رياح عاتية لا تقوى عليها خيامٌ متهالكة، وعائلاتٌ تبيت ليلها القارس في الطرقات وعلى شاطئ البحر لا تدري إلى أي مكان تلتجئ، وشعور العجز يطغى أمام قلة الإمكانيات والحيلة، وسط تلكؤ مُحتلٍّ يتلاعب في مسار إغاثة قطاع غزة.
وتتعرض الأراضي الفلسطينية وقطاع غزة الليلة إلى منخفض جوي هو الأشد منذ بدء موسم الشتاء الحالي، يتخلله تساقط غزير للأمطار، ورياح عاصفة تصل سرعتها إلى 100كم/ الساعة وفق ما ذكرته الأرصاد الجوية الفلسطينية.
ومع بلوغ المنخفض الجوي ذروته ليلة الأربعاء/ الخميس، فإن ليلة عصيبة بانتظار ساكني الخيام في قطاع غزة، من الذين لا مأوى لهم ولا ملجأ.
ووثقت مقاطع مصورة، اقتلاع الرياح العاصفة عدداً من خيام أهالي قطاع غزة، بينما غرق آخر في ظلمات الليل وتحت زخات المطر، ناهيك عن الدمار الذي خلفته حرب الإبادة الإسرائيلية على قطاع غزة في البنية التحتية وشبكات الصرف الصحي، والطرقات، التي تُسهل تجمع المياه وتكون السيول والبِرَك في معظم المناطق.
وفي منخفضات سابقة خلال موسم الشتاء الحالي، شهدت مناطق واسعة في غزة، غرق عدد كبير من الخيام ومراكز الإيواء والتي تجاوز عددها 12 ألف خيمة، إذ تفتقر لأدنى مقومات الحماية بمياه الأمطار.
بينما تتواجد عشرات الآلاف من العائلات في الخيام وعلى ركام منازلها، وسط خوف وذُعر من اقتلاع الخيام وغرقها، أو انهيار ما تبقى من منازل لا تصلح للعيش على رؤوس المُحتمين بها.
تلكؤ إسرائيلي..
ووفق الإحصاءات الحكومية، فقد تعرضت 161 ألفًا و600 وحدة سكنية في قطاع غزة، للهدم الكلي بفعل القصف الإسرائيلي، إلى جانب 82 ألفا أخرى أصبحت غير صالحة للسكن، و194 ألفًا تضررت بشكل جزئي بدرجات متفاوتة.
ويترتب على تلك الإحصائية بقاء عشرات آلاف العائلات بلا مأوى، سوى بعضاً من قُماش مُهترئ تنقل به أصحابه في رحلة النزوح، والقليل من "النايلون"، الذي لا يقي الصغار ولا الكبار من عواصف الشتاء.
ومنذ بدء سريان وقف إطلاق النار بين المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة والاحتلال الإسرائيلي، في 19 يناير/ كانون الثاني الماضي، لم تزل "إسرائيل" تتلكأ في تنفيذ مسار الإغاثة والإعمار الذي نص عليه اتفاق وقف إطلاق النار، مما يفاقم الأوضاع الإنسانية في قطاع غزة.
وبحسب المكتب الإعلامي الحكومي، فإن "البروتوكول الإنساني كان ينص على إدخال 60 ألف كرفان و200 ألف خيمة مؤقتة لاستيعاب النازحين الفلسطينيين الذين دُمرت منازلهم جراء العدوان الإسرائيلي".
أما المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، فقد أشار إلى أن 9500 خيمة فقط معظمها من النوع الردئ، وصلت إلى قطاع غزة، فيما قدر الاحتياج الأولي نحو 120 ألف خيمة، وهو ما يعني أن ما وصل من خيام لا يتجاوز 8٪ من مجموع الاحتياج الطارئ.
معاناة تتجدد..
ومثل كل مرة يتساقط فيها المطر وتهب الرياح، يُعلن أهالي الخيام حالة الاستنفار؛ يعلمون ما ينتظرهم من "غرق، ومشقة، ومرض مُقبِل"، فتتعالى أصوات الصراخ والاستغاثة فوق صوت الرعد والعواصف، "الخيمة غرقت"، "ارفعوا الفراش"، "وين نروح في هالبرد والليل"؟
وتنقل السيدة زينب الأغا لـ"وكالة سند للأنباء"، تخوفاتها من غرق محتم لخيمتها، خشية تكرار سيناريو سابق لغرقهم جراء هطول زخات الأمطار.
تقول "الأغا":" كلنا نجلس على أعصابنا، ونحاول تمكين الخيمة بالرمال والحجارة قدر المستطاع، خوفاً من تسلل مياه الأمطار داخلها".
وتسرد ضيفتنا حال جيرانها النازحين على شاطئ بحر خانيونس، والذين طارت خيامهم وأصبح أصحابها بلا مأوى، وسط صراخ وبكاء الكبار والصغار، واستغاثات كبار السن.
ويُعرب رواد مواقع التواصل الاجتماعي، عن قلقهم إزاء ما يتعرض له ساكني الخيام في هذه اللحظات العاصفة.