في أزقة حي الزيتون، حيث لا مكان للأمان بين الأنقاض، تقف أم فضل عياد وحيدة مع أطفالها، تبحث بين الحطام عما يحميهم من برد الشتاء القاسي، بين الركام المبعثر، تخشى أن ينهار السقف فوق رؤوسهم في أي لحظة.
تغرق الأم في تفاصيل الحياة اليومية التي أصبحت صراعًا للبقاء، بينما تتنقل بين الأنقاض، تحاول إلباس أطفالها ما يحميهم من البرد، وفي عيون طفلتها، تتجسد معاناة شعب كامل، تنطق كلماتها بما لا تستطيع الكلمات الأخرى أن تعبّر عنه: الخوف، الألم، والضياع في عالم لا يرحم.
تقول المواطنة أم فضل عياد بأسى: "كنا نأمل أن نعود ونجد منزلنا كما كان، لكن عندما رجعنا، وجدناه، والحمد لله، متهدمًا. بين الركام، كنت أبحث للبنات عن أي شيء يلبسونه، الجو بارد جدًا، والمنخفضات تتوالى، ولكنني لم أجد سوى ملابس ممزقة، تمزقت بفعل الشظايا والحجارة، ولا أستطيع أن ألبسهم إياها."
وتضيف، والمرارة في صوتها خلال مقابلةٍ مصوّرة لـ "وكالة سند للأنباء"، "الحياة صعبة للغاية، حتى النوم أصبح صعبًا، أحاول أن أنظف زاوية تحت ردم المنزل، وأجمع الحجارة لأجعلها مكانًا لنا نتمكن من النوم فيه، لكن ماذا يمكنني أن أفعل؟ كل ما أستطيع هو أن أحاول أن أنظف الحجارة وأرفعها."
وبصوت يملؤه الرجاء تزيد: "كل ما أطلبه هو سرعة الإعمار، غزة بحاجة أن تعود للحياة، ليتمكن الناس من العيش بكرامة، بأمان، ودافئًا، بعيدًا عن كل ما عايشناه من دمار".
أما طفلتها، فقد عبرت ببراءة وقلق قائلة: "نحن نخرج بالألبسة من تحت الأنقاض، ولا نعلم إن كان السقف سيقع علينا أم لاـ نحن خائفون، نخرج قليلاً قليلاً حتى لا ينهار السقف علينا، أبحث عن ملابس لألبسهم إياها، لأن الجو بارد ودائمًا ما يزداد البرد، لكنني لا أجد شيئًا يصلح لهم، كل الملابس التي وجدتها ممزقة، ومبعثرة، وكل شيء لا أستطيع أن أخرج منه ما هو صالح".