على بعد عشرات الأمتار من الحدود الشرقية والشمالية لقطاع غزة، تتنوع المحاصيل الزراعية داخل أراضي المزارعين الفلسطينيين حسب موسم نموّها، ليشكل العمل في زراعتها وإنتاجها فرصة ذهبية للمزارعين لكسب الرزق من جهة، واكتفاءً ذاتيًا من المحاصيل للقطاع المحاصر من جهة أخرى.

وينتج قطاع غزة في فصل الصيف، عددًا وفيرًا من المحاصيل، أشهرها: "البطيخ، القمح، الذرة، الباذنجان، الفلفل، الخوخ، اللوزيات، المشمش، البلح، العنب، التين، والصبر"، إذا تبدأ زراعة تلك المحاصيل في شهر آذار/ مارس وتنتهي في أوائل شهر حزيران/ يونيو من كل عام.

وتُحقق غزة، الاكتفاء الذاتي بنسبةٍ كبيرة جدًّا من خلال إنتاجها للمحاصيل الزراعية، واعتمادها على جزء كبير منها في إمكانية التصدير إلى الخارج، وفق ما أورده المتحدث باسم وزارة الزراعة أدهم البسيوني.

"البطيخ"..

وعن محصول البطيخ يقول "البسيوني" لـ "وكالة سند للأنباء"، إن "المساحة المزروعة من البطيخ في قطاع غزة تبلغ 5300 دونم بما يعادل 50 ألف طن، مقارنة بـ 4500 دونم العام الماضي، إضافةً إلى مساحة 1800 دونم من محصول الشمام".

 

ويُتابع: "أن الأجواء المناخية المعتدلة هذا العام، ساعدت في نمو المحاصيل الزراعية"، مُشيرًا إلى أن الكميات المتوفرة من محصول البطيخ تكفي حاجة السوق المحلي.

ويستبشر "البسيوني"بـ "عام مميز" من حيث وفرة الإنتاج، آملًا بأن تتحسن الظروف الاقتصادية لتوائم الكميات المعروضة في السوق من المحاصيل الصيفية.

اعتداءات ومعوّقات

ولوقوعها بالمناطق الحدودية الشمالية والشرقية لقطاع غزة، تتعرض الأراضي الزراعية للعديد من الانتهاكات والمضايقات الإسرائيلية اليومية، من خلال التوغل في الأراضي الزراعية، ورش المبيدات الحشرية في بداية موسم الحصاد؛ ما يسبب تلف المحاصيل الزراعية، بحسب "البسيوني".

ويضيف: "أن الاعتداءات الإسرائيلية تُقيِّد من حركة الزراعة وتحد من استغلال هذه الأراضي بالشكل الأمثل".

القمح..

ويتحدث "البسيوني" عن إنتاجية محصول القمح هذا العام التي بلغت 4500 طن على مساحة 12 ألف دونم في المناطق الشرقية الحدودية، لافتًا أنها كمية ضئيلة بالنسبةِ لحاجة السكان في قطاع غزة.

ويسد محصول "القمح" المنتج محليًا 1.5% من احتياجات القطاع؛ لأن زراعة القمح تحتاج إلى مساحات شاسعة لتغطية احتياجات القطاع، وهذا مالا يتوفر في غزة، تبعًا لـ "البسيوني".

 

ويُبيّن أن مساحة زراعة القمح تتراوح ما بين 10 آلاف إلى 15 ألف دونم مُتركز في المناطق الشرقية لقطاع غزة.

ويلفت "البسيوني" إلى أن محصول القمح شهد زيادة نسبية في الإنتاج مقارنة بالعام السابق، موضحًا أن المزارعين تميّزوا بنقلات نوعية في المساهمة بإدخال بذور لها القدرة على تحمل الظروف المناخية التي أصبحت متقلبة بشكل كبير في فلسطين.

 

وعن دور وزارة الزراعة، يُجيب "البسيوني"، أن وزارته خلال الأعوام الثلاث الماضية كان لها دور بارز في التعامل مع مؤسسات القطاع الزراعي، من خلال تزويد مزارعي القمح في بداية الموسم بالبذور اللازمة والأسمدة المطلوبة للمحصول.

ووفق تقارير اقتصادية، فإن سعر القمح ارتفع عالميًّا إلى 12.5 دولار، وسعر كيس الدقيق وزن 50 كيلو من 88 شيكلا قبل الحرب الروسية الأوكرانية إلى 120 شيكلًا حاليًّا.

ومع الارتفاع العالمي للأسعار، والضرائب المفروضة على محصول القمح لقطاع غزة، ارتفع سعر ربطة الخبز (2600 غم) من 7 إلى 8 شواكل في المخابز.

