الساعة 00:00 م
الخميس 25 ابريل 2024
22° القدس
21° رام الله
21° الخليل
25° غزة
4.71 جنيه إسترليني
5.33 دينار أردني
0.08 جنيه مصري
4.04 يورو
3.78 دولار أمريكي
4

الأكثر رواجا Trending

جيش الاحتلال يُعلن مقتل "رائد" شمال قطاع غزة

فلسطيني يحول موقعاً عسكرياً مدمراً إلى مسكن لعائلته النازحة

"الوضع القائم" في الأقصى.. تغييرات إسرائيلية بطيئة ومستقبل خطير

بالصور عائلة الطويل.. حين تُطفئ نور الأبوة نار السجان

حجم الخط
عائلة الطويل.. حين يطفئ نور الأبوة نار السجان.jpg
نابلس-آصال أبو طاقية

صورة تذكارية تجمع العائلة معاً، أمرٌ بسيط للغاية، لا يحتاج سوى بضع ثواني لالتقاطها، هذا هو الأمر الطبيعي الذي يحتاجه المرء ليُخلد ذكرى ما، لكنه بالنسبة لعائلة الطويل بقي حلم صعب المنال لسنوات طويلةٍ، والسبب، غياب شخصٍ ما خلف سجون الاحتلال.

لم يكن ليفوت الاحتلال منذ سنوات طويلة أي فرصة للتنغيص على عائلة الطويل، يحاول بكل مناسبة صغيرة أو كبيرة استجلاب قواته وإفساد أي فسحةٍ للفرح قد تختلس طريقها إلى العائلة، والمطلوب إما جمال أو بشرى أو منتهى.

السجن بسكرش على حد

في قرارٍ صعب للغاية، يحمل معه كل الأشواق والحب لاحتضان فلذة كبده، قرر النائب في المجلس التشريعي جمال الطويل أن يخوض معركة خطرة ويدخل معترك الإضراب عن الطعام، احتجاجاً على اعتقال ابنته بشرى والتمديد لها إدارياً لأكثر من مرة.

"السجن بسكرش على حد يابا، هيجي يوم ونروّح، هذا احتلال ما بنستنى منه غير التنغيص والاعتقالات" حدّث بها جمال ابنته بشرى، وانطلق في إضرابه.

أوصى جمال ابنته بعدم التفكير في الإضراب عن الطعام، وأنه سيعمل كل ما بوسعه من أجل الضغط للإفراج عنها، في تضحيةٍ متفانية من أجل ألا يمسها أي تعبٍ قد يسببه الإضراب، خاصة وأنها لم تخضه قبل ذلك، وله من الآثار التي قد تثقل كاهلها.

210979721_790441434950130_1740231156625120916_n.jpg
29 يوماً، كانت مليئة بالخوف والترقب والخشية، وقلق يأكل دماغ بشرى التي لا تعرف عن أبيها أي معلوماتٍ سوى أنه مضربٌ عن الطعام، تقلب الأخبار بين الفينة والأخرى، ترتل الدعوات، وتسأل الله ألا يُصيب حبيبها أي مكروه.

ثقيلة هي الأيام، وكأنها سنوات تمر على صدر بشرى، وهي التي لا ترغب من الحياة سوى أن يكون والدها بخير، بعد أيامٍ كانت ساعاتها أشبه بدهور، أرسلت بشرى مع مؤسسة الضمير رسالة تطلب من والدتها أن تخبر والدها بأن يتوقف عن الإضراب، فهي لم تستطع أن تحتمل كل هذا القلق والانتظار، أو أن يمسه سوء.

214044856_364651885117106_580618168882942876_n.jpg

انتصار الأبوة

في اليوم التي طلبت بشرى ذلك، جاءها الفرج، وانتصر حب الأب لابنته، بعد التماس قدمته العائلة للمحكمة العليا، لتقرر الإفراج عن بشرى الطويل بعد 3 شهور، أي تم التمديد لمرة واحدة فقط.

لم تستطع منتهى الطويل معرفة أي شيء يخص زوجها جمال، فقد تم نقله خلال إضرابه من عزل سجن هشارون إلى عزل سجن إيلون الذي يقع في منطقة معزولة قرب مدينة "نتانيا"، بالإضافة إلى منع المحامين من زيارته، أو الحديث معه، في ظل غموض عن وضعه الصحي بعد فقدانه لأكثر من 15 كيلو من وزنه.

