الساعة 00:00 م
السبت 19 ابريل 2025
22° القدس
21° رام الله
21° الخليل
25° غزة
4.89 جنيه إسترليني
5.2 دينار أردني
0.07 جنيه مصري
4.19 يورو
3.69 دولار أمريكي
4

الأكثر رواجا Trending

وجبة من السم يوميًا.. الطهو على نيران البلاستيك خيار المضطر في غزة

هل تبقى قرارات "يونسكو" بشأن فلسطين حبراً على ورق؟

"نتنياهو" والمفاوضات بشأن حرب غزة.. "لعبة تضييع الوقت"

بالفيديو والصور "الحاجة أم الاختراع".. مهن ابتدعها الغزيون خلال عام من الحرب

حجم الخط
مهن ابتدعها الغزيون خلال الحرب على قطاع غزة
غزة – مجد محمد – وكالة سند للأنباء

"الحاجة أم الاختراع"، ترجم الغزيون هذا المثل الشعبي على أرض الواقع بابتداع مهنٍ جديدة؛ لمساعدة أسرهم في النضال اليومي من أجل البقاء؛ وسط حرب الإبادة المدمرة واستمرار الاحتلال إغلاق معابر قطاع غزة ومنع إدخال المستلزمات الحياتية.

فقبل عام من الآن، بدأ جيش الاحتلال الإسرائيلي بتوجيه ضرباته المسعورة على سكّان قطاع غزة وكل ما قد يُعينهم على الحياة؛ ضمن حربٍ هي الأشرس منذ عقود، وبالرغم مما خلّفته من ضحايا ومأساة ودمار طاول كافة القطاعات الحيوية، إلا أنّ الغزيين فضّلوا البقاء بأقل المقومات لأنّ هذه الأرض تستحق!

وضمن تغطيتها الخاصة للذكرى السنوية الأولى للحرب في غزة تجولت عدسة "وكالة سند للأنباء" في أسواق وسط القطاع، لاستعراض أبرز الأشغال التي فرضتها ظروف الحرب على الأهالي لإعالة أسرهم واستمرار عجلة الحياة.

نقاط الشحن وتبريد المياه والمثلجات

انتشر في شوارع القطاع، وخاصة مخيمات النزوح مهنة شحن الهواتف والبطاريات، ومشاريع التبريد التي يعتمد أصحابها فيها على الطاقة البديلة، مقابل أجر مادي زهيد، وقد برزت هذه المهنة بعد قصف شركة الكهرباء الوحيدة ومنع إدخال الوقود إلى القطاع منذ بداية الحرب.

عبد الرحمن الحواجري فقد منذ تسعة شهور مصدر عمله الأساسي في طحن الدقيق، ومع تكرار النزوح وعدم الاستقرار نتيجة القصف الإسرائيلي العنيف، قرر أن يتجه إلى مهنة افتتاح "نقطة شحن" في مخيمات الإيواء بدير البلح وسط القطاع.

وقال الحواجري إنه اضطر للعمل في هذه المهنة استجابة منه للظروف التي يمر بها عموم سكان قطاع غزة من انقطاع للكهرباء، وحل مشكلة شحن الهواتف والبطاريات التي تستعمل للإنارة البديلة.

وأضاف أنّه يشحن الهواتف المحمولة وبطاريات المواطنين مقابل أجر مادي زهيد، حيث يكلف شحن الهاتف بـ شيكل واحد فقط، والبطارية 3 شواكل، معرباً عن أمله الشديد بأن تنتهي هذه الحرب، وأن تتوقف معاناة المواطنين ويعود الجميع لمسكنه الأصلي وحياته الطبيعية.

من جانبه، يقول المواطن نور الدين الحواجري، إنه أنشأ مشروعاً لتبريد زجاجات المياه للنازحين في الخيام مع اشتداد الحر في فصل الصيف وعدم توفر الكهرباء في البيوت كذلك مقابل شيكل فقط لكل زجاجة.

وأوضح أن مهنته قبيل الحرب كانت في مجال البناء، ولكن بسبب توقف أغلب مجالات العمل تحايل على ظروفه واتجه نحو مشروع التبريد لتوفير قوت يومه لعائلته المكوّنة من ثمانية أفراد، مشيرًا إلى أنّه يُحصّل قرابة 20 شيكل يوميًا.

إصلاح النقود التالفة..

