للسجن وكلي أمل أن تظل قضية الأسرى حاضرة في وجدان وضمير الشعب الفلسطيني وقيادته".
ودعا الكل الفلسطيني لأن يعمل على إطلاق سراح الأسرى وأن يظل هذا الملف بعيدًا عن تجاذبات الانقسام، "فمن حق هؤلاء الذين ضحوا بسنوات عمرهم العيش بكرامة".
وقال إنه "على يقين أن أبواب السجون ستُفتح قريبًا في وجه أصحاب الأحكام العالية والمؤبدات، وستصبح هذه السجون جزءًا من تاريخ الشعب الفلسطيني وستتحول لمتاحف، هكذا تعلمنا من تاريخ الشعوب التي خضعت للاحتلال".
كلمات وفاء
من جانبه، قال الباحث في المركز الأورو متوسطي لحقوق الإنسان، إحسان عادل، على صفحته في "فيس بوك" إن أبو رياض الذي ترك بصمة لا يمكن نسيانها في الدفاع عن الأسرى والتخفيف من أحكامهم المجحفة".
وأضاف"لا أظن أسيرًا أو عائلة لأسير فلسطيني من أبناء الضفة الغربية لا تعرفه".
وعبّر عن تضامنه مع المحامي أبو الحسن في "المحنة". متابعًا: "ستعيش اليوم بين الأسرى الذين دافعت عنهم وحملت قضيتهم، فلا خوف عليك، وإن لنا ولك موعدَا مع الحرية لن نُخلفه".
وأوضح المدير السابق لمركز أحرار لشؤون الأسرى فؤاد الخفش، أن أبو الحسن دافع عنه عدة مرات في سجون الاحتلال، وكان دائمًا ما يرفع من معنويات الأسرى.
مبينًا: "لا يمكن أن أنسى ما قاله لي أبو الحسن يوم كنت معتقلًا في مركز تحقيق بتاح كفا عام 1999، كلمات بسيطة رفعت معنوياتي حتى السماء".