فيما تحاول منتهي إرسال مشاعر الحب والشوق لابنتها عبر الإذاعات المختصة في الأسرى، وتلقّف رسائل الاطمئنان منها بكل لهفة وانتظار مع كل زائرٍ لرفيقاتها في السجن – كما تروي لـ "وكالة سند للأنباء".

منتهى التي لم تسلم هي الأخرى من الاعتقال، تعيش حياتها الآن بين انتظار هذا وذاك، تبحث عن أي خبر يظمأ شوقها، أو احتياجٍ تلبيه، أو سؤال يطمأن قلبها، والصبر والحمد يزين كل وقتها أن اختارهم جنوداً في طريق الدفاع عن الوطن وكلمة الحق.

211749077_4224266937631731_1693990468174059101_n.jpg

اختلاس الفرح

حياةُ صعبة عاشتها عائلة الطويل، ليمضي جمال حياته متنقلاً بين السجون، ويقضم من عمره أكثر من 16 عاماً فيها، فيما أمضت بشرى أيضاً أكثر من 42 شهراً داخل الأسر، وهي التي تطمح كأي فتاة أخرى أن تعمل في مجالها الصحفي دون أي تنغيص أو ملاحقات واعتقال، من أجل إسكاتها والنيل منها.

وتقول والدة بشرى لــ "وكالة سند للأنباء" إنه في عام 2019 خرج جمال من الأسر بعد قضائه 20 شهراً إدارياً، وبعد 5 أيام فقط عاد جنود الاحتلال ليعتقلوا بشرى، رفض جمال وقال لهم خذوني أنا بدلاً عنها، فقد أمضيت 5 أيام خارج السجن، لكن أحد الضباط أجابه "نريد بشرى، صوتها عالي وتزعجنا"، ليحكم عليها آنذاك 6 شهور إداري.

وبالرغم من كل الاعتقالات المتكررة لأبناء العائلة، لم يمنع ذلك عائلة الطويل من الانتصار على السجان، ففي عام 2017 قررت العائلة الاحتفال بزفاف ابنهم، بعد خروج جمال من الأسر الذي دام 4 سنوات، لكن الاحتلال لم يفوت ذلك، ليسارع في القدوم ويسلم جمال استدعاءً بالحضور لمركز الاحتلال.

210998539_287622356444047_855607780974133187_n.jpg

الصبر هو السلاح

وتذكر منتهى أنه حينها ذهب جمال ليفوت أي فرصة على الاحتلال من أجل اعتقاله، وحين ذهب للمركز بقي منتظراً لساعات طويلة حتى أجابه أحد الجنود "عد مرة أخرى، فالضابط مشغول".

استفزازٌ مستمر، ومحاولات متكررة من أجل انتزاع أي أمل لدى الفلسطينيين بالحياة على هذه الأرض، إلا أن نفس الفلسطيني أطول، فقد اجتمعت عائلة الطويل في حفل زفاف ابنها لأول مرة منذ سنواتٍ طويلة جداً، وهي المرة الوحيدة، إلا أنها بقيت خالدة في الذاكرة، وبعد 17 يوماً عاد الاحتلال لاعتقال بشرى آنذاك.

وتضيف منتهى: "نحن أهالي الأسرى، لا يوجد ما نملك سوى الصبر، أبناءنا يعزون علينا، وفي أحد المرات قال لي ضابط، لقد اعتدتِ على ذلك، أجبته كيف للمرء أن يعتاد على الألم، أنتم تداهمون بيوتنا مدججون بالسلاح وتحاصرونا وتأخذون أبناءنا عنوة، ولا نملك سوى أن ندعو الله عليكم".

وتوضح أن الاحتلال يحاول الضغط على نفسية أهالي الأسرى، إلا أنه يتم استوداعهم عند خالقهم، ومحاولة توفير كل احتياجاتهم قدر الإمكان، والسعي لزيارتهم، ورفع معنوياتهم، لأنه بالصبر فقط سيكملون المسير في هذا الدرب الشائك والطويل.

213466037_838792097051245_4388226173394298913_n.jpg