من بين المهن التي ظهرت في الحرب، إصلاح النقود المعدنية والورقية المهترئة؛ كي تُصبح صالحة للتداول مرّة أخرى في أسواق القطاع، وياسر أبو هربيد أحد الذين يعملون في هذه المهنة فما قصتها؟

أخبرنا أبو هربيد، أنّه بعد إغلاق غالبية البنوك في القطاع، ومنع الاحتلال إدخال عملات ورقية ومعدنية جديدة إلى غزة؛ لتضييق الخناق على المواطنين، أصبحت معظم العملات المتداولة قديمة ومهترئة ويرفض التجّار قبولها من المواطنين.

أبو هربيد وهو نازح من بيت حانون شمال القطاع ويُقيم حاليًا في أحد مراكز الإيواء بدير البلح، أوضح أنّ العملة القديمة ظلّت قيد التداول على مدار أشهر الحرب وطالت الموظفين بمختلف القطاعات؛ ما فاقم معاناة المواطنين في عمليات الشراء والتداول.

وقال إنّ فكرة إصلاح النقود جاءت إليه بعد شجارٍ وقع بين جيرانه بسبب عملة ورقية قديمة وحين أصلحها ضيفنا لحل الخلاف بينهما ونجح في ذلك، تشجّع لامتهان هذا العمل كمشروع استثماري يتقاضى مقابلها شواكل معدودة.

وتبدأ مراحل تنظيف العملة الورقية بتثبيتها فوق سطح طاولة بواسطة مادة لاصقة جديدة تمنحها شكلًا جديدًا ومقبولًا للتداول، مشيرًا إلى أن تكلفة إصلاحها يتراوح ما بين 2 لـ 5 شواكل ومن خلالها يُعيل أبو هربيد أسرته.

صورة واتساب بتاريخ 1446-03-23 في 11.12.03_fb5e95c9.jpg

صورة واتساب بتاريخ 1446-03-23 في 11.12.04_322d88d7.jpg

صورة واتساب بتاريخ 1446-03-23 في 11.12.02_ea227ffc.jpg

بيع الحطب..

في الحرب أيضًا ظهرت مهنة تجميع الحطب وبيعه للمواطنين في أماكن تواجدهم، في ظل الشح الكبير بالوقود وغاز الطهي، حيث أصبح الطلب عليه كبيرًا ما دفع كثيرون للعمل في هذه المهنة التي كانت لسنوات تقتصر على فصل الشتاء للتدفئة.

فهذا الحاج إبراهيم سعيد (77 عامًا) كان يعمل مزارعًا في أرضه شمال قطاع غزة، لكن اشتداد القصف الإسرائيلي على تلك المنطقة وتدمير معظم الأراضي الزراعية هناك أجبره على النزوح إلى الزوايدة ومن هناك قرر العمل في بيع الحطب.

وقال سعيد إنّ الحطب صار بديلًا عن غاز الطهي للمواطنين، لذا أصبح الإقبال عليه مضاعفًا، ما دفعني للعمل في هذه المهنة كمصدر رزق لي ولعائلتي، مشيرًا إلى أنّ سعر كيلو غرام من الحطب يصل 2 شيكل حاليًا.

أفران الطينة..

ساهم الشح في غاز الطهي وإغلاق عدد كبير من المخابز أبوابها وارتفاع سعر الحطب، في انتشار العمل بأفران الطينة؛ لطهي المخبوزات وأكلات مختلفة، بالإضافة لتسخين المياه للمواطنين مقابل أجر مادي زهيد.

الحاجة فاطمة التي نزحت عدة مرات منذ بداية الحرب، قامت بصناعة فرن طينة خاص لتلبية احتياجات عائلتها الغذائية في منطقة نزوحهم بالمحافظة الوسطى، ومع مرور الوقت وتردي الأوضاع المعيشية قررت أن تتخذه كمشروع رزق لها.

وتعمل الحاجة فاطمة يوميًا منذ ساعات الصباح الأولى وتستمر حتى وقت المغيب، يلتف خلالها النسوة حو الفرن المصنوع من الطين، ينتظرن أدوارهن للخبيز، ويتبادلن أطراف الحديث في كثير من القضايا الحياتية التي أفرزتها الحرب.

وأشارت إلى أنّ العوائل في خيام النزوح صارت تعتمد على أفران الطينة بشكلٍ أساسي في صناعة ليس الخبز فحسب بل بعض المأكولات والحلويات، وتسخين المياه خاصة في فصل الشتاء.