"الذرة"..

ويعتبر محصول الذرة، أو ما يُسميها المزارعون بـ"الذهب الأصفر"، من المحاصيل المرغوبة لدى المستهلك، وتلقى اهتمامًا كبيرًا خلال فصل الصيف في قطاع غزة، وتُشكّل مصدرًا موسميًّا لبعض العائلات.

وعن مساحة الأراضي المزروعة بالذرة في قطاع غزة، يُقدرها "البسيوني" بحوالي 2000 دونم هذا العام، مؤكدًا أنها تُغطي احتياجات السوق المحلي خلال فصل الصيف.

ويُكمل: "أن مساحة محصول الذرة ثابتة على مدار الأعوام السابقة"، مُبيّنًا أن نسبة الإنتاج ثابتة بنسب متغيرة ضئيلة؛ لأن الذرة مرتبطة بالاستهلاك المباشر ولا يوجد نواحي تصديرية.

 

ويرتبط واقع قطاع غزة بالمساحات المتاحة في مختلف المحافظات، إذ تحتل محافظة خانيونس المرتبة الأولى في زراعة الخُضار الصيفية، تليها محافظة الشمال ثم تتبعها باقي المحافظات بشكل متناسب، وفق "البسيوني".

وتطرق "البسيوني" في معرض حديثه إلى المساحة المزروعة لمحصول "اللوزيات" إذ تبلغ 2000 دونم، مُتوقعًا أن يتم حصاد 2000 طن من المحصول للإنتاج المحلي.

وعن أبرز الصعوبات التي يواجهها المزارعون الفلسطينيون، يُوضح المتحدث باسم وزارة الزراعة، أن التحديات كبيرة ومرتبطة بعدم قدرة المزارع بالحصول على المستلزمات الزراعية بسهولة؛ نتيجة ارتفاع أسعارها بشكل عالمي، إضافةً إلى منع الاحتلال من إدخال أنواع كثيرة منها.

ويزيد:"الاعتداءات الإسرائيلية المباشرة، كبّدت المزارعين خسائر فادحة قدرت بـ 204 ملايين دولار، خلال العدوان الأخير في مايو/أيار 2021.

"بنك القرارة"..

المزارع الستيني سلامة مهنا من بلدة "القرارة" شمال خانيونس جنوب قطاع غزة، يُباشر عمله منذ ساعات الصباح لإنتاج محصول القمح.

ويقول "مهنا" لـ "وكالة سند للأنباء"، إن إنتاج 420 كيلو قمح للدونم، أي زيادة من 20% إلى 30%؛ بسبب كمية الأمطار الجيدة التي هطلت هذا العام على القطاع.

ويستخدم المزارع "مهنا" البذور البلدية التي تتحمل التخزين وتتحمل بذرتها الأجواء المناخية القاسية؛ لأنها أثبتت نجاعتها عكس البذور المهجنة التي تزيد من جفاف التربة.

وأسس "مهنا"، (بنك القرارة) الذي يضم البذور البلدية في القطاع، إذ يقوم بتوزيعها على المزارعين بداية الموسم كل عام، مثل "البقدونس، السبانخ، الجرادة، الشومر، الحلبة، البصل، الجزر الأحمر، والجزر الأصفر".

وتتأثر الأراضي الزراعية برش المبيدات الحشرية عليها من قبل طائرات الاحتلال، التي تُدمِّر وتبيد المحصول بشكل كلي، بحسب "مهنا".

لم يختلف الحال عند المزارع أكرم أبو خوصة من شمال قطاع غزة، فهو الآخر عانى كثيرًا من الاعتداءات الإسرائيلية على أرضه الزراعية الواقعة في بلدة بيت لاهيا أقصى شمال قطاع غزة.

ويُردف "أبو خوصة" لـ "وكالة سند للأنباء"، أن اعتداءات الاحتلال المستمرة ضد المزارعين الفلسطينيين تكبدهم خسائر فادحة، إضافةً إلى التحكم في معابر قطاع غزة ومنع تسويق المحصول في الأسواق الخارجية.

وعن المحاصيل الزراعية التي يقوم بزراعتها، يوضح "أبو خوصة"، أنه يقوم بزراعة محاصيل عديدة أبرزها "الذرة والفراولة"، مشيرًا إلى أن محصول الذرة عمره الزمني 75 يومًا.

ويبدي "أبو خوصة"، تفاؤله بهذا الموسم، إذ أن الدونم الواحد من محصول الذرة ينتج 250 صندوقًا (البوكسة).