صورة واتساب بتاريخ 1446-03-13 في 14.06.40_13a4ce32.jpg

صورة واتساب بتاريخ 1446-03-13 في 14.06.40_41eeedec.jpg

صورة واتساب بتاريخ 1446-03-13 في 14.06.40_30ec8373.jpg
لف العجلة..

وجد بعض الفلسطينيين العاملين في مجال الخياطة أنفسهم محاصرين بانقطاع الكهرباء ونفاذ الوقود الاحتياطي من الأسواق؛ بفعل استمرار الحرب والحصار، ما أدى لتهديد مصدر رزقهم الوحيد، ومن هنا كانت "الحاجة أم الاختراع".

ابتكر عدد من هؤلاء ومنهم الخياط ماهر خليل، فكرة جديدة عبر تشغيل ماكينة الخياطة من خلال دراجة هوائية تعمل على تحريكها يدويًا، وقال إنّ الدافع وراء هذا الابتكار هو سوء الأحوال المعيشية والاقتصادية ورغبته في إعالة أسرته وعدم التوقف عند نقطة ما في الحياة بانتظار الفرج دون سعي.

وتعتمد الفكرة على تثبيت دراجة هوائية على قاعدة حديدية حيث يتم ربط المحرك الخلفي للدراجة ومحركة آلة الخياطة بواسطة قطعة بلاستيكية تعمل على دوران المحرك فور تحريك المحركات الخاصة بالدراجة من قبل شخص آخر.

وأضاف خليل أنّ استعان بأحد الفتية من أقاربه للعمل معه في لف العجلة مقابل أجر مادي يتراوح ما بين 15 لـ 20 شيكلًا يوميًا حسب العمل، موضحًا أنّ مهنتهم حاليًا تتركز على رقع الملابس وإصلاح التالف منها وتصغير مقاساتها بما يتناسب مع أجساد الزبائن.

رتق الأحذية وصناعتها..

منع الاحتلال منذ بداية الحرب إدخال الأحذية إلى قطاع غزة، ترافق ذلك مع استهدافات عنيفة طالت مخازن البضائع وكان من بينها مستودعات الأحذية؛ ما تسبب في نقص حاد بتوفر الأحذية وارتفاع أسعار المتوفر منها بشكلٍ غير مسبوق، وصل بعضها 200 شيكل.

هذه الظروف أنعشت مهنة الإسكافي في قطاع غزة بعد أن كانت تقتصر على مواسم بعينها كالأعياد مثلًا، ومن بين العاملين فيها المواطن عبد الكريم أبو عطايا الذي كان يعمل قبل الحرب في صناعة الأحذية.

قال أبو عطايا، إنّه بسبب أزمة عدم توفر النعال في الأسواق وارتفاع أسعار المتوفر منها، وفي ظل الظروف المعيشية الصعبة، اتجه المواطنون لحياكة أحذيتهم وإصلاحها كي تُصبح صالحة للاستخدام وإلا سيضطرون للمشي حفاة في الطرقات المدمرة.

وأضاف أنّه لم يُفكر يومًا بالعمل في هذه المهنة، لكن عدم توفر الإمكانيات اللازمة لمواصلة عمله في صناعة الأحذية دفعه للتوجه إليها لإعالة أسرته، مشيرًا أنّهم يعملون لساعات متواصلة يستقبلون فيها أحذية مهترئة بشكلٍ مبالغ فيه، لكن لا حل أمام أصحابها إلا بإصلاحها قدر المستطاع.

وفي ظل انقطاع الكهرباء وعدم توفر الوقود اللازم لتشغيل الآلات، يلجأ أبو عطايا إلى الطرق البدائية في إصلاح الأحذية، مثل الإبرة والأسلاك الحديدية، والشاكوش ومسامير، وغراء وبعض أنواع الخيوط والقطع البلاستيكية.

أشار إلى أنّه يتقاضى مقابل ذلك ما بين 5 لـ 8 شواكل على الحذاء الواحد، موضحًا أنّهم يبذلون جهدًا كبيرًا لرقع الأحذية وربط الأجزاء المقطوعة منها.

وأجمع "ضيوف سند" أنّ أهالي غزة يمتلكون روح التحدي والقوة والقدرة على التكيّف مع الظروف الصعبة التي أفرزتها الحرب الطاحنة، حيث طوّعوا ما تبقى لديهم من إمكانيات ومقومات لإيجاد الحلول المناسبة التي تضمن لهم استمرار عجلة الحياة.